يتزايد الاهتمام الشعبي والرسمي بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ إعلان الحكومة السودانية الأسبوع الماضي، عن زيارة مرتقبة إلى البلاد.
فعلى الصعيد الرسمي، ينظر السودان إلى تركيا كحليف إستراتيجي بات مؤثراً على الساحة السياسية الدولية، بل إنها ترغب في تطوير العلاقات مع أنقرة على كافة الأصعدة.
أما شعبياً فمواقف الرئيس التركي مؤخراً، من القضية الفلسطينية والقدس تحديداً، جعلته يحظى بتأييد وجماهيرية عالية لدى قطاعات كبيرة بين السودانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية.
وزيارة أردوغان هذه، الثانية من نوعها، بعد أخرى أجراها إلى السودان في مارس 2006، عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء.
وآنذاك زار الرئيس التركي إقليم دارفور غربي البلاد، وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية أرفع زيارة يقوم بها مسؤول أجنبي للمنطقة التي تشهد نزاعاً مسلحاً منذ عام 2003.
ترحيب حكومي
الخميس الماضي، وعند إعلان الزيارة المقررة اليوم الأحد، عبّرت الحكومة السودانية عن ترحيبها بالزعيم التركي، في بيان صدر عن وزارة الخارجية في البلاد.
وفي البيان الذي اطّلعت عليه “الأناضول”، وصفت الزيارة التي تستغرق يومين بالتاريخية، كونها الأولى من نوعها لرئيس تركي منذ استقلال، البلاد في عام 1956.
وقالت: إن الزيارة التي تأتي تلبية لدعوة الرئيس السوداني عمر البشير ستشكل نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين.
وعلى جدول الزيارة، فمن المقرر أن يجري الرئيسان مباحثات مشتركة، وسيوقعان عدداً من الاتفاقيات، كما سيشاركان في ختام انعقاد الملتقى الاقتصادي بين البلدين، بمشاركة أكثر من 150 شركة تركية.
ومن المقرر أن يزور الرئيس التركي مدينتي بورتسودان وسواكن (شرق) لتفقد الآثار العثمانية، كما سيشهد توقيع عدد من الاتفاقيات الخاصة بالمنطقة الحرة والميناء.
وضمن الزيارة سيتسلم أردوغان درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة الخرطوم (أعرق جامعات السودان)، اعترافاً بجهده في قيادة نموذج ناهض للتنمية في بلاده، وخلق شراكات مع السودان والمجتمع المدني في مجالات مختلفة.
تنسيق سياسي
ووفق ما ذكرت “وكالة الأنباء السودانية” الرسيمة (سونا)، فإن البلدين عملا على تقديم الدعم لبعضهما في المحافل الدولية.
وأشارت الوكالة إلى دور السودان في فوز تركيا بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن، لفترة 2009 – 2010.
وفي ملف أصدرته الوكالة حول العلاقات بين أنقرة والخرطوم، الخميس، بمناسبة زيارة أردوغان، لفتت إلى دعم الحكومة السودانية لمرشح تركيا لمنصب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في 2007.
وأشارت إلى دعوة الحكومة السودانية المستمرة لحل المسألة القبرصية في إطار الأمم المتحدة.
وظلت تلعب الحكومة التركية، وفق الملف، على دعوة المجتمع الدولي لاعتماد الطرق الدبلوماسية في التعامل مع السودان وحل قضاياه.
كما أعلنت موقفاً صريحاً برفضها ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس، الذي تتهمه منذ عام 2009، بـ”ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، في إقليم دارفور، إضافة إلى اتهامه بـ”الإبادة الجماعية” في عام 2010.
ولفت الملف ذاته إلى تقديم تركيا مقترحاً لدعم السلام والاستقرار بين السودان ودولة جنوب السودان، عبر آلية للتعاون الثلاثي بين أنقرة والخرطوم وجوبا، لتنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية، بما يعزز السلام والاستقرار عقب انفصال دولة الجنوب في عام 2011.
اتفاقيات البلدين
في هذا الإطار، وقع السودان وتركيا اتفاقية للتعاون الفني في عام 1989، قبل أن يوقعا برتوكول للتعاون الثقافي، واتفاقية لجدولة ديوان السودان في عام 1992.
وشهد عام 2002 توقيع عدة اتفاقيات للتسهيلات الائتمانية، لبناء الجسور ومشاريع الصرف الصحي، تلتها اتفاقية للتعاون الصحي في عام 2007.
ووقع البلدان أيضاً اتفاقية للتعاون بين المركز القومي للدراسات الدبلوماسية السوداني (حكومي)، والأكاديمية الدبلوماسية التركية في عام 2010.
وفي العام ذاته، تم التوقيع على اتفاقية إلغاء تأشيرات الدخول لحاملي الجوازات الدبلوماسية بين البلدين.
وبعد خمسة أعوام وقعا مذكرة تفاهم في مجال الإرشاد والأوقاف. وأخرى في مجال المعلومات والتقنيات الإلكترونية بين وزارتي خارجية البلدين.
وفي أبريل 2015 جرى توقيع اتفاقيات تعاون في مجالات الصحة الإلكترونية، والفنون والعلوم والجوانب العسكرية.
التبادل التجاري
بلغ حجم التبادل التجاري في عام 2013، 291 مليون دولار، ليرتفع في عام 2015 إلى نحو 320 مليون دولار، حسب وكالة “سونا”.
وقالت وزارة الاستثمار السودانية، الخميس: إن حجم الاستثمارات التركية في البلاد بلغ ملياري دولار، خلال الأعوام الـ17 الماضية.
وذكر تقرير صادر عن الوزارة أن “عدد المشاريع الاستثمارية (في السودان) بلغ 288 مشروعاً، خلال الفترة ذاتها”.
ويتبادل البلدان الصادرات الزراعية، في حين تستورد السودان من تركيا الأجهزة الكهربائية، ومدخلات الإنتاج الصناعي والزراعي والملابس.
وساهم بنك تنمية الصادرات التركي، وفق الملف الذي أصدرته الوكالة السودانية، في مشروعات البنى التحتية بالخرطوم، إذ تم إنشاء جسري “المك نمر” و”الحلفايا” بالعاصمة، فضلاً عن محطتي “مياه الخرطوم بحري”، والصرف الصحي، بتمويل يبلغ نحو 100 مليون دولار.
المنح:
وقدمت تركيا للسودان تسهيلاً ائتمانياً، بحدود 100 مليون دولار في عام 2008، رفعته لاحقاً إلى 200 مليون دولار.
ومنحت أنقرة الخرطوم أيضاً مبلغ 4.7 مليون دولار، لإنشاء “المستشفى التركي” في ضاحية الكلاكلة جنوب العاصمة الخرطوم، في عام 2000.
وخصصت منحة بمبلغ 50 مليون دولار، لإنشاء “المستشفى التركي”، في مدينة نيالا، غربي البلاد.
وتواصل تركيا تقديم المنح العلاجية السنوية للمرضى السودانيين، كما تخصص منحا دراسية للطلاب في كل المستويات التعليمية بالجامعات التركية.