سلط تقرير صحفي الضوء على التداعيات الاقتصادية التي سببتها الآزمة السياسية في العراق والمستمرة منذ إجراء الانتخابات قبل 10 أشهر هي أطول فترة تعيشها البلاد بدون حكومة تؤدي كامل مهامها.
وبحسب التقرير الذي نشرته “رويترز”، اليوم السبت (20 أغسطس)، فإن الأزمة القائمة في العراق منذ إجراء الانتخابات قبل 10 أشهر هي أزمة تعيشها البلاد بدون حكومة تؤدي كامل المهام منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.
وأضاف أن جميع القوى السياسية مسؤولة عن هذا المأزق، وأن المواطنين العراقيين يدفعون الثمن، مؤكداً أن الغضب يزداد عند الناس، وأن الظروف الاقتصادية تسوء، والبطالة في تزايد.
نص التقرير
فقدت صابرين خليل زوجها بعد إصابته بـ”كوفيد-19″ في العام الماضي، تركها وحدها تواجه عبء تربية 7 أطفال، لكن تمويل الحكومة العراقية لأسرتها ولمئات الآلاف من الأسر الأخرى الفقيرة توقف، بسبب الجمود السياسي.
ومع وصول السياسيين إلى طريق مسدود بشأن تشكيل حكومة جديدة منذ إجراء الانتخابات في أكتوبر، واصلت الفصائل الشيعية المتناحرة في بغداد، أمس الجمعة، احتجاجاتها المستمرة منذ أسابيع، التي تمنع انعقاد البرلمان.
تثير هذه المواجهة المخاوف من تجدد الاضطرابات في دولة تتمتع فيها الجماعات المسلحة بنفوذ كبير، وتتسبب بالفعل في متاعب للعراقيين الأكثر ضعفاً.
وقالت صابرين، وهي توضح تأثير وفاة الزوج عليها: إنها امرأة وجدت نفسها فجأة تتحمل مسؤولية 7 أطفال، واصفة ذلك بأنه شيء يقصم الظهر.
وقالت صابرين التي كانت تجلس على الأرض في بيتها المبني بالطوب والمكون من غرفة واحدة في قرية السعادة في ضواحي بغداد: إنها لا يمكنها دفع نفقات علاجها من مرض مزمن تعاني منه، وأضافت أن أطفالها يتناولون بعض الوجبات ولا يتناولون الأخرى بسبب ارتفاع الأسعار.
مرت 9 أشهر منذ تقديم طلب الحصول على معاش شهري من الحكومة، لكن صابرين لم تحصل على أي شيء من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وقالت: إنها في كل مرة تذهب فيها للاستفسار عن نتيجة الطلب يأتيها الرد بأنهم في انتظار إقرار ميزانية.
وقال مسؤول في الوزارة: إن صابرين تستحق الدعم، لكنه أكد عدم وجود ميزانية لصرف المعاش لها، ومضى قائلاً، بعد أن طلب ألا يُنشر اسمه: أيدينا مغلولة لعدم وجود ميزانية.
وأضاف أن أسرة صابرين خليل واحدة من 370 ألف أسرة تستحق معاشاً حكومياً، لكن أياً منها لا تحصل عليه بسبب الجمود السياسي.
محاولة للحوار
الأزمة القائمة في العراق منذ إجراء الانتخابات قبل 10 أشهر هي أطول فترة تعيشها البلاد بدون حكومة تؤدي كامل المهام منذ ما يقرب من عقدين مرا على الإطاحة بصدام في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.
وتريد القوى السياسية الشيعية المتناحرة تشكيل الحكومة، لكنها تختلف على خطوات تحقيق ذلك.
فأتباع رجل الدين القوي مقتدى الصدر، الذين قاتلوا قوات الاحتلال الأمريكية قبل أن يبرزوا بصفتهم المعارضة الرئيسة للفصائل المسلحة المدعومة من إيران وأحزابها السياسية، يطالبون بإجراء انتخابات جديدة.
وكان الصدر أكبر الفائزين في انتخابات العام الماضي، لكنه لا يستطيع تشكيل حكومة مع الأحزاب الكردية والأحزاب العربية السُّنية تستبعد منافسيه الشيعة المدعومين من إيران.
ويقول هؤلاء المنافسون، الذين يُعرفون في مجموعهم باسم الإطار التنسيقي: إن الانتخابات لن تُجرى إلا بعد تشكيل حكومة تقود فترة انتقالية وتصدر خلال فترة عملها تشريعات من بينها قانون جديد للانتخابات.
وقال مصدر في حكومة تسيير الأعمال: هناك توافق على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، المشكلة في الآلية، وأضاف أن المحادثات مستمرة.
ويوم الأربعاء الماضي، اجتمع رئيس حكومة تسيير الأعمال مصطفى الكاظمي مع القادة السياسيين، ودعا أتباع الصدر إلى المشاركة في حوار وطني، ودعا أيضاً جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي تصعيد سياسي.
ولم يحضر الصدر الاجتماع، ولم يظهر أتباعه حماساً يذكر للمبادرة.
وقال رجل دين متحدثاً إلى الآلاف من أتباع مقتدى الصدر الذين تجمعوا للاحتجاج خارج البرلمان، الجمعة، مشيرًا إلى المنافسين: إن الحوارات السياسية التي تعقدونها لأجل مصالحكم السياسية والحزبية ليست لمصلحة البلد والشعب، كل الهم هو بقاؤكم وسلطانكم وليس هماً آخر، فإن هذه الحوارات لا قيمة لها عندنا ولا نقيم لها وزناً أبداً.
وحمل البعض صوراً للصدر ووالده الراحل الذي كان رجل دين بارزاً أيضاً كما رفعوا أعلام العراق.
ومن جانبهم، نظم العشرات من أتباع الإطار التنسيقي احتجاجاً خارج المنطقة الخضراء التي تشهد إجراءات تأمين مشددة.
وقال حمدي مالك، الباحث المشارك في معهد واشنطن والخبير في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة: إنه ليست هناك على ما يبدو مؤشرات تذكر على نتائج سريعة، بالرغم من بعض الجهود المبذولة لحل الخلافات.
وأضاف: الانقسام كبير لدرجة أنني لا أرى أي حل، إمكانية اندلاع الاشتباكات تزيد بالفعل.
وأصدر البرلمان قانوناً عاجلاً، في يونيو الماضي، خصص مليارات الدولارات لشراء القمح والأرز والغاز ودفع الأجور، لكن توقف ما عدا ذلك من أعمال الحكومة.
وقالت هناء إدوار، وهي ناشطة حقوقية عراقية بارزة: إن جميع الفصائل السياسية مسؤولة عن هذا المأزق، وإن العراقيين العاديين يدفعون الثمن.
وأضافت أن الغضب يزيد عند الناس، وأن الظروف الاقتصادية تسوء، وأن البطالة في تزايد، ومضت قائلة: إن القادة يعقدون الحوارات من أجل توزيع الغنائم على السياسيين.
وفي الوقت نفسه، ما زالت صابرين خليل تنتظر في قرية السعادة أن تهب الحكومة لنجدتها، وقالت: إن العملية السياسية متوقفة.
أضافت: يقولون (السياسيون): إن من الخطأ ألا ندلي بأصواتنا، لكن الانتخابات لم تغير أي شيء.