«أوباما» يُمطر مسيحيي العراق الذين «قد» يتعرضون لقتل عرقي بآلاف الوجبات وزجاجات المياه.. وينفِّذ ضربات جوية ضد سُنة العراق
«أوباما» يُمطر مسيحيي العراق الذين «قد» يتعرضون لقتل عرقي بآلاف الوجبات وزجاجات المياه.. وينفِّذ ضربات جوية ضد سُنة العراقإن المسرحية المفتعلة المسماة «مسيحيو العراق» جديرة بوقفة تحليلية، خاصة وأنها توضح وتؤكد ازدواجية المعايير والتعامل بوجهين، إضافة إلى عبودية وتنازلات قادة هذا العالم، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وشركائهما، للكيان الحربي القائم على إبادة الآخر والمسمى «إسرائيل».
ومن الواجب توضيح أن الخطوط العريضة لهذه المسرحية ترجع إلى عدة سنوات، قبل حتى أن يتوجه البابا «بنديكت 16» إلى هيئة الأمم ليطالب بحماية «مسيحيو الشرق الأوسط»، ويعطي إشارة البدء لحملة إعلامية للتابعين له لاستخدام عبارة «الأقليات المسيحية»، أو «مسيحيو الشرق الأوسط»، لتبرير التدخلات الجديدة في البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
وتتبدل الصياغات المستخدمة من «مسيحيو الشرق الأوسط» أو «الأقليات المسيحية في مصر»، أو مجرد «مسيحيو الشرق»، إلا أن الأحداث القريبة منا والتي بدأت فجر يوم الخميس 7 أغسطس 2014م، تتسم بأنها تكشف، إثر وقوعها، المتناقضات والتحيّزات بصورة فجة مثيرة للقرف.
ولتبسيط الرؤية العامة لهذه المسرحية لابد من الإشارة إلى أن الموضوع متعلق بالمقارنة بين مأساتين من مآسي الأحداث الجارية: القتل العرقي المتعمد للفلسطينيين في غزة، بكل ما به من بشاعات، و«خشية» وقوع قتل عرقي لمسيحيي العراق!
كيف دارت الأحداث؟
في فجر يوم الخميس 7 أغسطس استولى مقاتلو الدولة الإسلامية (داعش) على مدينة قرقوش، أكبر مدينة ذات أغلبية مسيحية في العراق، بعد انسحاب الأكراد، وفي نفس ذلك اليوم صباحاً، تم توجيه خطاب إلى البابا «فرنسيس» والقيادات الأسقفية في العالم و«وكالة الأنباء الفرنسية»، وذلك من قِبل المونسنيور «لويس رفائيل ساكو»، بطريرك الكلدانيين، والتعبير عن خشيته من حدوث «قتل عرقي» للمسيحيين، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته وطالب «بتصرفات محددة» لصالح مسيحيي العراق، الذين «أصبحت حياتهم مهددة اليوم»، ويقولها بوضوح لا ريب فيه: «خشيته»؛ أي مجرد خشية!
ثم بادر بإدانة أنانية القوى العظمى الذين «يحملون مسؤولية إنسانية ومعنوية» في نظره حيال هؤلاء البؤساء المضطرين إلى الفرار، ثم سارع بإضافة أن الحل يوجد فقط في أيدي المجتمع الدولي، بدءاً بالقوى العظمى، لذلك يسارع بمخاطبة ضمائرهم حتى يمكنها مراجعة مواقفها وتعيد تقييم الموقف الحالي.
وتتصاعد وتيرة الخطاب ليضيف قائلاً: «اليوم نوجه النداء بكثير من الألم والحزن إلى مجلس أمن هيئة الأمم، والاتحاد الأوروبي، وكافة المنظمات الإنسانية لمساعدة هؤلاء الذين يواجهون خطر الموت».. ولم يفُت الأب «ساكو» أن يضيف بعد مضاعفة عدد المسيحيين، ليؤكد أن مائة ألف مسيحي اضطروا للنزوح، وراح يتحدث عن «مأساة إنسانية»، في حين أن وثائق الإحصاءات تؤكد أن عدد سكان المدينة كلها خمسون ألف نسمة!
اجتماع فوري
وعلى الفور، قام وزير الخارجية الفرنسية، «لوران فابيوس»، مدفوعاً بحماس يُضرب به المثل، ليطالب باجتماع فوري وغير عادي لمجلس الأمن لتدارس مصير العراق وشعوبه التي تطاردها الدولة الإسلامية، ودارت مناقشات فورية في مجلس الأمن مساء نفس يوم الخميس بناء على طلب «لوران فابيوس»! إلا أن مجلس الأمن الذي انعقد مساء نفس ذلك اليوم، أي الخميس 7 أغسطس 2014م، أصر على أن تكون الجلسة سرية! والموقف برمته في غنى عن أي تعليق.
ومن الملاحظ أن هذا المطلب قد تم بعد عدة ساعات من الاستيلاء على مدينة قرقوش، وكانت تضم خمسين ألف نسمة، إضافة إلى العديد من المسيحيين المطرودين من الموصل التي سقطت في أيدي مسلحي السُّنة يوم 10 يونيو 2014م.
