ما بين السياسة والاقتصاد وقضايا الدين والأمة، كان لـ”المجتمع” هذا الحوار المثمر مع النائب السابق مبارك الدويلة، حيث تحدث عن الأزمات التي تواجهها الكويت على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وحول الدعم المالي الخليجي الذي أجهض مشاريع ثورات “الربيع العربي”،
مشكلة الكويت الافتقار للتخطيط السليم والإرادة القوية لتنفيذ الخطط
مرسوم “الصوت الواحد” أفرز لدينا مجلس أمة بعين واحدة ويقف على رجل واحدة
وجود الأحزاب في الكويت مرتبط بتوعية الناس بالعمل الحزبي أولاً
الكويت أقل تضرراً من تراجع أسعار النفط لما لديها من صناديق سيادية تحميها من هذه الأزمات
مفهوم الحرب على الإرهاب فضفاض وقد يحوِّل دول مجلس التعاون إلى دول بوليسية
“ابكِ كالنساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال”.. هكذا سيكون لسان حالنا إذا تركنا اليمن لقمة سائغة لمليشيات الحوثي
“داعش” صنيعة غربية هدفها تشويه الإسلام والقضاء على أهل السُّنة والجماعة
ما بين السياسة والاقتصاد وقضايا الدين والأمة، كان لـ”المجتمع” هذا الحوار المثمر مع النائب السابق مبارك الدويلة، حيث تحدث عن الأزمات التي تواجهها الكويت على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وحول الدعم المالي الخليجي الذي أجهض مشاريع ثورات “الربيع العربي”، وما سبَّبه ذلك من أخطار مباشرة على مجلس التعاون الخليجي، لاسيما في حالة اليمن التي باتت مرتعاً لمليشيات الحوثي المدعومة من إيران.. وفيما يلي نص الحوار:
وفقاً لتقرير منظمة الشفافية الدولية، فإن الكويت تأتي متأخرة عن ركب الدول المتقدمة في محاربة الفساد.. فما تعليقك على ذلك؟
– بداية أتوجه بالشكر لمجلة “المجتمع” والعاملين عليها لإتاحة فرصة الحديث للقراء عبر هذا المنبر الإسلامي الذي يعد منارة وسفيراً للمسلمين المستضعفين في كافة أرجاء العالم، وينقل شكواهم ويعرض معاناتهم بكل حيادية، بعيداً عن أي مكاسب مادية واستغلال سياسي لقضاياهم، ونسأل الله تعالى أن يبارك في جهود القائمين عليها لكي تستمر هذه المنارة الرائعة في نشر دعوة الإسلام، كما يحب الله ويرضى.
أما بخصوص ظاهرة الفساد وانتشارها، فهي نتاج طبيعي وواحدة من تداعيات مرسوم “الصوت الواحد”، حيث قاطعت المعارضة الكويتية الانتخابات البرلمانية ونأت بنفسها عن النشاط العام، فأصبحت البلد تُدار بعيداً عن أي رقابة شعبية يفترض أن تكون عيناً ساهرة على أداء الجهاز الحكومي.
وبالطبع من أسباب الفساد الذي انتشر هو ضعف الرقابة نتيجة لغياب المعارضة السياسية عن الساحة المحلية، وينطبق عليه المثل القائل: “إن غاب القط العب يا فأر”، وما أكثر الفئران التي تملأ كل زاوية من زوايا هذا المجتمع الصغير.
وفي اعتقادي أن غياب المعارضة السياسية عن موقع الرقابة الشعبية المحلية، أحدث فراغاً حل محله “الصوت الواحد”، وهو مكون اجتماعي شاذ وغير مألوف لدى المجتمع الكويتي ولا يمثل أغلبية شرائحه، وليس لديه الخبرة الكافية لممارسة الدور المنوط به.. ونستطيع القول: إن هذا الفراغ جعلنا نعيش وضع السلطة الواحدة، وهي السلطة التنفيذية التي سلبت الحق التشريعي، من مجلس الأمة، وقامت بتحويله إلى آلة لا تحل ولا تربط (لا حول لها ولا قوة).
وفقاً لرؤيتك التي ذكرتها، هل نستطيع القول: إنه لا يوجد مجلس أمة في الكويت؟
– بالطبع لا، وإنما لدينا مجلس أمة بعين واحدة، ويقف على رجل واحدة، وبناء عليه فإن مجلساً بهذا الشكل، لا يمكن أن يؤدي دوره على النحو المرجو منه.
