تايلاند دولة تقع في جنوب شرق آسيا في شبه الجزيرة الهندية الصينية، وهي إحدى الدول التي فيها رعايا إسلامية؛ حيث يعتبر مسلموها أقلية ذات طابع “ملايوي” متميز عن أكثرية السكان التايلانديين بانتمائهم إلى الأصل الملايوي الذي انتمى إليه غالب سكان جنوب شرق آسيا في كلٍّ من ماليزيا وإندونيسيا وبروناي وسنغافورة، منهم من يدين بالإسلام ومنهم من يدين ديانات أخرى، بينما غالب سكان تيلاند ينحدرون من أصل صيني وأصول أخرى متفرقة وغالبيتهم يدينون بالبوذية.
وتعداد السكان التايلانديين حوالي 67 مليون نسمة؛ حيث تبلغ نسبة المسلمين منهم حوالي 7%، ونسبة النصارى وبقية المعتقدات والديانات الأخرى في حدود 1 – 2%، والباقي بوذيون.
والمسلمون متواجدون في كل أنحاء البلاد التي تتكون من 77 ولاية، إلا أن معظمهم (حوالي 80%) يسكنون في منطقة جنوب تايلاند بولاياتها الحالية: فطاني، جالا، ناراتيوات، ستول، وجزء من ولاية سونجكلا.
وقد منحت الحكومة التايلندية المسلمين الحرية في ممارسة شعائر الدين والتمذهب بأي مذهب من المذاهب ما لم يمس أمن الدولة واستقرارها، لا سيما بعد صدور الدستور الوطني عام 1998م، المسمى بـ”الدستور الشعبي”، ثم كان الدستور الجديد الصادر عام 2007م للتأكيد على الحرية في اعتناق الأديان وممارسة الشعائر.
الخلفية التاريخية لتطور التعليم النظامي
وقد حفل السجل التاريخي لمنطقة فطاني وما جاورها بالازدهار العلمي والثقافي والتراثي، وكثر أبناؤها الذين يستقون الدروس الدينية في رحاب الحرم المكي، فغدت هذه المنطقة معروفة بـ”رحبة مكة”، ونشر أولئك العلوم الإسلامية في هذه الكتاتيب، ومع مرور الزمن وتطور الأنظمة التعليمية والاجتماعية في حقبة العولمة تطور هذا التعليم التقليدي غير النظامي؛ فتغيرت هذه الأنظمة إلى مدارس أهلية إسلامية حديثة تحمل على عاتقها مسؤولية العملية التعليمية بمنهاج كامل حيث أحدثت طفرة في تخريج طلبة المرحلة الثانوية سنوياً، وتضاءلت شيئاً فشيئاً فرص مواصلتهم الدراسة للمرحلة الجامعية في العالمين العربي والإسلامي.
إن أوائل بوادر التعليم العالي الإسلامي الأهلي في المنطقة هو إنشاء معهد الإعداد الإسلامي في ولاية جالا عام 1987م، وتم إنشاء كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأمير سونجكلا ناكرين شطر فطاني منذ 20 عاماً، تمثل جناح التعليم العالي الحكومي، ثم أنشئت الكلية الإسلامية بجالا التي ارتقت إلى جامعة فطاني بمثابة المرآة العاكسة لحضور وإثبات ذات الأقلية المسلمة بتايلاند، وتمثل جناح التعليم العالي الإسلامي الأهلي، ثم تمخضت مؤخراً برامج الدراسات الإسلامية والعربية في العديد من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية على حد سواء.
جامعة فطاني
فقد غدا للأقلية المسلمة بتايلاند منذ ما يربو على قرن من الزمان صرح مؤسسي تعليمي جامعي تزهو بحضوره وتزدهر بفاعليته وتتطلع إلى إطراد ارتقائه لتأكيد هويتها الإسلامية.
جامعة فطاني (وقفية غير ربحية) وهي الجامعة الإسلامية الأهلية الوحيدة في تايلاند، جاءت استجابة لمطالب المسلمين الملحة في تايلاند عامة وفي جنوبها خاصة؛ الأمر الذي مكَّن أبناء المسلمين ذوي المؤهلات العلمية حاملي الشهادات العليا والعالمية من إنشاء المؤسسة الإسلامية الأهلية للتعليم العالي، تحمل طموح وآمال أبناء الأقلية المسلمة نحو التعليم الجامعي في مختلف الأقسام الأكاديمية الشرعية والأدبية والعلمية في بيئة إسلامية.
برزت الجامعة في جنوب تايلاند بناء على التوصية التي أصدرها المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة والثلاثين بمكة المكرمة عام 1995م بدعم الجامعة مادياً ومعنوياً.
وفي حوار مع رئيس جامعة فطاني د. إسماعيل لطفي جافاكيا الذي زار “المجتمع”، قال جافاكيا: إن جامعة فطاني تمثل الرباط العلمي والدعوي في جنوب تايلاند، وتضطلع بواجبات كثيرة في مواجهة تحديات التخلف الذي تعاني منه المجتمعات الإسلامية في أنحاء تايلاند، وتحديات الفرقة التي تسود، وبعث العلوم الإسلامية في قوالبها المعاصرة بتقنيات حديثة، وتعبئة الشباب بمضامينها بمنهاج الاعتدال والوسطية.
مدينة السلام
كما دشن المسلمون في تايلاند في العام 2012م المشروع الحضاري، وذكر جافاكيا بأن المشروع أطلق عليه “مدينة السلام – فطاني” على المدينة الجامعية المستحدثة لجامعة فطاني، حيث تقدر مساحتها بمليوني متر مربع؛ بغية تحقيق الأمن والأمان والإيمان والسلامة والإسلام والسلام المستدام في هذه المنطقة، حيث من المؤمل أن تحتضن “مدينة السلام” 6 مشروعات حضارية؛ 5 منها تقوم على أراضي مخصصة للوقف الإسلامي بمساحة 1.280.000 متر مربع، ويقوم المشروع السادس على أراضٍ استثمارية بمساحة 800 ألف متر مربع.
إسهامات الكويت
وبدأ السجل التاريخي والدور الريادي لدولة الكويت في العملية التعليمية للتعليم العالي الإسلامي في تايلاند؛ حيث شهد عام 1998م الحضور الفاعل لدولة الكويت في الشهود الحضاري لمسيرة التعليم العالي الإسلامي بتايلاند ومن الدعم الذي قدم للجامعة:
– تقديم وزارة الأوقاف بدولة الكويت المنح الدراسية لـ15 شخصاً من طلبة الجامعة الوافدين للسنة الدراسية الأولى للعام الجامعي 2012/ 2013م قدر بـ53508 دولارات أمريكية.
– ثم أعقبت الوزارة بمكرمة قدرت بـ6900 دينار كويتي لدعم مشروع الكفالة والمنح الدراسية لحديثي الإسلام بجامعة فطاني.
– كفالة لجنة الدعوة الإسلامية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي بمجموعة من المنح الدراسية لطلبة الجامعة.
– كفالة لجنة مسلمي آسيا التابعة للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية 4 من طلاب الجامعة الوافدين من الصين حتى العام الجامعي 2008م.
“المجتمع” تحاور رئيس جامعة فطاني الدكتور إسماعيل لطفي جافاكيا