بداية، أفتتح ما سأكتبه من سطور بحديث الحبيب المحبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يشمل معنى كلمة “الرويبضة” وبيان معناها، يقول صلى الله عليه وسلم: “سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة”، قيل: وما الرويبضة؟ قال: “التافه يتكلم في أمر العامة”.
نعم.. التافه من السفهاء ممن يتحدث في أمور العامة في وسائل الإعلام سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية!
أحمد الله تعالى وأشكره جل جلاله أنني من أبناء الكويت، وقبل هذا وذاك أحمده أن أكرمني بلا حول مني ولا قوة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الذي أكرمني فولدت من أبوين مسلمين، فهذه نعمة لا يعلم عظمتها فاقدها، ومن هو منعم فيها فليحمد الله تعالى في كل جزء من الثانية أن استطاع على هذه النعمة التي لا تجاريها نعمة من نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى.
أحمده جل جلاله على نعمة الإسلام، وأسأله سبحانه الثبات، وأن ألقاه وأنا على الإسلام وعلى التوحيد بفضله وكرمه ومنته.
ذكرتُ الكويت لشيء رأيته قبل أيام من رويبضة نطقت بما لا ينطق به إلا السفهاء بالفعل، الذين يتحدثون في أمور العامة في وسائل الإعلام، نعم سفهاء صغار العقول، سفهاء الأحلام كبيرو الغرور، أدعياء العلم والمعرفة، أدعياء الذكاء المهني وهم عين الغباء، ولا يملكون ذواتهم مع الأسف!
سمعنا ورأينا من الرويبضة السفهاء ممن يتدثرون النجومية المزيفة في الإعلام الكاذب الغبش حقيقة، ما يزرع بذور الفتن وقلة الذوق، ومن ثم نشر القيل والقال وتعميم السفه!
في الكويت فترة السبعينيات إلى منتصف الثمانينيات حقيقة، كنا ككويتيين لا نحمل لبعضنا إلا الحب والود، وما زلنا إن شاء الله تعالى، وبغض النظر عن مرجعياتنا الأصولية إلى من، أو من أي أرض هي أصلاً، أو من أي قبيلة أو طائفة.
كان هناك فهم وثقافة شعبية إذا صحت العبارة، ثقافة لم ولن يتعالى عليها أحد من الناس حتى الشباب الصغار كما كنا نحن حينها، وأذكر أيام أنسنا في جلساتنا وسمرنا، وخصوصاً في رحلاتنا البرية أو البحرية، نأنس ونتسامر من غير أي حساسية، وهنا أتحدث بشكل الخصوص عن منطقة العمرية بقطعة واحد، كنا مجموعة متنوعة نخرج مع بعض بـ”كشتاتنا”، وكان خير أنسنا المسلي أن يعلق كل واحد منا على بعض مواقف من جماعته تكون فيها الطرفة، وفيها الأنس أو حتى بعض أبيات الشعر والمواقف الغريبة وطرائف اللهجة.
نجد النجدي يعلق ويذكر المواقف من جماعته أهل نجد الكرام، والذي من أصل زبيري كذلك، وأيضاً الكندري، وأيضاً من أصوله من إيران و”البدليات” وما شابه ذلك، وهكذا نقضي سمرنا بالليل بالضحك والأنس حتى الفجر أحياناً على هذه المواقف من غير أي تحسس، وكثير منا من حفظ الكلمات الإيرانية حتى اليوم التقطها من زميله وهو يعلق والعكس، فما كانت بيننا حساسية أو تعالى السفهاء كما رأينا قبل عدة أيام من الرويبضة! لأننا جميعا أبناء الكويت، وثقافتنا واضحة تقول ضمناً وعملياً وحركة وسكوناً دون نطق: هكذا نحن أبناء الكويت، نعم.. تجمعنا من نجد والمملكة، ومن العراق والزبير، والخليج عموماً، ومن إيران وبر فارس بكل طيوفهم وطوائفهم، فلذلك نحن نحب الكويت، ونحب بعضنا، ونتحدث ونتسامر من غير تحفظ لأننا بالأصل نحترم بعضنا بعضاً وبيننا الحب والمودة.
بل أذكر حتى في الإعلام المحترم الحكومي، هناك فنان اسمه في أدواره “بندر” في المسلسلات، يمثل دور الرجل الذي أصوله من فارس، ولا نجد حرجاً لأن الكل يعلم ويحترم الكل، والكل يعلم أن هذه الكويت بطيوفها العرقية والطائفية من غير أي تعالٍ بين الطيوف كما نرى أو رأينا قبل أيام غرور الرويبضة وسفاهة عقل أدعياء العلم والمعرفة إعلامياً، وما هم إلا عالة على هذا الفن والعلم الخطير.
اليوم نجد الرويبضة السفهاء، من يتعالى لمجرد الخلاف مع أخيه سرعان ما يعيره بأصله وفي مرجعيته، وكأنه هو الكويتي الذي نبت في الكويت كـ”الفقعة”، ونبت نبوتاً في هذه الأرض منذ الأزل! ومن ثم يسخر من أخيه الذي هو من أصل زبيري مثلاً أو يعلق كلاماً ويسخر من أخيه الذي أصوله من إيران بكل قلة ذوق وحياء وأدب، وما علم هؤلاء السفهاء أن مقابلهم سفهاء أيضاً، ومن الممكن استغلال هذه السفاهات الرويبضية! في تشويه الكويت والمجتمع الكويتي ومن ثم تأجيج الفتن، وأظن هذا مطلب أسياد الرويبضة! وحقيقة نحمد الله تعالى أن هذه النوعية عبيد الغير! قلة ولا يمثلون إلا القلة القلية قليلي الأدب.
اللهم نسألك أن تكفينا شرور الرويبضة وترد كيدهم في نحورهم، والسفهاء العالة على المهن والعمل الإعلامي المأجورين، وتكفينا شر كل ذليل لا يملك ذاته، وتكفي الكويت الحبيبة وأهلها شر التنظيمات اليهودية الماسونية التي تسعى نخراً في بلاد المسلمين، وتكفينا شر جرائها السفهاء الذين لا يملكون ذواتهم!
_________________
(*) إعلامي كويتي.