أزمات الكويت
تعتري البلاد أزمات متعاقبة كأزمة الكهرباء والبورصة والبدون وغيرها، برأيكم هل هذه الأزمات حقيقية أم مفتعلة؟
– بالفعل، هي أزمات موجودة ولا نستطيع إنكارها، لكن السؤال الذي ينبغي أن يُطرح: هل حل هذه المشكلات ممكن أو غير ممكن؛ لأنه لا توجد أزمة إلا ولها حل، ما من داء إلا وله دواء، لذا فإن كل هذه الأزمات حلولها موجودة بشرط مواكبة الإرادة والتخطيط السليم، ومشكلتنا في الكويت حتى مع وجود مجلس أمة شرعي، أنه لا يوجد تخطيط سليم، وإن وجد التخطيط السليم لا توجد الإرادة لتنفيذ هذا المخطط.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، قضية الإسكان، لم تحرك ساكناً حتى الآن، تأتي المجالس تلو المجالس والحكومات تلو الحكومات وتنبثق عنها اقتراحات الحلول الجوهرية المؤثرة والناجعة لكنها لا ترى النور لغياب الإرادة أو الإدارة للأزمة، وهذا هو أحد أسباب تعطل حركة التنمية؛ الأمر الذي جعلنا ندور في حلقة مفرغة منذ عقود.
إذن، أين المخرج من هذه الحلقة المفرغة؟
– ببساطة، الخروج من هذه الحلقة المفرغة موجود في الأوراق، والأوراق موجودة في الأدراج، فما عليك إلا أن تفتح الأدراج وتستخرج الأوراق، ولسنا بحاجة مطلقاً لعصا سحرية لحل مشكلاتنا؛ لأن حلول هذه المشكلات بالفعل موجودة في الأدراج، وأكثر دولة تقوم حكومتها بتشكيل اللجان لدراسة المشكلات هي حكومة الكويت؛ لذلك فإن كل ما نحتاجه إرادة جازمة وحازمة لحل المشكلات، ثم الإدارة المحنكة الرشيدة لتنفيذ هذه الحلول على أرض الواقع.
حوار المعارضة والسلطة
دعا بعض النواب من أصحاب الأغلبية السابقة في مجلس فبراير 2012م، لإجراء حوار مع السلطة، وتحديداً مع سمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، فما مدى إمكانية عقد مثل هذا الحوار؟ وهل هو بمثابة حل للمشكلات؟
– أعتقد أن الحوار أمر إيجابي ومطلوب، ومن قال بضرورة أن يكون الحوار مع سمو الأمير قد أصاب، لأننا صراحة في بلد السلطة الواحدة، ومن الواضح أن الحكومة ليس لها أي صوت مؤثر في تصريف شؤون البلاد، وواضح أن الإرادة الأميرية هي التي تقوم بتسيير البلاد، فالحوار مع أي شخص سوى سمو الأمير ليس له أي معنى، خصوصاً وأن سمو الأمير كان صريحاً وواضحاً في طرحه، من أنه لا تراجع عن “الصوت الواحد”.
الكثير يردد وخصوصاً النواب السابقين أن الكويت لها أكثر من سلطة تدير البلاد، ما مدى صحة هذه المزاعم؟
– هذه مزاعم غير صحيحة على الإطلاق، فالكويت بها سلطة واحدة هي سلطة سمو الأمير، والباقي سلطات تنفيذية خاضعة للإرادة الأميرية، لذلك لا توجد أكثر من سلطة تدير البلاد، ومن الجلي أن مجلس الأمة يجري تسييره من خارج مجلس الأمة، من إرادات أخرى وكينونات لها مصالح وبينها صراعات، ولذلك مع الأسف الشديد كل مجموعة لها انتماء معين في ترتيبات معينة.
