وصلت الأزمة السورية إلى مرحلة اختلطت فيها كل الأوراق، وتشابكت فيها كل الخطوط، وتعقدت الحلول، فقد أصبحت الساحة السورية مجالاً لتدخل قوى دولية وإقليمية كثيرة.
كان آخرها إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” عزم بلاده فرض مناطق حظر جوي بسورية، مما يربك الموقف تماماً؛ حيث إن هذه المناطق تعج سماؤها بطائرات لدول عديدة (التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا وروسيا وإيران والنظام السوري وأخيراً تركيا)، فكيف سيتم تنفيذ الحظر؟ كما يبدو أن هذا الحظر يستهدف وقف تقدم قوات المعارضة المدعومة بالطائرات والقوات التركية في شمال سورية في المقام الأول ولا يستهدف حماية الشعب السوري.
وقد بدأت التدخلات الدولية والإقليمية بسورية بتدخل إيران و”حزب الله” اللبناني في القتال مع جيش النظام، ومحاولة إنقاذ الطاغية “بشار” من السقوط بأي ثمن، وإن كان مئات الآلاف من القتلى من الشعب السوري الأعزل، وعندما لم تستطع هذه القوات الصمود أمام هجمات المعارضة رغم الفارق الكبير في العتاد، واقتربت قوات المعارضة من دخول دمشق؛ تدخلت روسيا جوياً وصاروخياً من البحر، وعندما لم يكفِ هذا الدعم؛ تدخلت بشكل سافر برياً وجوياً وبحرياً وعلى جميع الأصعدة، وألقت طائراتها وطائرات إيران والنظام السوري آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ على المدنيين العزل في جميع المناطق الثائرة بسورية، وتسببت في آلاف الشهداء والمصابين وملايين المشردين من الشعب السوري الشقيق.
وتسبب اختلال ميزان القوة بشكل كبير جداً في سقوط عدد من المناطق بيد مليشيات “بشار” وداعميه؛ مما جعل المعارضة ترضخ لاتفاق وقف إطلاق النار، وتذهب للمباحثات بأستانة التي تشارك بها تركيا إلى جانب روسيا وإيران.
والآن تحاول روسياً الإعلان رسمياً عن احتلالها لسورية بفرض دستور جديد للبلاد.
فإلى متى تظل الدول العربية والإسلامية بعيدة عن التأثير في الأحداث التي تهمها بالدرجة الأولى، وتتعلق بإحدى دولها؟ والواجب دعم جهود تركيا والسعودية وقطر في حماية الشعب السوري ودعم قوى الثورة والمعارضة أمام تلك التحالفات الخارجية.
مطلوب تحرك عربي إسلامي موحد وفاعل في جميع قضايا المسلمين، حتى لا تضيع الدول العربية والإسلامية واحدة وراء أخرى، وتدمر وتشرد شعوبها، أو يتم تقسيم هذه الدول إلى دويلات.