افتتح، أمس الجمعة، المؤتمر السنوي الرابع لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة في مدينة إسطنبول تحت شعار “الانتقال الديمقراطي: الأسس والآليات”، ويستمر حتى غد الأحد.
وغاب رئيس المنتدى د. مهاتير بن محمد عن المؤتمر لانشغاله بالحملة الانتخابية في ماليزيا.
وألقى عدد من السياسيين والعلماء والمفكرين كلمات افتتاحية أمثال الأمين العام للمنتدى د. عبدالرزاق المقري، ونائب رئيس المنتدى الشيخ محمد الحسن الددو، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي محمد مهدي اكر، والمفكر عبدالكريم بكار، وممثل المقاومة الفلسطينية أسامة حمدان، وكلمة للشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية ألقاها جمال العوي.
ويتضمن المؤتمر ثلاث جلسات عمل، الأولى بعنوان “الانتقال الديمقراطي؛ المفهوم- الأنماط – المعايير”، والجلسة الثانية بعنوان “تحديات الانتقال الديمقراطي”، وأما الجلسة الثالثة بعنوان “تجارب الانتقال الديمقراطي والدروس المستفادة”.
ويناقش المؤتمر إشكاليتين مركزيتين، تتعلق الأولى بآليات ومسارات التغيير التي يمكنها أن تحقق تحولاً حقيقياً لصالح الشعوب، وأوضح المنتدى في ذلك أنه مما لا ريب فيه أن الساحة المجتمعية أضحت تعج باختيارات متعددة ومختلفة تتعلق بالمداخل الشرطية الكفيلة بإنجاز الإصلاح والتغيير السياسي المنشود الذي يقتضي أن يصل إلى تفعيل دور الأمة.
وأما الإشكالية الثانية فتتعلق بمنطقة رمادية مغيبة في الفكر العربي والإسلامي عامة، وهي التي تعنى بتدبير المرحلة الانتقالية، وقال المنتدى في ذلك: لقد أثبتت ثورات الشعوب العربية أن إسقاط النظام لا يعني بالضرورة نجاح التحول الديمقراطي، فكيف يمكن تدبير هذا الانتقال حتى يحقق مقاصده ولا يرتد إلى نكوص وإحباط؟ وكيف يمكن تدبير المرحلة الانتقالية ضمن تدافع القوى المجتمعية المتنوعة والمختلفة؟ وما الذي تقدمه لنا تجارب الانتقال الديمقراطي في الدول التي عاشت تلك المرحلة من دروس تفيد البيئة العربية والإسلامية.
وفي كلمته، قال الداعية الإسلامي عبد الكريم بكار، إن “الأمة الإسلامية تحتاج إلى ثورة في تحديد المفاهيم، وينبغي أن ننشرها على القاعدة الشعبية العريضة، لأننا بأمس الحاجة إلى التفكير النقدي والعلمي والإبداعي”.
وأضاف: “الناس ليسوا بحاجة إلى من يحكمهم، بقدر ما يتطلعون إلى من يقوم بالإنصاف معهم”.
وأوضح بكار أن “الناس يريدون أن يحكمهم من يمثلهم، مع قدر معقول ومقبول من الحرية والازدهار الاقتصادي والأمن والاستقرار”.
وأشار إلى أن “أي حكومة تحقق هذا الشيء ستنتخب مرات ومرات، وحكومة العدالة والتنمية في تركيا تشهد على ذلك”.
بدوره، قال جمال العوي في كلمة نيابة عن رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي: إن “من مميزات الثورة التونسية (2011) أنها أطلقت شرارة ثورات “الربيع العربي”، وأثبتت تجربة الانتقال الديمقراطي في بلادنا أن الانتقال الحقيقي يكون من خلال الشعب”.
واعتبر أن “الشعب التونسي أبدع في الإمكانيات الموجودة من إصلاحات ومبادرات، وتحويلها إلى ورشات للإصلاح”.
ورأى أن “التونسيين يفتخرون اليوم بثورة أثبتت قدرتها على الإنجاز من خلال التداول السلمي للسلطة، وهي متواصلة حتى تحقق أهداف الثورة، وأهمية التنمية والتشغيل”.
وأضاف: “ما زالت حركة النهضة توجه الدعوة إلى خدمة الصالح العام، ذات أولويات موحدة، والمصالح الوطنية للتونسيين، للمساهمة في التقدم بتونس وحماية أرضها من الإرهاب”.
وتابع: “ستواصل النهضة تعاونها مع الجميع في تونس من خلال إصلاحات تعزز حرياتهم، وسنواصل التجربة في فتح العلاقات الخارجية، وكسب الكثير من الأصدقاء الداعمين للتجربة”.
من جانبه، اعتبر القيادي في “حماس” أسامة حمدان، أن “الكثير اغتصب السلطة باسم صناديق الاقتراع، فقد تفوز بالانتخابات ويأخذها غيرك بالانقلاب، أو من خلال الصعاب والبيئات السياسية التي تجدها ما بعد السيطرة على السلطة”.
وأشار إلى أن “القضية الفلسطينية تتعرض للتصفية، وفلسفة الرئيس الأمريكي الجديد (دونالد ترمب) في تصفيتها من خلال تحويل الكيان الصهيوني إلى عضو طبيعي في المنطقة، واستقرار الكيان الصهيوني يأتي من خلال إعادة التحالفات في المنطقة لكي تستمر السيطرة على المنطقة، وعدم تحقيق الديمقراطية هناك”.
وشدد حمدان على أن “الدفاع عن تصفية القضية الفلسطينية ليس دفاعاً عن فلسطين، بل عن المنطقة ومستقبلها”.
وأكد أننا “سنعمل على تفعيل دور شعبنا في كل مكان، لكن أمتنا مطلوب منها أن توصل رسالة أن القدس للأمة كلها، وأن المقاومة من أجل تحرير القدس ليست مهمة فلسطينية، بل من مهمة الأمة الإسلامية كلها”.
وفي كلمة له عن الحكومة التركية، شدد الوزير السابق أكر، أن “الحل للحرب العالمية الثانية هو الاجتماع تحت مظلة واحدة، والحل اليوم هو الاندماج تحت مظلة واحدة، والوحدة وعدم التشتت”.
وأشار إلى أن “القيم التي تمتلكها الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتشاركية والتعددية، والاقتصاد غير المحدد، فحينما ندرس التاريخ الإسلامي والسيرة نبوية، ونجد الفترة التي ازدهر بها الإسلام، سنجدها تعززت فيها تلك المفاهيم”.
ورأى أكر أن “الديمقراطية هي قوة وإرادة الشعب، وحينما يجتمع الشعب على فكرة معينة فهذا لا يتعارض مع الإسلام”.
ومنتدى كولالمبور هو مؤسسة فكرية عالمية تأسس سنة 2014 بماليزيا من قبل نشطاء في العمل الإسلامي من أجل الانبعاث الحضاري للأمة.
ومن أهدافه: عقـد مؤتمـر سـنوي للمنتـدى يعالـج قضيـة فكريـة محـددة وينتهـي برؤيـة عامـة يتـم إيصالهـا لصنـاع الـرأي وأصحـاب القـرار فـي الأمة الإسلامية.
ويقدم المنتدى جائزة د. مهاتير بن محمد للإبداع الفكري هي إحدى فعاليات منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة التي تهدف إلى تشجيع البحث العلمي والإبداع الفكري في القضايا والإشكالات المركزية التي تهم المجتمع الإسلامي والإنساني بشكل عام، وهي جائزة ترتبط بالقضايا الأساسية التي يعالجها المنتدى في كل مؤتمر.