لطالما اتهمت فرنسا المسلمين بالإرهاب وسعيهم لتغيير ثقافة وهوية الدولة والجمهورية العلمانية، بيد أن تقريرا نشرته صحيفة “ميديا بارت” الفرنسية عن “الإرهاب الفرنسي” داخل البلاد، وحجم جمعيات التطرف اليمينية العنصرية، خاصة ضد المسلمين أظهر حجم العنصرية ضد المسلمين.
موقع ميديا بارت (Mediapart) كشف في تحقيقه يوم 12 يونية 2021 عن الجماعات اليمينية الفرنسية المتطرفة عموما أن إحدى هذه المجموعات المتطرفة، وهي “حركة القوات العملياتية” أو AFO، وصل بها الأمر حد التخطيط لقتل المسلمين عبر تسميم المواد الغذائية التي يشترونها بمحلات “حلال” بـ”سم الفئران”!.
وقال الموقع: إنه خلال تجسس الاستخبارات الفرنسية على بعض هذه المجموعات المتطرفة لرصد أنشطتها، اكتشفت أنهم كانوا يخططون عام 2018 لتسميم المنتجات الغذائية في محلات بيع الطعام الحلال، بهدف قتل المسلمين الذين يشترون منها، لكن لم يتم كشف ذلك إلا بعد 3 سنوات!!
وقال موقع ميديا بارت إن إدارة الأمن الخارجي الفرنسية فتحت تحقيقا أوليا في منتصف أبريل 2021 لشعورها أن هذه الخطط لا تزال موجودة، وقد تنفذ في أي وقت لتسميم مسلمين وقتلهم، خاصة بعد تأكيد أجهزة الأمن السرية البلجيكية أن عضوين من المتطرفين -هما أخيل وتومي- اشتريا مسدسات من محل في بلجيكا.
وأوضح الموقع الفرنسي أن “المديرية العامة للأمن الداخلي” علمت بالمخطط عبر عميل زرعته في صفوف الجماعة اليمينية المتطرفة، ولولا أنها سارعت للقبض على 15 عضوا من أعضاء هذه الحركة التي حرضت على “محاربة المسلمين وتنفيذ أعمال عنف”، لقتل مئات المسلمين عقب تناولهم هذه المنتجات “الحلال”!.
استغلال النقاب لوضع السم!
وقد نقل العميل الفرنسي -المدرَّب على التجسس والاختراق للأمن الفرنسي- تفاصيل اجتماع حضره شارك فيه 11 شخصا من المجموعة المتطرفة الفرنسية للتصويت على تنفيذ مخطط (عملية حلال) لقتل المسلمين بالسم، ووثّق تصويت سبعة منهم لصالح المخطط فيما عارضه اثنان واعتذر اثنان آخران عن عدم التصويت.
واكتشف العميل المندس أن أصدقاءه في المجموعة المتطرفة يخططون لطلب مبيدات تستخدم لقتل الفئران عبر الإنترنت والتسلسل لمحال اللحوم الحلال، وخلط السموم باللحوم، على أن ينفذ هذا المخطط عبر نساء فرنسيات من اليمين المتطرف يرتدين حجابا مصطنعا أو نقابا كي لا يعرفن وهن يضعن السموم فوق اللحوم.
وأوضحت “ميديا بارت” أن أعضاء الحركة هدفوا عبر عملية سميت “الحلال” إلى تسميم المنتجات الغذائية في محلات بيع الطعام الحلال، إلا أن اثنين من أعضائها عارضا تنفيذ العملية لأنهما تأكدا أنه سيموت خلالها أطفال ومسنون مسلمون أيضا.
وتقول الشرطة الفرنسية بأن “عملية الحلال”، كانت عبارة عن تسميم الأغدية على رفوف 10 محلات في الأحياء ذات الكثافة المسلمة العالية بسم يستعمل لقتل الفئران.
وتشهد فرنسا -حيث يعيش حوالي 5 ملايين مسلم- ارتفاعا متزايدا في تناول المنتجات الغذائية الحلال، وفق دراسة قام بها المعهد الأمريكي المستقل (بيو) للبحوث إضافة إلى المعهد الوطني الفرنسي لإحصائيات والدراسات الاقتصادية، وهو ما سعى الإرهابيون الفرنسيون لاستغلاله لتسميم وقتل أكبر عدد من المسلمين.
وتشير الأرقام التي نشرها الاتحاد الفرنسي للتسويق والتوزيع إلى ارتفاع القيمة الإجمالية لمبيعات اللحوم المجمدة “حلال” بـ18.9% في المحلات الكبرى خلال عام 2020 وبـ9.2% في المحلات الأصغر على الرغم من الأزمة الصحية التي تمر بها فرنسا وصعوبة تنقل الزبائن من مكان إلى آخر.
التخطيط لقتل 200 إمام مسلم
لم يقتصر إرهاب هذه المجموعة على قتل المسلمين عبر الطعام الذي يتناولونه فقط، بل كشفت “المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي” أنهم كانوا يستعدون بالفعل لقتل 200 من أئمة المساجد الفرنسية.
وأنه تم، خلال عمليات التفتيش التي أجريت في منازل المشتبه بهم، وبينهم موظفون عموميون وعناصر شرطة متقاعدون وجنود سابقون، ضبط مواد تستخدم في صناعة المتفجرات وكميات كبيرة من الأسلحة لقتل هؤلاء الأئمة واستهداف المسلمين، وأن بعضهم كان يختبر قنبلة محلية الصنع لدراسة مدى تأثيرها قبل إلقائها على سيارة يقودها بعض المسلمين والفرار من المكان لكن الشرطة قبضت عليهم.
ولا يوجد إحصاء بعدد الأمة في فرنسا، ولكن فيها نحو 2600 مسجد بحسب الداخلية الفرنسية أو 3000 بحسب مجلس الشيوخ الفرنسي، و70% من الأئمة الذين يُمارسون عملهم في فرنسا ليسوا فرنسيّين، بحسب صحيفة نيويورك تايمز 6 فبراير 2019.
وعام 2018، أرسلت الجزائر ما يقرب من 100 إمام للعمل في فرنسا، والمغرب وتونس ساهمتا بعددٍ مُقارِب، ووفقاً لصحيفة “لوبوان” الإخباريّة الأسبوعية، أعارت تركيا 200 إمام لفرنسا وتشرف على 250 مسجدا.
وأشار المدعي العام لباريس في تقريره إلى تنفيذ 13 عملية اختراق لمجموعات متطرفة عام 2018 وأن بعض العمليات لم تنتهِ بعد.
ويحدث هذا في الوقت الذي تتنامى فيه خطابات اليمين المتطرف تجاه المسلمين في فرنسا، كما تعددت الاعتداءات التي يقودها متطرفون ضد المسلمين ودور العبادة، سواء عبر إساءات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو خطابات عنيفة يتم ترويجها على وسائل الإعلام الفرنسية، أو حتى رسوم وعبارات تسيء إلى الدين الإسلامي ترسم على جدران المساجد.
المصدر:
https://www.mediapart.fr/journal/france/120621/comment-un-infiltre-berne-des-patriotes-qui-projetaient-des-attentats-islamophobes