هل تؤيد وجود الأحزاب في الكويت؟
– هذه القضية حسمت في الحركة الدستورية عام 2001م، عندما أقمنا مؤتمر الحركة الدستورية في العمرية، وكان المؤتمر يدور عن الأحزاب، ومع الأسف الشديد لم ننجح في رفع هذا الشعار؛ لأننا لم نجد من يدعمنا، حتى اليساريين الذين يفترض فيهم أنهم يجيدون ممارسة العمل الحزبي، رفضوا دعمنا، ولم يحضروا المؤتمر، ورفضوا مبدأ الجلوس معنا، وقد خذلتنا الأحزاب والتيارات الأخرى، ولم تسعفنا علاقاتنا الشعبية لإقناع المواطنين، وحتى يومنا هذا مازالوا غير مقتنعين بالعمل الحزبي، الذي لم تقم له قائمة بناء على هذا الموقف، ونتيجة لذلك، نحتاج أولا لتوعية الناس بالعمل الحزبي قبل الحديث الأحزاب.
إذن، هل تكمن المشكلة في النخب السياسية؟
– نعم بالطبع.
تدهور النفط
تدهور أسعار النفط، أصبح الشغل الشاغل للخبراء وللشارع الكويتي، فهل ترى أن البلاد في مأمن من تبعات هذا الموضوع؟
– سعر النفط الكويتي تدهور شأنه شأن كافة الأسعار في الدول المصدرة للنفط بالمنطقة وفي “أوبك”، ورغم ذلك يمكننا القول: إن الكويت هي أقل هذه الدول تضرراً، لما للكويت من صناديق سيادية (صندوق الأجيال القادمة، وصندوق الاحتياطي العام للدولة) بها احتياطي نقدي يمكن التعويل عليه وقت الأزمات، وفضلاً عن ذلك، فإن هذه الصناديق لها دخل ومردود لا يقل عن الإيرادات النفطية، وللعلم فإن الميزانية العامة الدولة للعام المالي الحالي (2014/2015م) تأسست على تحديد سعر برميل النفط بنحو 65 دولاراً. وعندما بدأ العام المالي مطلع أبريل الماضي كان سعر برميل النفط يتراوح بين 100 و110 دولارات حتى منتصف نوفمبر الماضي إلى أن بدأ التراجع في الأسعار، أي أن إيرادات الموازنة تسير لمدة 6 أشهر بضعف السعر المحدد، وفي اعتقادي؛ إننا لم نصل إلى التدهور حتى الآن، وسوف ينتهي العام المالي في 31/3/2015م دون أن نتضرر كثيراً، بانخفاض الأسعار.
القمة الخليجية
القمة الخليجية الأخيرة وصفت بأنها “قمة الفرح” والتفاؤل، فهل تؤيد هذا الوصف؟
– أعتقد أن التفاؤل في هذه القمة يفترض أن يكون موجوداً؛ لأنها جاءت بعد حل الخلافات، وهذه القمة سبقتها قمة الرياض، ثم عودة سفراء السعودية والبحرين والإمارات إلى قطر، حتى إن رئيس مجلس التعاون الخليجي أطلق عليها “قمة الفرح”، لكنني كمواطن خليجي حين أرى مجريات الأمور على ما هي عليه في دول مجلس التعاون الخليجي؛ فأعتقد أنه لا يوجد ما يدعو للتفاؤل، وكانت لي مقالة بجريدة “القبس” بعنوان “ودِّي أتفاءل.. ولكن”، فالقمة ناقشت الحرب على الإرهاب، وأعلنت الدول أنها جميعاً ضد هذه الظاهرة، وستلاحق المنتمين للجماعات الإرهابية، لكن توصيف هذه الحرب حسب البيان الختامي للقمة كان فضفاضاً، وقد يحول دول الخليج إلى دول بوليسية.
فالكويت وهي الدولة الأكثر انفتاحاً من بقية الدول، مع الأسف يراد لها التحول إلى دولة بوليسية، وقد بدأت تتجه إلى كبت الحريات وقمع المناهضين والمعارضين السياسيين، وهذا لا يبشر بالخير في دولة منفتحة لها دستور، وما يفعله وزير الأوقاف في وزارته أمر مخجل، ويؤكد أن التيار الإسلامي الوسطي المعتدل مستهدف، وأفعال الوزير تجر البلاد إلى مجاهل التطرف والطائفية، ونحن في غنى عن هذه الأمور، وقد بدأ هذا الأمر يطال وزارة التربية أيضاً، فقد أقدم وزير التربية والتعليم العالي على التدخل في اختيار الملحقين الثقافيين، وبعد أن حسمت لجنة الاختيارات أمرها قام باستبعاد الرموز ذات الانتماءات السياسية.
