يجب على الإنسان السوي حقيقة أن يبرمج نفسه لصناعة السعادة في داخله، ويجب أن يسعى لذلك ما استطاع، فالسعادة لا تأتيك وأنت غافل عنها، ومن المحاور الرئيسة لاقتناص السعادة أن تعتاد الابتسامة، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تبسُّمك في وجه أخيك صدقة”.
نعم، يجب أن تسعى لها حتى تسعى هي لك (السعادة)؛ لذلك عليك أن تبرمج نفسك على كل ما هو جالب للسعادة.
السؤال هنا: هل أنا سعيد؟ وإذا لم أكن كذلك، ما السبيل لأكون سعيداً؟!
أولاً: أخي في الله، فلتكن مفرطاً في الابتسامة، ودرّب نفسك على ذلك باستمرار، وحاول دائماً أن تتذكر ما هو مفرح بالنسبة لك، وعوّد نفسك على استجلاب هذه المواقف والذكريات السعيدة، فهي ستكون لك معيناً بعد الله تعالى والدعاء لجلب السعادة أو بالأحرى لطرد الحزن والقلق.
احرص على ذلك، واعلم أن هذا من صالح نفسك وجسدك، كما أثبتت الدراسات.
حيث أثبتت الدراسات أن للسعادة تأثيراً كبيراً على صحتك البدنية والنفسية، فابتعادك عن التوترات والماضي المأساوي والمحن الحاضرة أو الخوف من المستقبل يزيد التوتر ويجلب الخوف والحزن، وهذا يسبب لنفسك وعقلك الكثير من السلبيات والتداعيات السيئة، نحن لا ندَّعي أن تنفصل هذه المشاعر عن الإنسان بشكل كلي، ولكن نقول: لا تعِشْ فيها فترة طويلة ومن ثم تتشعب وتتوالد الأفكار السلبية والتداعيات المحزنة!
حاول دائماً أن تعيش أوقاتك السعيدة وابتسامتك للكل، والتساهل بالتعامل مع الآخرين، والعفو والإعراض عن السوء، مع صناعة المواقف السعيدة أو استرجاع الذكريات السعيدة، هنا تقطع الطريق على الأحزان والقلق وتداعياته، الذي في النهاية ستكون له آثار سيئة على النفس والصحة عموماً مع مرور الزمن.
والسعادة تختلف من إنسان لإنسان، فكل إنسان له ما يسعده، هناك الفقراء المعدمون -مثلاً- ولكن حينما تنظر إلى مجالسهم وضحكاتهم لا تشعر إلا بالسعادة التي تغمرهم.
السعادة لا يطبعها في ذاتك إلا ذاتك، فهي كالعلم، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “العلم بالتعلم والحلم بالتحلم”، وهي أيضاً تراها ظاهرة بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11).
اصنعها أنت لذاتك ونفسك، واسعَ بكل قوة على أن تعلم ماذا تريد، وما الذي يجعلك سعيداً، ولا يمنع استعانتك أحياناً بالآخرين ليعينوك على الوصول إلى ما تريد من خلال تجاربهم وطرقهم العلمية المتخصصة لتصل إلى ما ترنو إليه.
حاول دائماً أن تكون في مواطن السعادة، برؤية فيلم، مسرح، محاضرات وخواطر، واعلم أن ما تتبعه يتبعك كما قيل، حينها ستشعر بالسعادة من داخلك، ومن ثم تكامل السعادة وطرد الحزن والطيرة.
ليكن تركيزك على حياتك، ولا تشغل نفسك بالآخرين بشكل مبالغ فيه، ولا شك أيضاً طبيعة طعامك لها أثرها على سعادتك وكذلك الرياضة.. الرياضة.. الرياضة.
أختم بأقوال رائعة للشيخ سلمان العودة في السعادة: للسعادة معنى كبير وثمن غال جداً، إنها معنى لا يرى بالعين، ولا يقاس بالكم، ولا تحويه الخزائن، إنها صفاء نفس، وطمأنينة قلب، وانشراح صدر، وراحة ضمير، هي بسمة طفل طهور، ولهج لسان صادق، وهفو قلب متسامح، وهدية بلا منٍّ ولا أذى، ولا يأتي بها المال وكثرته، بل القناعة، ولا يأتي بها الحرص، بل الرضا، ولا يأتي بها العضب والبطش، بل العفو والحلم.. لكن، لها معوقات قد تعيق وجودها أو استمرارها، فينبغي التعرف على هذه المعوقات والسعي إلى إخراجها من القلوب وإقصائها من واقع المسلمين حتى يحيوا حياة سعيدة هنيئة.
_____________________
إعلامي كويتي.