عقد المجلس العربي للطفولة والتنمية ندوة بعنوان “الميتافيرس: المفاهيم والتداعيات”، تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن طلال رئيس المجلس، وبحضور أكثر من 50 خبيراً من المهتمين بمجالات تنشئة الطفل والتكنولوجيا والإعلام.
تحدث أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية د. حسن البيلاوي، في بداية الندوة، عن ثورة التربية في عصر الثورة الصناعية الرابعة، موضحاً أن العالم مر تاريخياً بـ4 ثورات تربوية منذ بداية الحياة الإنسانية وحتى اليوم، وأن الثورة التربوية الرابعة الجارية الآن ستشهد تغيراً جذرياً في مفهوم وشكل المدرسة.
البيلاوي: الميتافيرس أحد إفرازات الثورة الصناعية الرابعة
وشدد على أنه رغم المخاوف والتحديات مع هذا التقدم التكنولوجي في مجال الميتافيرس والذكاء الاصطناعي، الذي يوفر للمستخدم أن يعيش عالماً افتراضياً ثلاثي الأبعاد بديلاً عن الواقع الحقيقي بما يشكل تهديداً للهوية وانفصالاً عن الواقع الحقيقي المعاش.
تطوير التعليم لمواجهة مخاطر الميتافيرس
وشدد البيلاوي على ضرورة تغيير النظم التعليمية لتعمل على إثارة الوعي والإبداع والخيال وتنمية القدرات الإنسانية إذا أردنا أن نعلم التلاميذ أن يكونوا مستعدين ليتعاملوا مع التحديات الفريدة التي سيواجهونها في تغيرات المجتمع والاقتصاد، مؤكداً بأن استعدادنا وأفعالنا هي ما ستقرر قدرتنا على مواجهة هذا التغيير التقني القادم لا محالة.
القحطاني: نتوقع تحولات هائلة في الواقع الإلكتروني للشبكة العنكبوتية
ومن جانبه، وجه ناصر القحطاني، المدير التنفيذي لبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند)، الشكر للمجلس العربي للطفولة والتنمية لطرحه هذه القضية للبحث والنقاش، باعتباره المبادر بالتنبيه لضرورة ركوب قطار الثورة الصناعية الرابعة، وتوظيف تجلياتها لصالح تنمية الطفل العربي وحمايته من مخاطرها.
وقال: إن “الميتافيرس” وهو التحول المنتظر لـ”الفيسبوك” لم يعد نظريات سيطول إخضاعها للتجربة ومن ثم التطبيق، فهو وليد تراكم التقنية وتطورها، وقد بدأ بالفعل يتبلور ويحدث تحولات هائلة في الواقع الإلكتروني للشبكة العنكبوتية ومنصات التواصل الاجتماعي.
وأضاف: ويكفي دلالة على أن هذا التحول بات واقعاً نعيشه، أن بعض التقارير تشير إلى أنه سيتم إنفاق نحو 396 مليار دولار على الميتافيرس بحلول عام 2025.
إنترنت المستقبل
وقال وزير التربية والتعليم المصري الأسبق أستاذ هندسة علوم الحاسبات د. يسري الجمل: إن الميتافيرس سيصبح واقعاً رقمياً أو إنترنت المستقبل، موضحاً أن هذا الواقع الجديد سيتيح عدداً من الفرص في مجالات التجارة والتدريب والتعليم والسياحة.
الجمل: زيادة معدلات التطرف وتهديد الهوية سلبيات متوقعة للميتافيرس
وحذر من عدد من المخاوف الناجمة عن الميتافيرس، منها التأثير بالسلب على الهوية والثقافة والتراث، وإشاعة حالة الاغتراب والتأثير على معدلات الجرائم ومحاولات الانتحار والتطرف والإرهاب.
وأكد أنه بالنسبة إلى أي طفل في جيل ألفا الأكثر نشاطًا وتحررًا، فإن الميتافيرس لا يمثل التكنولوجيا بقدر ما يعبر عن أنه نوع من الطريقة التي يعيشون بها حياتهم في المستقبل.
وأشار إلى أن هناك اتفاقاً على ضرورة اتخاذ إجراءات الاستعداد للتعامل مع ميتافيرس، ومنها تحضير المحتوى العربي، وتنفيذ التطبيقات المناسبة لثقافة المجتمع وبناء الوعي الرقمي، وتعزيز أمن البيانات، مع استخدام الإعلام والدراما لتعزيز المواطنة، وإعداد التشريعات المناسبة والبدء في إصدار عملة رقمية مشفرة.
وتناول خبير الذكاء الاصطناعي د. جيفارا البحيري الاتجاهات المطلوبة للتعامل مع التغيرات المحتمل حدوثها بسبب تداعيات الميتافيرس التي يمكن أن تتسبب بثورة في جميع أنشطة الإنسان، وسيكون لها تداعيات تتعلق بالإنسان وهويته وبخصوصية البيانات والمعلومات والمنظومة الأخلاقية، ونشر العنف والإرهاب والتطرف.
تحويل سلبيات الميتافيرس لإيجابيات
وأكد البحيري أن تلك التداعيات يمكن استيعابها وتحويلها إلى فرص لحياة أكثر سعادة ورفاهية للإنسان، حال استنفار ملكاته للتعامل بطريقة إيجابية مع التغيرات المحتملة لشكل الحياة في عالم الميتافيرس الذي سيشهد مراحل أكثر تقدماً.
البحيري: مطلوب توظيف إيجابيات الميتافيرس لحماية هوية الطفل العربي
وكان المجلس قد عرض خلال الندوة جهوده في مجال تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة ارتباطاً بنموذجه للتنشئة “تربية الأمل”، قدمها مدير إدارة البحوث والتوثيق وتنمية المعرفة بالمجلس المهندس محمد فوزي.
كما تم خلال الندوة تكريم د. حسن البيلاوي، أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية، من د. عمرو حمدي، أمين عام المنظمة الكشفية العربية، تقديراً لجهود سيادته في تعميق الشراكة بين المؤسستين.
ومن خلال المناقشات، وجه الحضور الشكر للمجلس العربي للطفولة والتنمية لإيمانه بمستقبل التقنية وفوائدها في تحقيق استدامة التنمية، وأوصوا بضرورة الإسراع بالاستعداد والتهيئة لدخول هذا العالم الرقمي الجديد، والعمل على الاستفادة من فرصه لصالح تنشئة أجيالنا القادمة.
وطالبوا باستمرار المجلس العربي للطفولة والتنمية في عقد هذه اللقاءات لخلق الوعي حول هذه التغييرات المتوقعة ووضع الخطط لتلافي سلبياتها على الطفل العربي، وتشجيع كل ما من شأنه دعم الابتكار والإبداع.