كذلك الأمر حدث في السعودية، حيث قامت بالقبض على الداعية محمد العريفي ثم أطلقت سراحه، وهذا الأمر يجعلنا نتخوف من وضع الحريات العامة، وكذلك الإمارات مع الأسف الشديد، فيها نوع من الملاحقة السياسية، لكل المنتمين للتيار الإسلامي المعتدل، والوضع في البحرين ليس بأفضل من ذلك، وعُمان تعاني من الشيء نفسه.
لذلك نشعر بأننا في ردة غير مسبوقة، ونعيش في تراجع عن المكتسبات الشعبية، وهذا وضع خطير للغاية ولا يدعو للتفاؤل.
ضد الربيع العربي
تضمن البيان الختامي للقمة إدانة للإرهاب بعبارات مطاطة، وأقر دعم اللواء الليبي “خليفة حفتر”، وكذلك التمسك بالاعتراف بالمجلس التشريعي بطبرق، رغم قرار المحكمة الدستورية في ليبيا بعدم دستوريته وحله، وأيضاً دعم خارطة الطريق في مصر بعد انقلاب 3 يوليو، فهل نسير ضد إرادة الشعوب العربية؟
– هذا البيان إن دل على شيء فإنما يدل على أن قادة دول مجلس التعاون تُفرض عليهم أجندة من أطراف خارجية، وهم ملزمون بتنفيذها، وإن كان هذا التنفيذ ضد مصالحهم، فكل ما ذكر في بيان مجلس التعاون ضد مصالح دول مجلس التعاون.
برأيك ما تداعيات التخلي عن اليمن وتركها فريسة لمليشيات الحوثي الطائفية وما أثر ذلك على دول مجلس التعاون؟
– ترك اليمن “لقمة سائغة” لمليشيات الحوثي الطائفية المدعومة من إيران سيبكينا مستقبلاً، ويذكرنا بمقولة “عائشة الحرة” والدة آخر ملوك الأندلس “محمد الثاني عشر” عندما بكى بعد تسليمه غرناطة، فقالت: “ابكِ كالنساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال”، لذلك فإن تسليم اليمن للحوثيين ينم عن جهل بالعمل السياسي ومجريات الأمور في المنطقة وتفريط في مكتسباتها والزج بمجلس التعاون بين شقي الرحى.
وهل ما حدث في مصر بعد انتخاب “د. محمد مرسي” رئيساً للبلاد هو بمثابة ردة عن “الربيع العربي”؟
– هي ردة قسرية، وليست اختيارية، فالشعوب تريد حريتها وتريد “الربيع العربي”، وتبحث عن كرامتها، لكن بكل أسف أقدمت دول الخليج بأموالها على تخريب “الربيع العربي”، واختلقت القلاقل والمشكلات في دول “الربيع العربي”، ولولا الدعم المالي الخليجي لعناصر الانقلاب في مصر، لما سقط الرئيس “مرسي” وحدث ما حدث من مشكلات، وأيضاً لولا هذا الدعم الخليجي لـ”حفتر”، لما خربت الثورة الليبية، ولولا تراجعهم عن إسقاط “بشار”، لما استقوى بالإيرانيين ومليشيات “حزب الله” اللبناني؛ الأمر الذي أدى لتخريب سورية، ولولا موافقتهم على تسليم صنعاء للحوثيين لما ضاعت ثورة الإصلاح اليمنية، وأيضاً لولا دعمهم لأنصار “بن علي” (نداء تونس) لما انحرفت تونس عن مسارها الثوري، ولولا تدخل دول الخليج والسعي لإفشال ثورات “الربيع العربي” لأصبحت الأمة في أفضل وأحسن حال.
