تطالعنا كل يوم أخبار جديدة عن الفاسد والمفسدين والمرتشين، فمنذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013م ونسبة المفسدين الذين تولوا المناصب وانكشف أمرهم كان كثيراً، ولا يبدو أن الأمر منذ الانقلاب العسكري الحالي فقط، لكن المفسدين برزوا وتوغلوا وسيطروا منذ الانقلاب العسكري في عام 1952م وزيادة العسكر الذين سيطروا على مقاليد الدولة وأعوانهم.
فقد رأينا علي صبري والأموال التي ثبت سرقتها وتهريبها إلى لندن، وشمس بدران، وصلاح نصر، والدسوقي الشيشتاوي، وغيرهم الكثير الذين تكشفت أمورهم للجميع.
وعلى مرور الوقت، كانت منظومة الفساد يتكشف عنها الكثير وتظهر للجميع، لكن كان التعامل معها سلبياً سواء من قبل القضاء أو الشعب، وسرعان ما يتناسى الشعب فساد المفسدين، ويرفعونهم مرة أخرى فوق الأعناق.
وفي السنوات الأخيرة، كان المفسدون هم من يتولى زمام الدولة، ويعلن عبر الإعلام كل يوم أنهم سيضربون بيد من حديد على الفساد، وسرعان ما يفتضح أمرهم بالقبض عليهم من قبل الرقابة الإدارية، فقد رأينا وزراء مثل وزير الزراعة والتموين وغيرهما ومحافظين وضباط وقضاة، وكأن النظام الحالي يشجعهم على ذلك طالما يثبتون له الولاء والتضحية، ثم تُرمى بهذه التهم جماعة الإخوان.
لقد كوَّن الإخوان في الملكية شركات تجارية ومصانع وشبكات مواصلات، ومع ذلك لم تكتب صحيفة واحدة عن قضية طالت الإخوان بالفساد أو السرقة أو الرشوة، ومنذ جاء العسكر للحكم وعملوا على تشويه تاريخ الإخوان والقبض على قيادتهم بين الحين والآخر ومحاولتهم الزج بهم في قضايا الفساد، إلا أنهم لم يستطيعوا إثبات ذلك، ورغم القضايا الكثيرة التي اتهم فيها الإخوان وحبس منهم الكثير عشرات السنين، وقُتل منهم من قتل، فإن كل القضايا منذ الملكية حتى الآن هي قضايا من نوع العهر السياسي الذي تمارسه الأنظمة ضد أي مصلح لهذا الوطن وضد رغبة هذه الأنظمة التي ثبت بالفعل رعايتها للفساد والمفسدين.
لم يثبت على الإخوان أي قضية فساد أو خيانة للوطن، بل على العكس، هم مفسدون يُفسدون على كل فاسد خططه ويقفون في وجه كل ظالم أراد بالوطن شراً.
هم مفسدون لأنهم أفسدوا على المستعمر خطط وجوده في البلاد الإسلامية؛ حيث أيقظوا الرأي العام الإسلامي ضد المحتلين.
هم مفسدون لأنهم لا ينافقون فاسداً أو يحابونه أو يوافقون على فساده الذي يستشري به وسط الناس.
حتى الآن لم يثبت على أحد من الإخوان تورطه في قضايا فساد في أي وطن من الأوطان، وذلك لإيمانهم برب العالمين وحسن مراقبتهم لله والتزامهم بما جاء في كتاب الله وسُنة نبيه.
لقد صودرت أموالهم في كل عصر، ومع ذلك لم يقابلوا السوء بالسوء، لكن تعاملوا بأخلاق الإسلام وشحذ الهمم للتصدي لكل فاسد.
ربما يكون لهم أخطاء –وهذا أمر واقعي وطبيعي- لكن لم يقبض على أحد حتى الآن لفساد أو تخريب متعمد، حتى المحاولات المضنية التي تقوم بها الأنظمة العربية لوصمها بالإرهاب، إلا أنه لا يصدق هذا الهراء المنطلِق في فضاء البلاد العربية.
(*) صحفي مصري.