ندد د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أمس الأحد، بشكل غير مباشر بدعوة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، ووصفها بأنها “فكرة جامحة” تستفز الجماهير المسلمة.
وكان السبسي أثار الجدل داخل وخارج بلاده الأسبوع الماضي عندما قال في كلمة بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة في تونس: إن بلده يتجه نحو المساواة التامة بين الرجل والمرأة في كل المجالات من بينها المساواة في الميراث.
وأعلن السبسي تكوين لجنة لمناقشة سبل تنفيذ المبادرة، وقال أيضاً: إنه يعتزم السماح للتونسيات بالزواج بأجنبي حتى وإن كان غير مسلم.
وقال الطيب، الذي يترأس أكبر مؤسسة دينية سُنية في العالم، في بيان صدر مساء الأحد دون أن يشير إلى السبسي أو إلى تونس مباشرة: “النصوص إذا كانت قطعية الثبوت والدلالة معاً فإنها لا تحتمل الاجتهاد، مثل آيات المواريث الواردة في القرآن الكريم، والنصوص الصريحة المنظمة لبعض أحكام الأسرة؛ فإنها أحكام ثابتة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة بلا ريب، فلا مجال فيها لإعمال الاجتهاد، وإدراك القطعي والظني يعرفه العلماء، ولا يقبل من العامة أو غير المتخصصين مهما كانت ثقافتهم”.
وأضاف: “فمثل هذه الأحكام لا تقبل الخوض فيها بفكرة جامحة، أو أطروحة لا تستند إلى قواعد علم صحيح وتصادم القطعي من القواعد والنصوص، وتستفز الجماهير المسلمة المستمسكة بدينها، وتفتح الباب لضرب استقرار المجتمعات المسلمة”.
ومما زاد الجدل بشأن مبادرة السبسي هو تأييد مفتي الديار التونسية عثمان بطيخ لها وقوله: إنها تدعم مكانة المرأة وتضمن مبدأ المساواة.
وتونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحاً في مجال تحرر المرأة ويُنظر إليها على أنها من قلاع العلمانية في المنطقة، ورغم ذلك ظل موضوع المساواة في الميراث أمراً بالغ الحساسية في المجتمع التونسي ولم يسبق لمسؤولين تونسيين إثارة المسألة.
وأعادت مبادرة الرئيس التونسي إبراز الانقسام في صفوف التونسيين بشأن دور الدين في المجتمع والذي برز منذ انتفاضة 2011 بين الشق العلماني والشق المحافظ.
وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها الأزهر مبادرة السبسي.
فقد قال عباس شومان، وكيل الأزهر: إن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام الشريعة.
وأضاف في تصريحات نشرت الإثنين الماضي: “المواريث مقسمة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغير المكان والزمان وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلة”.
ولاقت تصريحات شومان استهجاناً واسعاً من قطاعات واسعة من التونسيين ممن اعتبروا أن الموضوع شأن داخلي وخط أحمر لا يجب على أي أجنبي التدخل فيه.
وقال الطيب في بيانه يوم الأحد: “إن الأزهر الشريف بما يحمله من واجب بيان دين الله وحماية شريعته، فإنه لا يتوانى عن أداء دوره، ولا يتأخر عن واجب إظهار حكم الله للمسلمين في شتى بقاع العالم الإسلامي، والتعريف به في النوازل والوقائع التي تمس حياتهم الأسرية والاجتماعية”.
وأضاف: “والأزهر وهو يؤدي هذا الواجب لا ينبغي أن يُفهم منه أنه يتدخل في شؤون أحد ولا في سياسة بلد، وفي الوقت ذاته يرفض الأزهر رفضاً قاطعاً تدخل أي سياسة أو أنظمة تمس من قريب أو بعيد عقائد المسلمين وأحكام شريعتهم، أو تعبث بها، وبخاصة ما ثبت منها ثبوتاً قطعياً”.