حرب ضد الإخوان
إذن، هل نستطيع القول: إنها حرب على تيار الإخوان المسلمين؟
– هي حرب ضد “الإسلام السياسي”، وحرب موجهة ضد التيار الذي يبحث عن الحرية والكرامة، وحرب على الشعوب العربية التي تبحث عن كرامتها وعزتها وعن الحياة الكريمة التي تليق بها، فهذه الشعوب ثارت على دكتاتوريات أطبقت على أنفاس الأمة لأكثر من نصف قرن، وبعد أن ثارت الشعوب عليها وأسقطتها تأتي دول الخليج بأموالها وتحاول إعادة هذه الأنظمة من جديد، وما شاهدناه أخيراً من براءة المخلوع “حسني مبارك” الذي قتل الثوار خير دليل على ذلك.. إذن من يتحمل مسؤولية قتل الثوار؟ من الذي يريد إيصال رسالة مفادها استحالة تغيير هذه الأنظمة إلى الديمقراطية؟ إنهم يريدون كسر إرادة الشعوب حتى تيأس من التغيير، ولا يريدون للعربي أن يفكر في السعي للحياة بكرامة، بل يعيش بمهانة، ومن منا كان يتوقع أن يأتي يوم من الأيام يتجرأ فيه أزلام هذه الأنظمة على الدعوة بصوت عالٍ للصلح مع “إسرائيل”، ويعتبرون التعامل مع “حماس” بمثابة التخابر معها، لقد انقلبت الموازين!
أيمكننا القول أننا أمام انحطاط لقيم العدالة؟
– بل إن شئت فقل: نحن أمام تيار تخريبي يستهدف كرامة الشعوب.
جميعنا يعلم ما حدث في مصر، فهل كان تولي الإخوان السلطة أمراً خاطئاً؟
– الإخوان بشر، يخطئون ويصيبون، وأرى أن الإخوان قد أخطؤوا حينما أعلنوا مرشحاً للرئاسة، وهناك من يرى العكس، لأنه لو لم يترشح الإخوان لنجح “أحمد شفيق”، رئيس الحكومة الأسبق في نهاية عهد “مبارك”، وأعاد النظام القديم من جديد. لكن السؤال: هل نجح “د. مرسي” في إدارة الدولة؟ نعم، برأيي قد نجح وبنسبة 100%، في ظل الظروف التي كانت تحيط به وهو في مواجهة الدولة العميقة في الجيش والشرطة والإعلام.
القضية الفلسطينية
ألست مع الرأي القائل: إن القضية الفلسطينية في تراجع، ويُراد لها ذلك من خلال إدخال الشعوب العربية في صراع مع الأنظمة، بعد أن كانت القضية الأولى للمسلمين؟
– نعم، الآن لم تعد القضية الفلسطينية هي القضية الأولى، فلقد أصبح العرب والمسلمون مشغولين بهمومهم وقضاياهم، وكل يريد الخلاص لنفسه، علاوة على ذلك فإن الأنظمة العربية التي سعت لإفشال وإجهاض ثورات “الربيع العربي”، كانت ترى في وجود دولة فلسطينية تجاهد الاحتلال في غزة هي شكل من أشكال “الربيع العربي”، وكما أسقطوا الثورات الأخرى، حاولوا إسقاط غزة في أثناء تصديها للحرب الأخيرة للعدو الصهيوني لكنهم فشلوا.
ومن واقع تجربتي الخاصة في الكويت، لم أجد من يتفاعل مع القضية الفلسطينية، إلا تياران، تيار الحركة الدستورية الإسلامية، وتيار الائتلاف الوطني الشيعي (حزب الله)، ثم اكتشفنا أن تفاعل “حزب الله” لم يكن جاداً، ولكن الأمر مرتبط بمصالح “حزب الله” في جنوب لبنان، فللأسف انشغل الناس عن القضية الفلسطينية، ولم تعد لها أولوية، والقضية الفلسطينية بالفعل تراجعت تراجعاً كبيراً نتيجة التغييرات التي حدثت في المنطقة، بعد ثورات “الربيع العربي”.
داعش والغرب
وماذا عن تنظيم “داعش”؟
– تنظيم “داعش” صنيعة كبرى وليست كذبة كبرى، فهي أمر واقع ولكنه صنيعة استخبارات غربية، عندما رفعت راية “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، انبرى لها عشرات الآلاف من الشباب المسلم المتعطش لهذه الراية بنوايا صادقة، لكن القيادة والتخطيط لهذا التنظيم كله غربي، الهدف منه تحقيق غايات كثيرة في المنطقة، من بينها الإبقاء على نظام “بشار الأسد”، والقضاء على التيار السُّني، ولتحقيق هذا الهدف يجري القضاء على التيارات السُّنية الجهادية وغير الجهادية، المعتدلة أو المتطرفة منها، وهذا ما يحدث اليوم في العراق وسورية.