وفي الوقت نفسه، وفي توافق مدروس، كان البابا «فرنسيس» قد قام – قبل طلب «لوران فابيوس» بعدة ساعات – بإطلاق نداء في نفس يوم الخميس، إلى نفس المجتمع الدولي لحماية شعوب العراق و«تأمينهم بالمساعدات اللازمة»! وسرعان ما قام «أوباما» بإمطار مسيحيي العراق، الذين «قد» يتعرضون لقتل عرقي، بآلاف الوجبات وآلاف زجاجات مياه الشرب.
وكان البابا قد قام بتوجيه هذا النداء العاجل إلى المجتمع الدولي؛ حتى يسخِّر نفسه لوضع حد للمأساة الإنسانية الدائرة وحماية الشعوب الفارَّة.
وفي هذا النداء الذي قرأه نيابة عنه المتحدث باسمه، الأب «فدريكو لومباردي»، حدد البابا أنه: «يتضامن مع نداءات الأساقفة الملحّة في المنطقة من أجل السلام، ويطالب المجتمع الدولي حماية وتوصيل المساعدات اللازمة للسكان الفارين».
غزو العراق
وهنا نوضح، بما أن التوضيح يساعد على رؤية أفضل للأمور؛ أنه قبل الغزو الأمريكي عام 2003م، كان يعيش في العراق أكثر من مليون مسيحي، منهم ستمائة ألف في بغداد، لكن بسبب العنف المدمر الذي اجتاح البلاد ولمدة عشر سنوات، فقد تقلص عدد المسيحيين إلى حوالي أربعمائة ألف في العراق كله؛ وذلك بسبب فرار الباقين؛ وهو ما يعني أن هروب المسيحيين من العراق لم يتم ولم يبدأ فعلاً إلا بسبب الغزو الهدام للغزاة المسيحيين (العنصريين، المحاربين، الأمريكيين)، وليس بسبب المسلمين.
وفي هذه الأثناء، وفي توافق مع ردود فعل فرنسا، المستعدة لمساندة القوات التي تحارب مرتزقة «داعش»، قامت بمنح تأشيرات مأوى عاجلة بما أن الحكومة ترحب باستقبال الهاربين (وكان «ساركوزي» قد سبق وقدّم خمسمائة وظيفة فورية للهاربين من العراق في عهده)، كما قام البابا بإرسال ممثل له هو الكاردينال «فيلوني»، بينما راح «أوباما» يدرس توجيه ضربات موجهة محددة ضد «داعش» في شمال العراق.
كل ذلك تم بسرعة فائقة في غضون يوم الخميس 7 والجمعة 8 أغسطس! ويا لغرابة التصرفات؛ ما أن تمت دراسة فكرة توجيه الضربات الجوية حتى تم التنفيذ صباحاً، لكنها لم توجه ضد فلول «داعش»!
إن السرعة التي تحرك بها المجتمع الدولي لإنقاذ مسيحيي العراق لتكشف عن تواطؤ مخزٍ وفاضح، في مؤامرة تدور في نطاق حرب دينية غير معلنة.. ونورد لمجرد التذكرة: أن «مجمع الفاتيكان الثاني» (عام 1965م) كان قد قرر اقتلاع الإسلام وتنصير العالم، وتلته مسرحية 11 سبتمبر لتنفيذ ذلك بعد أن تلفعت بالشرعية الدولية.
القتل العرقي الحقيقي
بعد شهر من القتل المتعمّد والإبادة الذي اكتفى خلاله المجتمع الدولي بالنظر أو بإشاحة الوجه بعيداً، أو التعليق بفتور على استحياء، أعلن «نتنياهو» يوم السبت 9/8/2014م في حديث صحفي مشترك مع «موشيه يعالون»، وزير الدفاع قائلاً: «سنأخذ كل الوقت الذي نحتاجه وسنمارس كل القوة اللازمة»، ثم أضاف: «إن الجيش «الإسرائيلي» سيواصل عملياته في غزة بعد إبادة كافة أنفاق المحاربين الفلسطينيين»؛ وهو ما يعني أن هناك مجزرة قتل عرقي حقيقية أخرى قادمة لتضاف إلى تلك التي تمت طوال شهر يوليو، ولم ترتفع أي أصوات لتردعه أو لتدافع عن الفلسطينيين.
