يتناول العلامة الراحل د. يوسف القرضاوي، في كتابه «ثقافة الدعاة» أهمية النظر إلى الدعوة إلى الله باعتبارها رسالة عظيمة لخدمة الإسلام، خالصًا متكاملًا، غير مشوب ولا مجزَّأ.
ويبين القرضاوي في كتابه الصادر عام 1976، الذي يعد زاداً طيباً للدعاة، أن الداعية في حاجة إلى مجموعة من الثقافات، هي: الثقافة الدينية، والتاريخية، والأدبية واللغوية، والإنسانية، والعلمية، والواقعية.
ويتابع أن المطلوب من الداعية الناجح أن يتمثل هذه الثقافات ويهضمها، ويكوِّن منها مزيجًا جديدًا طيبًا نافعًا، مؤكدا أن هذه الدعوة في حاجة إلى دعاة أقوياء، يتناسبون مع عظمتها وشمولها، قادرين على أن يمدُّوا أشعة ضيائها في أنفس الناس وعقولهم وضمائرهم، بعد أن تشرق بها جوانحهم هم، وتستضيء بها حياتهم.
ويشدد الكاتب على أهمية العناية بتكوين الدعاة، وإعدادهم الإعداد المتكامل، وإلا أُصيبت كلُّ مشروعات الدعوة بالخيبة والإخفاق، في الداخل والخارج، لأن شرطها الأول لم يتحقَّق، وهو الداعية المهيَّأ لحمل الرسالة.
ويستعرض المؤلف أهم الأسلحة التي يجب أن يتسلح بها الداعية، وأولها سلاح الإيمان، فبدونه يبطل كلُّ سلاح، وتفشل كلُّ ذخيرة، وليس الإيمان بالتمنِّي، ولكن ما وقر في القلب وصدَّقه العمل.
وثاني هذه الأسلحة، هو: الأخلاق، وهي من لوازم الإيمان الحقِّ وثماره، وثالث هذه الأسلحة هو: العلم أو الثقافة، فهذه هي العدَّة الفكرية للداعية، بجوار العدَّة الروحية والأخلاقية.
ويوضح القرضاوي طبيعة الجانب الفكري أو الثقافي المطلوب للداعية المسلم، مجيباً على تساؤلات منها: كيف يعدُّ الداعية نفسه، أو كيف نعدُّه نحن الإعداد الثقافي المنشود؟ وما الثقافة اللازمة للداعية إن أردنا أن ننشئ مدرسة للدعاة، أو كلية للدعوة، أو أراد أحدنا أن يكوِّن من نفسه داعية قادرًا على التوجيه والتأثير؟