إذن بماذا تفسر هذا الحشد والتحالف الدولي ضد “داعش”؟
– التحالف الدولي في الظاهر ضد “داعش”، لكنه في الباطن وعملياً ضد أهل السُّنة والجماعة، والدليل على ذلك أنهم كلما أرادوا ضرب مدينة من مدن السُّنة، طلبوا من “داعش” التوجه إليها، وعندما تدخل “داعش” المدينة السُّنية تقوم طائرات التحالف بدك المدينة، والغريب أنه كلما يقومون بدك وقصف “داعش”، نلاحظ أن “داعش” تزداد قوة، وتتوسع وتتمدد، ولم نسمع أن “داعش” قد واجهت النظام السوري في أي معركة في الأراضي السورية، ولم نسمع أن “داعش” هاجمت الجيش الشيعي الرافضي الطائفي وقاتلته في سورية، ولم نسمع أن “داعش” أطلقت رصاصة واحدة على الكيان الصهيوني وهي بالقرب منه.. إذن من هي “داعش”؟ لا شك أنها صنيعة غربية، الهدف من صناعتها هو القضاء على أهل السُّنة والجماعة، وكل عملية شاذة تقوم بها “داعش” يتم تصويرها ونشرها، فما المقصود من وراء ذلك غير تشويه الإسلام؟ فمن يقطع رأس إنسان ثم يضعه على صدره ومن ثم يقوم بتصويره؟ وكيف يأتون بامرأة ويرجمونها وهم يمارسون الزنا اليومي فيما يطلقون عليه ملك اليمين، وكيف يتفاخر أحدهم أنه يريد أن يبيع من الإماء ويصورهن وينشرهن بواسطة “الواتس أب”، بلا شك هذا إنسان يتعمد تشويه الإسلام، وتنفير الناس منه لا أقل ولا أكثر، لذلك نجد الكثير من الشباب الذين التحقوا بـ”داعش” قد تراجعوا وانسحبوا بعد رؤيتهم لتلك الأفعال الشاذة.
فـ”داعش” تتبنى قاعدة قتال المرتد قبل المشرك، حتى يبررون قتل أهل السُّنة والجماعة، ويتركون الطائفيين والصليبيين وغيرهم، لذلك أنا أقول: إن “داعش” صنيعة غربية.
وبالنسبة للقضية السورية، هل يكون الحل من داخل سورية؟
– نعم، القضية السورية لا يمكن حلها إلا إذا رفعنا أيدينا عنها، فإذا رفعنا أيدينا عنها من الممكن أن تحسم، ولن ترفع الأيدي عن سورية إلا إذا تأكدوا أن نظام “بشار” قادر على مواجهة الثوار والقضاء عليهم.
رؤية مستقبلية
حدثنا عن التوقعات المستقبلية للأمة ولهذا الدين؟
– لا شك أن المستقبل لهذا الدين بعون الله تعالى سواء على المدى القريب أو البعيد، وهذا ما أكده القرآن الكريم والسُّنة الشريفة، فعلى المدى القريب كنا نشاهد وضع الإخوان المسلمين قبل 25 يناير ووضعهم اليوم، فحالياً يتعاطف الأسوياء المنصفون في العالم مع الإخوان المسلمين، ولقد كان سيد قطب غير معروف إلا عند الإخوان المسلمين فقط، واليوم سيد قطب أصبح رمزاً يبحث عنه في المكتبات، (وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، والله تعالى يمحص عباده ليميز الخبيث من الطيب، وقد كانت تحت الرماد نيران متقدة وشخصيات مستترة كنا نظنها حتى وقت قريب أنها الرمز والقدوة، وقد سقطت سقوطاً مدوياً بعد الأزمات الأخيرة التي مرت بالأمة، وكشفت عورات الليبراليين والعلمانيين الذين أثبتوا أنهم بلا مبادئ، وإنما هم أصحاب مصالح يتجهون أينما تتجه، وهم على أتم الاستعداد للتخلي عن مبادئهم لتحقيق مصالحهم الشخصية، وهذا السقوط والانكشاف كان لصالح التيار الإسلامي، وما يحدث في المنطقة كله خير، وإن كان مؤلماً، لكنه في النهاية سيؤدي إلى انتصار هذا الدين بإذن الله تعالى.
هل من كلمة أخيرة؟
– أقول لمجلة “المجتمع”: أتمنى أن تعودوا مثلما كنتم في السابق؛ مجلة المسلمين الأولى، وأن تتطور “المجتمع” إلكترونياً.