إن الحديث عن السُّنة النبوية الشريفة حديث ذو شجون؛ حيث إن بعض المسلمين يرى أن الالتزام بالسُّنة شيء ثانوي مع أن القرآن الكريم صرح بأن اتباع النبي “صلى الله عليه وسلم” واجب على كل مسلم
إن الحديث عن السُّنة النبوية الشريفة حديث ذو شجون؛ حيث إن بعض المسلمين يرى أن الالتزام بالسُّنة شيء ثانوي مع أن القرآن الكريم صرح بأن اتباع النبي “صلى الله عليه وسلم” واجب على كل مسلم، فقال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {7}) (الحشر)، ويقول أيضاً: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ {92}) (المائدة)، وقال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً {21}) (الأحزاب)، وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ولفظه: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “يا أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا”، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قال ثلاثاً، فقال: “لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم”، ثم قال: “ذروني ما تركتكم”.
من خلال هذه الآثار يتضح لنا أن الاقتداء بالرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم” واجب على كل مسلم ومسلمة، من هذا المنطلق سنعيش مع سُنة الرسول “صلى الله عليه وسلم” لا بنية طلب العلم فقط، ولكن سنضيف إليها نية العمل والاقتداء بسنته ” صلى الله عليه وسلم” ، وهذه باكورة مقالات ستدور حول هذا الجانب العملي الذي من خلاله نلتزم بسُنته “صلى الله عليه وسلم” ، وسنبدأ سوياً بالحديث عن بعض السنن التي هجر بعض المسلمين العمل بها:
1- كتابة الوصية:
روى البخاري بسنده عن ابن عمر “رضي الله عنه”، قال: قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وعنده شيء يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه”.
ويؤخذ من هذا الحديث الشريف:
• أن كتابة الوصية سُنة.
• أن هذه السُّنة مهجورة عند أكثر الناس.
• أن ابن عمر “رضي الله عنه” لما سمع النبي “صلى الله عليه وسلم” يقول ذلك، كتب وصيته.
• أن الوصية سُنة، لكن أحياناً تكون واجبـة، وذلك إذا كان على الإنسان ديون أو حقوق للناس، فهنا يجب على المسلم أن يكتب وصيته، وأن يكتب هذه الحقوق؛ حتى لا تضيع حقوق الناس، فاحرص أخي المسلم على كتابة وصيتك، وكتابة ما عليك من حقوق للناس.
2- نفض الفراش عند الإيواء إلى الفراش:
روى مسلم بسنده عن أبي هريرة “رضي الله عنه”، قال: قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخِلَة إزاره فلينفض بها فراشه، ويسمِّ الله، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه”.
ويؤخذ من هذا الحديث:
• استحباب نفض الفراش قبل النوم.
• وأن يقول المسلم: بسم الله.
الحكمة من النفض؛ لأنه قد يكون على الفراش هوام وهو لا يدري فيحصل ما لا تحمد عقباه، فاحرص أخي المسلم على تطبيق هذه السُّنة التي هجرها الكثير من المسلمين.
3- التطيب وعدم رد الطيب:
روى البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كنت أطيب النبي “صلى الله عليه وسلم” بأطيب ما نجد، حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته”، وروى البخاري بسنده عن أنس “رضي الله عنه” أن النبي “صلى الله عليه وسلم” كان لا يرد الطيب، وروى مسلم بسنده عن أبي هريرة “رضي الله عنه” قال: قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم” “من عُرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل، طيب الرائحة”.
4- السلام على من عرفت ومن لم تعرف:
روى البخاري بسنده عن عبد الله بن عمرو”رضي الله عنه” : أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: “تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف”.
ولقد هجر هذه السُّنة كثير من المسلمين حتى أصبح من يسلم قليلاً، ومن يرد السلام عليه أقل، بل ربما تقول له: السلام عليكم، فيقول لك: مرحباً أو أهلاً، أو يحرك لك رأسه، أو يشير بيده كما يفعل اليهود والنصارى، أولا تسمع منه إلا حرف السين والله تعالى يقول: (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (النساء:86)، ومن السُّنة أن يستأذن المسلم ثلاثاً وإلا فليرجع: عن أبي سعيد الخدري “رضي الله عنه” قال: سلم عبدالله بن قيس على عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” ثلاث مرات فلم يؤذن له فرجع، فأرسل عمر بن الخطاب في أثره فقال: لِمَ رجعت؟ قال: إني سمعت رسول الله “صلى الله عليه وسلم” يقول: “إذا سلم أحدكم ثلاثاً فلم يُجَب فليرجع” (رواه البخاري ومسلم).