تمر اليمن بظروف استثنائية حرجة ومنعطفات خطرة، تبعث على القلق لدى الجميع، ما يفرض على المخلصين والحريصين من أبنائها التداعي بصورة عاجلة للاحتشاد والاصطفاف في مواجهة ما يعصف بوطنهم من تحديات ويهدد وحدتهم ونسيجهم الاجتماعي وأمنهم واستقرارهم.
تمر اليمن بظروف استثنائية حرجة ومنعطفات خطرة، تبعث على القلق لدى الجميع، ما يفرض على المخلصين والحريصين من أبنائها التداعي بصورة عاجلة للاحتشاد والاصطفاف في مواجهة ما يعصف بوطنهم من تحديات ويهدد وحدتهم ونسيجهم الاجتماعي وأمنهم واستقرارهم.
لم تعد المسألة مجرد سحابة صيف وتنقشع كما تعودنا على ذلك، ولكنها مرحلة خطرة يمر بها الوطن اليمني تكاد أن تطيح بكل ما ناضل لأجله الشعب وأحراره خلال العقود الماضية للوصول إلى دولة الحق والعدل والحرية وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره في إقامة نظام حكم جمهوري ديمقراطي يمنح اليمنيين الأمن والاستقرار والكرامة والمواطنة المتساوية ويرفع من شأن وطنهم في محيطه الإقليمي والمجتمع الدولي عموماً.
وإزاء تلك التحديات ورغبةً في تحقيق الطموحات، بادرت عدة شخصيات وطنية متنوعة كشاعر اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح والأستاذ القدير يحيى حسين العرشي إلى تشكيل اصطفاف شعبي واسع على قاعدة وطنية جمهورية ديمقراطية، ليكون مسانداً للدولة في تحمل مسؤولياتها الدستورية والقانونية في تعزيز تلك القواعد المتفق عليها كثوابت لا يمكن التساهل إزاءها وحشد الجماهير اليمنية كحاضن شعبي ومجتمعي لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي تعد أول وثيقة تاريخية وعقد اجتماعي يمني يحظى بإجماع مختلف المكونات السياسية والقوى الاجتماعية إلى جانب ما تتمتع به من دعم ومباركة إقليمية ودولية.
أمام اليمنيين فرصة تاريخية قد تكون لم تتوفر لهم من قبل في عصرنا الحديث للخروج بوطنهم نحو آفاق رحبة ووفق أسس ثابتة وراسخة لبناء دولتهم المنشودة وتسييج وطنهم الكبير بالتشارك بين كل أبناء الوطن دون إقصاء أو تهميش وبعيداً عن العصبيات النتنة وأدوات التخريب والتدمير ولافتات العنف والتطرف والكراهية، وتعلو فيه أدوات الحوار والفكر والعلم والثقافة وتتعمق ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر المختلف.
المهمة صعبة والتحديات كبيرة والمبادرة منفردة لن تحقق شيئاً يذكر حتى لو تمكنت من حشد جماهير يمنية على امتداد أراضي الجمهورية من صعدة حتى سقطرى والمهرة، ولذلك يتوجب أن تجد مبادرة الاصطفاف الشعبي هذه إسناداً والتفافاً وطنياً من كافة الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات الوطنية الفكرية والاقتصادية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني للعمل معاً للانتقال باليمن نحو مرحلة جديدة تبدأ فيها عملية البناء والتنمية وتتوفر فيها مناخات الأمن والاستقرار والحرية والديمقراطية وتمضي بالاستحقاقات الديمقراطية التي تضمنتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني كما خُطط لها مضموناً وزمناً.
لا يريد اليمنيون تحقيق المستحيل ولا يبحثون عما يتجاوز قدراتهم البشرية، بل يتطلعون لبناء دولة مدنية نظامها جمهوري ديمقراطي، تقوم فيها مؤسسات تمارس دورها بانسجام دون أن تتغول واحدة على الأخرى، ويعيش فيها اليمني حراً عزيزاً كريماً داخل وطنه وخارجه، ووطن يتساوى مواطنوه بالحقوق والواجبات ويتشاركون في الثروة والسلطة، وتتوفر فيه مناخات البناء والتنمية، ووحدها الدولة من يمتلك القوات المسلحة ويحتكر استخدام القوة في وجه أي أفراد أو جماعات يتمردون على النظام والقانون.
الخطر الماثل للانقضاض على اليمن كنظام جمهوري وما تبقى من مؤسسات للدولة وأراضٍ صار يحيط بالعاصمة صنعاء، والتهديدات التي تتوقف من أحفاد الإمام الذي ثار عليه أحرار اليمن قبل أكثر من نصف قرن تتواصل، والحرية والديمقراطية التي نطمح إليها مع الكرامة تكاد أن يطيح بها هذا القادم من الكهوف بما فيها من تخلف وتعصب وسوداوية.
لم تعد الأمور قابلة للرضوخ لوهم الحياد أو الصمت، فإما أن تكون لنا دولة وحرية وكرامة أو لا تكون، ومن لا يصدق عليه أن يسأل، ليس فقط عن حجم المحتجزين في الاستاد الرياضي بمدينة عمران، ولكن عن عدد الأعراس التي مُنع الغناء فيها واعتقل منها أو هدد الفنانون في مختلف مديريات عمران وليس مدينة عمران وحدها.
لا فرق بين طالبان السنية في أفغانستان وداعش المزعومة كسنية في العراق وسوريا والحوثي، أو ما يسمى أنصار الله والقاعدة وما يسمى أنصار الشريعة في اليمن، جميعهم ضد الحياة والحرية وضد الفن والجمال وضد الإنسان مهما كان مذهبه ولونه ودينه وجنسيته.
صحيفة الجمهورية – اليمن