رفضت الإدارة الأميركية، أمس الأربعاء، مقترحاً تقدمت به دول أوروبية وأفريقية لإنشاء آلية مالية عاجلة داخل صندوق النقد الدولي لتقديم السيولة المطلوبة بالعملات الصعبة من قبل الاقتصادات الناشئة الأقل دخلاً وتواجه أزمات مالية حادة لمكافحة وباء “كوفيد 19 وتداعياته”.
ونسبت صحيفة ” فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى وزير المالية الفرنسي برونو لومير قوله، أمس الأربعاء، “تحدثت مرتين مع وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، وكان رده لا”. ولم تمنح الولايات المتحدة تفسيراً لسبب رفضها الموافقة على إنشاء هذه الآلية التي ستساعد الاقتصادات الناشئة على الحصول على عملات صعبة في وقت تواجه فيه بنوكها نضوب رصيدها الأجنبي.
ويتلخص المقترح الذي تقدمت به كل من فرنسا وألمانيا وعدد من الدول الأوروبية والأفريقية بإنشاء صندوق النقد الدولي “محفظة أصول” تمنح هذه الدول فرصة السحب من تمويلات الصندوق البالغة تريليون دولار. ومعروف أن موافقة الولايات المتحدة التي تملك أكبر حصة في حقوق السحب الخاصة بالصندوق مهمة لإجازة مثل هذا القرار. وكان من المقرر أن تضاف الآلية الجديدة المقترحة إلى جهود تعليق الديون الذي أقرته مجموعة العشرين في اجتماعها الأسبوع الماضي.
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد تراب قد أمر بتجميد تمويل منظمة الصحة العالمية، متهماً إياها بممارسة “التعتيم” بشأن انتشار فيروس كورونا، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس، المجتمع الدولي، إلى الوحدة وتضافر الجهود للتصدي للفيروس.
ومن المتوقع أن يقابل القرار الأميركي باعتراضات واسعة حينما يعقد اجتماع صندوق النقد الدولي في عطلة الأسبوع عبر “الفيديو كونفرس”. وكانت كل من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من كبار المتحمسين لإنشاء آلية الصندوق الخاصة بمساعدة الدول الفقيرة.
وكان خبراء دوليون في شؤون المصارف والمال قد نصحوا المجتمع الدولي بضرورة تحرك سريع من قبل البنوك المركزية في مجموعة السبع الصناعية وصندوق النقد الدولي لتلافي حدوث أزمة مالية في الاقتصادات الناشئة، خاصة الأقل دخلاً، حيث تعاني هذه الاقتصادات في الوقت الراهن من ثلاث أزمات مالية تتفاعل كلها لتعطي مزيجاً سامّاً يهددها بالإفلاس.
وهذه الثلاث أزمات، هي تراجع أسعار وكميات صادراتها من السلع الأولية، وبالتالي تراجع دخلها بالعملات الصعبة، وثانياً: أزمة تلبية حاجات الاستيراد الخارجي من أدوية وأغذية ومعدات طبية لمكافحة الفيروس ” كوفيد 19″، ويتم هذا الاستيراد بالعملات الصعبة. أما الأزمة الثالثة فهي الضغوط التي يسببها ارتفاع الدولار مقابل عملاتها المحلية.
ويرى الخبير المصرفي البريطاني، ماركوس أشويرث، في تحليل الأسبوع الماضي، أن أزمة العملات بالاقتصادات الناشئة في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية تحتاج إلى تدخل عاجل من قبل البنوك المركزية الكبرى، شبيه بما قامت به المصارف المركزية لقمّة السبع في التسعينيات من القرن الماضي، حينما تدخلت لحماية الاقتصادات الآسيوية من ارتفاع الين مقابل الدولار.