يعد الشيخ رائد صلاح أحد أشهر الشخصيات الإسلامية، ومن أكثرها مواجهة للسياسات العدائية الصهيونية بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، برز في مجال الدفاع عن المقدسات والأوقاف الإسلامية، وخاصة المسجد الأقصى المبارك.
النشأة والتعليم
رائد صلاح سليمان أبو شقرة محاجنة، الملقب بـ«الشيخ رائد صلاح»، من مواليد عام 1958م بمدينة أم الفحم.
نشأ في بيت متدين، أب لثمانية أبناء، وينتمي لإحدى العائلات الفلسطينية «أبو شقرة» التي بقيت في أرضها ولم تنجح العصابات الصهيونية من تهجيرها عام 1948.
ينظم الشعر منذ أكثر من 20 عاماً، ويتمتع بحس فني مرهف، حيث يمارس هواية الرسم، وهو منحدر من عائلة أنجبت العديد من الرسامين ذوي الأسماء العالمية.
أنهى تعليمه الجامعي في كلية الشريعة بجامعة الخليل، ولكنه مُنع من التدريس ليعمل بعدها في التجارة والأعمال الحرة، ثم انتقل للعمل الصحفي والعمل في تحرير مجلة «الصراط» الشهرية.
النشاط الدعوي والاجتماعي
بدأ الشيخ صلاح نشاطه الإسلامي مبكرًا، وكان من مؤسسي الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل في بداية السبعينيات، وغدا من كبار قادتها.
وتأثر في بداية شبابه بعدد من رموز جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين مثل الشيخين أحمد ياسين، ومحمد فؤاد أبو زيد، ونشط في المجالين الدعوي والاجتماعي، وبرز في العمل المؤسسي والنقابي؛ حيث أسس الرابطة الإسلامية (جسم إسلامي اجتماعي وتربوي وثقافي وفني) في منطقتي المثلث والجليل، وساهم بتأسيس مجموعة من المؤسسات الإغاثية العاملة في فلسطين مثل جمعية الإغاثة الإسلامية عام 1988، وجمعية الإغاثة الإنسانية، ومؤسسة لجنة الإغاثة الإنسانية.
خاض الشيخ صلاح الغمار السياسي وفاز برئاسة بلدية أم الفحم في 3 دورات انتخابية بين عامي (1989 – 2001م)، وكان في الفترة نفسها نائبًا لرئيس اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، ونائبًا لرئيس لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب، وانتخب رئيسًا للحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) عام 1996، كما أصبح عضوًا في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة عام 2000، وترأس مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية منذ عام 2000، التي ساهمت باستعادة الفلسطينيين لعددٍ كبيرٍ من المساجد في الداخل المحتل وإعمارها، وأصبح رئيسًا للجنة أسرى الحرية المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا عام 2005، وشارك في «أسطول الحرية» الهادف لفك الحصار عن قطاع غزة عام 2010.
قاد صلاح حملة لحماية المسجد الأقصى من التهويد على مدى سنوات طويلة، ونجح في كشف الحفريات الصهيونية أسفله، وسيَّر حافلات إليه تحمل المصلين فيما عُرف بـ«مسيرات البيارق»، وأسس مؤسسة الأقصى، وأقام مشروع مصاطب العلم في ساحاته منذ عام 2000، ونفَّذ عددًا من المشاريع الإعمارية داخله منها افتتاح المصلى المرواني، وإعمار الأقصى القديم، وإقامة وحدات للوضوء عند أبواب حطة والأسباط والمجلس.
دعا صلاح إلى إعادة تشكيل المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل بما يكفل تكوين ما أطلق عليه «المجتمع العصامي»، بحيث يتمكَّن من الحفاظ على هويته الفلسطينية وقيمه الإسلامية العليا، ومواجهة مخططات «أسْرَلَته»، وأعلن رفضه انخراط الفلسطينيين في المؤسسات الرسمية الصهيونية وفي مقدمتها «الكنيست».
حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في عام 2013 لما قدّمه من حماية للمقدّسات خاصة في مدينة القدس والمسجد الأقصى وما قدّمه من خدمات للفلسطينيين والمسلمين.
ألف خلال فترة سجنه 11 كتاباً وكتيباً، أهمها «قراءة سياسية في القرآن الكريم»، وديوان شعر أسماه «الربيع النبوي»؛ تيمناً بثورات «الربيع العربي».
المواجهة مع الاحتلال
عانى الشيخ صلاح أثناء مسيرته النضالية؛ فقد منعه الاحتلال من العمل في التعليم في المدارس الحكومية، وتم استجوابه عدة مرات، وفرضت عليه سلطات الاحتلال الإقامة الجبرية في أم الفحم لمدة نصف عام، ثم تكرر الأمر عدة مرات، واعتقله الاحتلال أول مرة عام 1980، ثمَّ توالت اعتقالاته في الأعوام 2003 و2010 و2011 و2016 و2020، وبلغت عدة سنوات، كما فتش بيته ومكتبه عدة مرات، ومنعه من دخول القدس عام 2009، ثمَّ توالى المنع لمرات عديدة، وحاول الاحتلال اغتياله مرتين عامي 2000 و2010، واعتقلته السلطات البريطانية عام 2012، وحظر الاحتلال حركته الإسلامية في 17 نوفمبر 2015، وحظر مصاطب العلم في العام نفسه، ومنعه الاحتلال من السفر عام 2017.
ملف الثوابت
قضى الشيخ صلاح 17 شهراً من الاعتقال بالعزل الانفرادي على خلفية قضية تعرف بـ«ملف الثوابت»، وهو ملف متعلق بالمفاهيم الدينية كالمسجد الأقصى والرباط والشهادة في سبيل الله، وبالمبادئ الوطنية الثابتة، والهدف إجبار صلاح باعتباره شخصية رمزية واعتبارية على التراجع عنها، إلا أن ثباته أجهض هذا المخطط.
_________________________________
1- الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين.
2- بوابة الحركات الإسلامية.
3- مركز رؤية للتنمية السياسية.
4- فلسطين أونلاين.
5- الجزيرة.نت.