تهدف قنوات «يوتيوب» التعليمية إلى تقديم محتوى معرفي وتربوي يجمع بين الإفادة والإمتاع بما يناسب أعمارهم ويحترم ذكاءهم وفضولهم، ويحفزهم على التعلم والإبداع، لكن كثيراً منها يدس السم في العسل، ليس من جانب المحتوى فقط، بل من جانب أساليب العرض والتشويق أيضاً، التي قد تنطوي على أخطار تربوية على الأطفال؛ ولذا وصفتها عديد الدراسات العلمية بأنها «مخدرات تربوية محتملة».
فمن زاوية إيجابية، تتفوق قنوات «يوتيوب» التعليمية على الكتب التقليدية في استخدام عناصر الصوت والحركة لشرح المعلومات؛ ما يجعلها أكثر جاذبية وتفاعلية وتذكراً.
كما تسمح تلك القنوات بالتعلم الذاتي والمرن والمخصص، حيث يمكن للمتعلم اختيار القناة والفيديو والوقت والسرعة التي تناسبه، وتوفر مجموعة كبيرة ومتنوعة من المحتوى والأساليب والآراء، ما يزيد من فرص التعلم والانفتاح.
وفي هذا الإطار، تشير دراسة نشرتها مجلة «Computers in Human Behavior»، المختصة بالأثر النفسي والسلوكي للحواسيب والإنترنت على الإنسان، عام 2020م، إلى أن قنوات «يوتيوب» التي تقدم أغاني ورسوماً متحركة تعليمية، من شأنها المساعدة على تطوير مهارات الاتصال لدى الأطفال الصغار، خاصة في تعلم اللغة الإنجليزية، كما تؤثر إيجابياً على معتقدات ومواقف وسلوكيات الآباء والأمهات.
كما أورد موقع «FamilyEducation»، المتخصص في تعليم الأطفال، بتقرير نشره في 23 أبريل الماضي، أن قنوات «يوتيوب»، التي تقدم دروساً في العلوم والرياضيات والتاريخ، تساعد على إثراء معرفة الأطفال وزيادة اهتمامهم بالتعلم، كما تساعدهم على فهم المفاهيم المعقدة بطرق بسيطة وشيقة.
وفي تقرير عن الموضوع ذاته، أورد موقع «We Are Teachers»، المختص بدعم المعلمين، أن قنوات «يوتيوب»، التي تقدم أنشطة فنية أو رياضية أو ثقافية، تساعد على تنمية مهارات الأطفال الإبداعية والحركية والانفعالية، كما تشجعهم على التعبير عن أنفسهم واستكشاف اهتماماتهم.
الآثار السلبية
غير أن الأثر السلبي لقنوات «يوتيوب» الخاصة بتعليم الأطفال لا تزال موضوعاً حساساً، ويتطلب الحذر والانتقاء عند استخدام هذه القنوات من جانب الآباء والأمهات.
فبعض تلك القنوات قد تحتوي على محتوى غير دقيق أو غير محدث أو غير مؤكد أو غير مناسب، مما يستدعي الحذر من الأثر التربوي الضار لبعض هذه القنوات، خاصة ذات المحتوى الغربي، وقد يشغل كثرة الاعتماد عليها عن المصادر التقليدية مثل الكتب، ما يقلل من تطور مهارات القراءة والكتابة والتفكير عند الأطفال.
ووفقاً لدراسة نشرتها مجلة «Frontiers in Communication» عام 2021م، فإن قنوات «يوتيوب» التعليمية تنطوي على أخطار في التواصل العلمي، وتحتاج إلى تطبيق مفاهيم التعلم والتأثير الإعلامي لتحقيق أهدافها، كما تحتاج إلى مراعاة عوامل مهمة؛ مثل جودة المحتوى والمصداقية والشفافية، وهو ما لا يمكن ضمانه سوى بمتابعة دقيقة من الأبوين.
