إذا كان الناس بطبيعتهم يُبعدون أنفسهم عن المشاكل والمخاطر فإن الواقع لطلبة مركز “رسل” في مدينة غزة مُختلف؛ فهم يبحثون عن المشاكل التي تواجه القطاع ويعملون على إيجاد حلول لها؛ الأمر الذي يجعلهم يتجولون في المناطق المُختلفة بحثاً عن مشكلة هنا أو هنالك؛ ليجدوا من خلال التفكير والعمل والإبداع حلاً لها وتخفيف معاناة الآخرين.
دفيئة زراعية
قرب الكثير من الأراضي الزراعية الحدودية من تواجد جنود الاحتلال، يجعل المزارعين لتلك المناطق يتعرضون لمخاطر شديدة؛ نظراً لأن الاحتلال في نظر أسلحته الكل مستهدف؛ فكثيرا ما كان يطلق النيران على المزارعين أثناء عملهم في أراضيهم، وكثيرا ما كان يتم حرق محاصيلهم؛ فيسبب لهم خسائر فادحة.
ولأنها مناطق حدودية خطيرة ذلك يجعل المزارع الغزي في خطر دائم؛ الأمر الذي يجعله لا يستطيع أن يصل إلى أرضه ورعايته؛ فكل خطوة من الممكن أن يكون ثمنها حياته.
هذا الأمر جعل الطالبين في مركز “رسل.. موهبة وإبداع” التابع لمعهد الأمل للأيتام، رواد العمراني (17سنة)، وزميله محمد صلاح (15سنة) يفكران في إيجاد حل لمساعدة المزارع في الاهتمام بأرضه بعيداً عن الخطر أو التقليل منه قدر المستطاع؛ حيث يقول رواد لمراسلة “المجتمع”: “لقد فكرت مع زميلي في محاولة إيجاد الحل وبالفعل تم التفكير ضمن الإمكانيات المتوفرة حتى وإن تعذر إيجاد كل المستلزمات؛ فتم إنجاز الفكرة التي تتمثل في عمل دفيئة زراعية ذكية”.
ويضيف:” أنها تعمل على حماية النباتات من الإصابة بالإمراض من خلال أجهزة التحكم عن بعد؛ فحينما يتم وجود مرض يهدد النباتات التي أقيمت عليها الفكرة فإنه مباشرة يتم إعطاء إشارة بأن هنالك خطرا يهدد هذه النباتات؛ فيتم إجراء اللازم وحماية المزروعات قبل أن يصلها المرض”.
ويذكر أنه من خلال الفكرة يتم كذلك سقي المزروعات من خلال التحكم عن بعد، وفي ذلك حماية للمزارع بأن يهتم بالمزروعات، ويعمل على سقيها وبنفس الوقت دون أن يتواجد في الأرض الحدودية القريبة من الاحتلال، وبذلك تكون فكرة المشروع حماية للمزارع.
معرفة الأمراض
ومن خلال فكرة الجهاز يتم حماية المزروعات من الأمراض والتعرف إن كانت خطيرة أم لا؛ حيث يوضح محمد في حديثة لـ”المجتمع”، أنه من خلال التقاط صورة للنبات المريض فإنه يتم إعطاء إشارة مباشرة لهذا المرض لمعرفة مدى خطورته؛ حيث يتم ذكر ذلك بعد التقاط الصورة والتعرف عليه.
ويلفت إلى أنه حاول مع زميله قدر الإمكان العمل على نجاح هذا المشروع حتى وإن كانت هنالك قطع هُم بحاجة لها لم تتوافر.
الطفل الموهوب
من جهتها تبين قائدة نادي التواصل والإعلام في مركز “رسل” آلاء عبيد أن هذا المركز جاء ليحتضن ويرعى الطفل الموهوب على مدار مراحل ثلاثة.
وتشير في حديثها لـ”المجتمع”، إلى أن المراحل تتمثل في إعداد الطفل الموهوب أولاً، ويتبعها فكرة الانطلاقة، لتتوج المرحل الثالثة بمشروع التخرج المتمثل في تطبيق عملي للمشروع.
وتلفت إلى أنه تم اختيار (155) طالبا وطالبة من أصل (2000)، استطاعوا الوصول إلى المرحلة النهائية في تتويج المشروع.
وتتابع في حديثها: “إن مركز رسل التابع لمعهد الأمل للأيتام يضم العديد من النوادي مثل: نادي التواصل والإعلام الذي يهدف إلى فرص إعلامية ملائمة للأطفال الموهبين لصقل شخصية إعلامية واعدة”.
التكنولوجيا والفنون
وتبين أن نادي تكنولوجيا المعلومات يهدف إلى تنمية وتطوير مواهب وقدرات الأطفال في مجالات التصميم والبرمجة والذكاء الاصطناعي والرسوم المتحركة؛ ليصبحوا قادرين على الإنتاج والإبداع في مجال الوسائط المتعددة.
وتذكر أن نادي الفنون يهدف إلى اكتشاف الموهوبين وتنمية مواهبهم وقدراتهم الفنية ودعمها واستخدام أساليب جديدة للتعبير الفني، بينما يهدف نادي العلوم والهندسة إلى تنمية قدرات ومهارات المنتسبين في المجالات العلمية وصولاً لتصميم أفكار تقدم حلول ابتكارية.
ويشار إلى أن هذا المشروع يأتي بتمويل من الإغاثة الإسلامية ضمن مشروع تمكين الأطفال لمستقبل أفضل في قطاع غزة.