إن هذه العبارة السلطوية المتغطرسة، التي نطق بها «نتنياهو» بعد أن قام فعلاً بتنفيذ عملية قتل عرقي، في مجزرة حقيقية، بما أنه أباد أكثر من 2000 فلسطيني، فالعدد يتزايد بسبب عشرة آلاف من الجرحى الذين يعانون من إصابات بالغة، معظمهم من المدنيين والنساء والأطفال؛ وبعد أن دك بوحشية بهيمية كل البنية التحتية لمدينة خاضعة للحصار المفروض عليها منذ قرابة عشر سنوات، وبعد أن هدّم بصلف فاجر محطة الكهرباء الوحيدة الباقية في غزة، وهدّم أحياء بكاملها، ومستشفيات، ومدارس، منها 7 تابعة لـ«الأنروا»، و133 منشأة تابعة للأمم المتحدة، ومساجد دكها دكاً، ورغم ذلك، اكتفى عظماء هذا المجتمع الدولي بالتعليق ببرود؛ فقد قام البابا بصلاة جماعية، بعد أن كان قد وضع إكليلاً من الزهور على قبر مؤسس الصهيونية، ورفضت فرنسا التدخل لوقف الهجوم على غزة، أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد قامت بإرسال ثلاث بواخر مكدسة بالسلاح مساندة لـ«إسرائيل»!
ترى هل من الصعب إلى ذلك الحد إعلان أن «إسرائيل» قامت فعلاً بجرائم حرب يصعب وصفها من بشاعتها، أو تأكيد أن «إسرائيل» اقترفت فعلاً مجزرة وحشية، مجزرة أسوأ من كافة الحروب السابقة التي دارت على الأرض؛ لأنها تعمدت سحق شعب بأسره خاضع للحصار منذ عشر سنوات؟ هل من الصعب إلى ذلك الحد دفع المسؤولين عن هذه الجرائم وكل هذه المذابح وكل هذا التدمير المتعمد إلى محكمة العدل الدولية لمحاسبتهم؟! أم ترى، هل يجب اضطرارنا إلى قول: لو كان هؤلاء الفلسطينيون مسيحيين لتحرك المجتمع الدولي في عدة ساعات للدفاع عنهم؟!
حقيقة «داعش»: فيما يلي تلخيص أو اختيارات مما نطالعه في بعض المواقع الجادة خاصة موقع «Veteran Today»؛ أن الخليفة البغدادي عميل لـ«الموساد»، وُلد من أب وأم يهوديين، وأن الاسم الحقيقي لأبي بكر البغدادي هو «شيمون إليوت»، وهذا «الإليوت» قد جنَّده «الموساد» الصهيوني وتم تدريبه على التجسس وعلى العمليات الأرضية، وقد خضع لتدريبات عسكرية متعددة ومر بالعديد من الاختبارات ليمكنه من قيادة عمليات هادمة لحياة العرب والمسلمين والفكر الإسلامي، ليقود إستراتيجية هادمة لهذه المجتمعات.
وتنظيم «داعش» هو فرع من «تنظيم القاعدة» في العراق وسورية، ويوجد على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، وتقوم بتمويله الولايات المتحدة، ووافق «الكونجرس» على التمويل بموجب قانون تمت الموافقة عليه للعام الضريبي 2014م في جلسة سرية، وهو ساري المفعول حتى 30 سبتمبر 2014م.
وهناك معلومة أخرى تضيف مزيداً من الوضوح في هذا الموقف؛ أن أبا بكر البغدادي كان سجيناً في «جوانتانامو» من 2004 – 2009م، وخلال هذه الفترة قامت كل من «السي آي إيه»، و«الموساد» بتجنيده لتكوين فريق يمكن تجميعه من «المجاهدين»، من مختلف البلدان في مكان معيّن، ليكونوا بعيداً عن «إسرائيل»، وخطة أو سبب تكوين هذا الجاسوس هو التسلل إلى الأوساط العسكرية والمدنية للبلدان التي تم الإعلان عن أنها تسبب تهديداً لـ«إسرائيل»، حتى يمكن هدمها لتسهيل عملية قيام الدولة الصهيونية بالسيطرة على كل المنطقة وإقامة «إسرائيل» الكبرى.
وبعد أن تم تجميع معظم المتعصبين من كافة أنحاء العالم في مكان واحد، وتكوين ما يمكن تسميته جيش حقيقي للشيطان، رافعاً راية سوداء عليها شارة «لا إله إلا الله»؛ لغرس كراهية العالم ضد الإسلام، وهو جيش مكوّن من دمويين يذبحون ضحاياهم بلا أي رحمة، يقتلونهم ببرود غريب، بل ولا يترددون في تصوير بشاعة ما يقترفونه وتوزيعه على المواقع الاجتماعية والإعلام، إن تصرفاتهم تتسم بوحشية لا يمكن تصورها.
ولكي يصل المرء إلى هذا المستوى من اللا إنسانية، التي لا يمكن لبشر أن يقبلها أو يتحملها، لابد وأن يكون ذلك الشخص مخدراً تماماً وواقعاً تحت تأثير التوجيه، ومعتاداً على رؤية الدم والبشاعة، وهو عمل تقوم به الآلة الحربية الأمريكية الصهيونية منذ زمن بعيد.
وباختصار شديد، فإن هذا الجيش الإسلامي المزعوم، لا علاقة له مطلقاً بالإسلام، وقد تم تكوينه بدلاً من مرتزقة «البلاك ووتر» باهظي التكاليف بالنسبة لميزانية دولة وشيكة على الانهيار (أمريكا)، لمحاربة الإسلام بأيدي مسلمين!