وبحسب دراسة أخرى، نشرتها مجلة «International Journal of Research and Innovation in Social Science» عام 2021م، فإن ضمان تأثير مشاهدة الفيديوهات التعليمية إيجابياً على الأنشطة الأكاديمية والأداء لدى الطلاب بشكل إيجابي يستلزم استخدام «يوتيوب» بشكل «منظم ومسؤول»، وتجنب المحتوى غير المناسب أو المضلل أو المسيء.
كما يؤثر التعلم عبر «يوتيوب» «عن بُعد» بشكل سلبي على رفاهية الأطفال، بحسب دراسة نشرها موقع «Harvard Graduate School of Education»، عام 2022م، ما يستوجب من المدارس والأسر عدم إهمال «التعلم الاجتماعي والانفعالي»؛ أي في حضور المعلم أو المعلمة؛ لأهمية ذلك التربوية والتعليمية، خاصة بالنسبة للأطفال.
بل إن مجلة «Paediatrics Child Health» أوردت دراسة، مطلع مايو الجاري، أن استخدام الوسائط بكثرة يؤثر سلباً على تطور وصحة الأطفال بشكل كبير، ما يستوجب من الأطباء مناقشة مع الآباء حال تعرض أطفالهم للوسائط وتقديم إرشادات حول استخدامها بشكل مناسب للعمر.
وتشير الدراسة إلى وجود علاقة بين المشاهد التي تنطوي على قدر من العنف وزيادة السلوك العنيف لدى الأطفال، وهو ما قد يكون مبثوثاً في بعض قنوات «يوتيوب» المخصصة للأطفال، التي يتم إنشاؤها لأغراض تجارية بعيداً عن إشراف المتخصصين.
ووفقاً لدراسة نشرتها مجلة «The Future of Children»، عام 2019م، فإن الوسائط التعليمية عموماً سلاح ذو حدين بالنسبة للأطفال، إذ قد تؤثر إيجابياً حال عرضها برامج مناسبة لأعمارهم، تستند إلى منهج تعليمي يرتبط بالتحسين المعرفي والأكاديمي، بينما قد تؤثر سلباً حال عرضها لمحتوى قائم على التسلية البحتة، والعنف بشكل خاص، إذ يساهم ذلك في ضعف التطور المعرفي وانخفاض التحصيل لدى الأطفال.
وتنصح الدراسة بأن يتم التعامل مع محتوى قنوات تعليم الأطفال بقدر كبير من الحرص، وعدم ترك الأطفال لمشاهدتها أوقاتاً طويلة.
قائمة مرشحة
وفيما يلي قائمة بأبرز قنوات «يوتيوب» المصنفة عالمياً وعربياً ضمن الأفضل تعليمياً وتربوياً للأطفال:
– «Kid’s Learning Tube»: وهي قناة تقدم أغاني ورسوماً متحركة تعليمية عن مواضيع مختلفة مثل الجغرافيا والفلك والحيوانات والأرقام والحروف.
– «Ted-Ed»: وهي قناة تقدم دروساً مصورة عن مواضيع شيقة ومتنوعة مثل الفن والتاريخ والعلوم والفلسفة والنفسية.
– «Art for Kids Hub»: وهي قناة تقدم دروساً بسيطة وممتعة لتعليم الأطفال كيفية الرسم والتلوين والصناعة باستخدام المواد المتوفرة في المنزل.
– «Nat Geo Kids»: وهي قناة تقدم فيديوهات عن الحياة البرية والبيئة والثقافات المختلفة، بالإضافة إلى تجارب علمية وألغاز وأسئلة.
– «Kids tv Arabic»: وهي قناة عربية، تقدم قوافي وأغاني ورسوماً متحركة تعليمية عن موضوعات مختلفة، مثل الحروف والأرقام والألوان والحيوانات والمركبات
– «Learn with Zakaria» (تعلم مع زكريا): وهي قناة عربية تقدم دروساً في اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى الحساب والتاريخ والجغرافيا والدين، بطريقة مبسطة ومشوقة.