حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عقب تقرير صادر عن عدة وكالات نسقته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن تأثير تغير المناخ في الأرض سيقود إلى “كوارث غير مسبوقة”.
التقرير الذي حمل عنوان “متحدون في العلم”، حذر من أن تركيز غاز الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم مستمر في الارتفاع إلى مستويات قياسية، ونبه إلى أن الانبعاثات الناتجة من استخدام الوقود الأحفوري أعلى من مستويات ما قبل الجائحة بعد انخفاض مؤقت سببه إجراءات الإغلاق العام والقيود المفروضة بسبب جائحة كورونا، وفق “الإندبندنت”.
ففي رسالة مصورة، يوم الثلاثاء الماضي، قال غوتيريش: يوضح تقرير “متحدون في العلم” لهذا العام أن التداعيات المناخية تتجه نحو آثار كارثية غير مسبوقة، ومع ذلك، فإننا نضاعف كل عام من إدماننا على الوقود الأحفوري، على الرغم من كل ما يخلفه من مساوئ.
ودعت الوكالات التي أعدت التقرير إلى اتخاذ إجراءات طموحة فيما يخص الفيضانات والجفاف وموجات الحر وغيرها من الظواهر المناخية القاسية، التي تمضي من سيئ إلى أسوأ، في جميع أنحاء العالم.
وأشار التقرير إلى أن تعهدات خفض الانبعاثات لعام 2030 يجب أن تكون 7 أضعاف ما تم التعهد به لتحقيق هدف إبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية مقارنة مع مستويات ما قبل الثورة الصناعية بحسب اتفاقية باريس للمناخ لعام 2016.
ونوه الأمين العام للأمم المتحدة إلى أنه ما من شيء طبيعي في حجم الكوارث التي نشهدها كموجات الحر في أوروبا، والفيضانات العارمة في باكستان، وموجات الجفاف الشديدة وطويلة الأمد في الصين والقرن الأفريقي والولايات المتحدة، إنها بفعل إدمان البشرية على الوقود الأحفوري.
ونقلاً عن بيانات من أجزاء مختلفة حول العالم، يحذر التقرير من أن مستويات ثاني أكسيد الكربون في ازدياد مستمر في عامي 2021 و2022.
وأشار التقرير إلى أن الزيادة العالمية في الانبعاثات التي لوحظت في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022 ترجع إلى حد كبير إلى الزيادات المرتفعة في الولايات المتحدة الأمريكية (+5.7%) والهند (+ 7.5%) ومعظم الدول الأوروبية.
ومع زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سوءاً، تحذر الوكالات إلى أنه من المحتمل وبشكل متزايد أن يخترق العالم عتبة 1.5 درجة للاحترار.
كما حذر تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه باستخدام أفضل الوسائل لتقدير الاحترار منذ عصور ما قبل الثورة الصناعية، فإن احتمال تجاوز المتوسط السنوي لدرجة الحرارة العالمية القريبة من السطح لـ1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ولمرة واحدة في الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة، يبلغ 48% وهو في تزايد بمرور الوقت.
ودعا التقرير إلى مزيد من البحث حول نقاط التحول (مراحل تحول سلسلة من الأحداث الصغيرة إلى حدث كبير وأكثر أهمية) لمساعدة المجتمع على فهم أفضل للتكاليف والفوائد والقيود المحتملة للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، كما حذر أيضاً من أن الآثار المجتمعة لارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في بعض أنحاء العالم يمكن أن تصل إلى “مستويات خطيرة” خلال العقود القليلة المقبلة.
وقد حذرت الوكالات، في بيان لها، من أن هذا قد يؤدي إلى ظروف محلية تتجاوز نقاط التحول الوظيفية التي قد لا يعود بعدها عمل البشر ممكناً في الهواء الطلق دون مساعدات تقنية، واستشهد التقرير بدلهي كمثال على ذلك، وحذر من أن المدن تواجه موجات حرارة أكثر تواتراً وشدة، مقارنة مع الظروف خلال الخمسينيات.
وأشار التقرير إلى أنه ما بين مارس ومايو 2022، شهدت مدينة دلهي في الهند 5 موجات حر مع درجات حرارة قياسية وصلت إلى 49.2 درجة مئوية (120.5 درجة فهرنهايت)، حيث خلصت دراسة إسناد حديثة تقوم بقياس مدى تأثير تغير المناخ المستمر في أحداث الطقس المتطرفة إلى أن تغير المناخ زاد من احتمال حدوث هذا الطقس الحار لفترة طويلة 30 مرة، وأن نفس الحدث كان من الممكن أن يكون أكثر برودة بمقدار 1 درجة مئوية في مناخ ما قبل الثورة الصناعية.
وذكر التقرير أن الكوارث المتعلقة بالطقس والمناخ والمياه قد ارتفعت بـ5 مرات على مدى العقود الخمسة الماضية، مضيفًا أن هذه الأحداث تكلف 202 مليون دولار كخسائر يومية.
وأفاد التقرير بأنه من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات طموحة ليس فقط للتخفيف من الانبعاثات، ولكن للتكيف أيضاً مع تغير المناخ، ولا سيما الأحوال الجوية القاسية والأحداث المتداخلة، التي يمكن أن تؤدي إلى آثار اجتماعية اقتصادية طويلة الأمد.