يبدو أن الرسائل الإنسانية باتت هي الحل أمام أسر المختفين قسرياً في مصر، خاصة والأيام تمر عليهم بطيئة دون حسم لمواقف ذويهم، وفق ما يقول البعض، فيما تصر السلطات المصرية الرسمية عدم وجود اختفاء قسري في البلاد، وهو ما ينفيه الحقوقيون عادة.
عزت غنيم
رشا صبري، زوجة الحقوقي عزت غنيم، أصدرت، أمس الأحد، بياناً -وصل “المجتمع” نسخة منه- بمناسبة مرور 100 يوم على الاختفاء القسري لزوجها، امتلأ برسائل إنسانية، رأت في حديث خاص أنها قد تكون السبيل المتاح الآن بعدما حاولت طرْق كل الأبواب دون جدوى.
وبحسب البيان، قالت رشا صبري: “رسالة إلى زوجي الحبيب عزت غنيم.. أينما كنت.. بعد مرور مائة يوم على اختفائك، أتمنى أن تكون بخير.. أتمنى ذلك لأني لا أعلم هل أنت كذلك أم لا.. نفتقدك جميعاً.. نفتقد الأب الحنون والابن البار والزوج الحبيب، نفتقد الإنسان الذي لم يخالف القانون وكان يرى أن حقوق الإنسان هي بوابة الحفاظ على مصر، لكن لا أعرف السبب في إخفائه قسرياً لمدة وصلت إلى 100 يوم، بعد حصوله على إخلاء سبيل”.
وتضيف رشا لـ”المجتمع” أن زوجها لم يقترف جرماً حتى يستحق هذا، حيث كان ينادي بحقوق المواطنين على اختلافهم ولم يكن في خصومة مع أحد، متسائلة: “أين هم من حقوق الإنسان؟ وأين المجلس القومي؟ وأين نقابة المحامين؟ وأين اللجنة القانونية التي قالت: إنها تدافع عن حقوق الإنسان في مصر أمام العالم؟ والعالم سأل عن عزت غنيم عبر منظماته الدولية ولكن ما من مجيب”.
عزت غنيم نموذج لحالات أخرى قدرتها منظمة “كوميتي فور جستس” الحقوقية المصرية بالخارج، في الفترة الزمنية من أغسطس 2017 إلى أغسطس 2018م، بعدد 1989 حالة، فيما بلغت عدد الحالات التي تم رصد ظهورها بعد الاختفاء القسري 1830 حالة فقط وثقت هي من الحالات 318 حالة، وقدمت 141 شكوى إلى الآليات الدولية لمساعدة ضحايا الاختفاء القسري.
د. مصطفى النجار
د. مصطفى النجار، عضو برلمان ثورة 2011م، إحدى الحالات البارزة في مشهد الاختفاء القسري في مصر، كذلك، بعد مرور 85 يوماً على اختفائه القسري، ولجأت أسرته إلى استخدام اللغة الإنسانية كذلك في منشوراتها.
ونشر ذووه رؤيا نقلاً عن ابنه سهيل، رأى فيها أباه عائداً يأخذه إلى المدرسة، وحازت على اهتمام واسع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتعليقات كثيرة تدعو السلطات المصرية للإفصاح عن موقع النجار أو البحث مع أسرته عنه باعتباره مواطناً مصرياً.
ودشن ذووه وسماً على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “#مصطفى_النجار_فين (أين)”، وحثوا المواطنين والنشطاء للحديث عنه والكتابة حوله في محاولة لإجلاء مصيره.
ورداً على شائعات راجت عن قتله، ردت أسرته في بيان على صفحته المعتمدة في حملته التي تحمل اسم ابنه “سهيل النجار”: “شكراً لكل اللي قلق على مصطفي من الخبر الذي نشر، ولكن ثقتي أنه بخير وأنه راجع لنا بألف سلامة، ولكن نحن في حالة نفسية رهيبة أنا وأمه وأولاده وأخواته وكل أقاربنا دعواتكم لنا ولمصطفى، ورجاءً من المسؤولين إجلاء مصير مصطفى النجار، نحن تعبنا وأولاده في حاله نفسيه صعبة”.
نفي رسمي
وفي المقابل، تنفي الحكومة المصرية أي وجود لظاهرة الاختفاء القسري لديها، وتؤكد أن غالبية من ادعت منظمات حقوقية دولية أو محلية تصفها بـ”المعارضة” اختفاءهم، هم إما رهن الاحتجاز على ذمة التحقيق في قضايا بأمر من النيابة العامة، أو أنهم يؤدون مدة العقوبة في السجون بعد صدور أحكام نهائية وباتة من قضاة المحاكم، بتورطهم في ارتكاب جرائم إرهاب.
وينظر القضاء المصري قضية تحمل رقم (900 لسنة 2017م حصر أمن دولة)، وتضم 18 متهماً بالانضمام لـ”رابطة أسر المختفين قسريًا”، والتهمة الرئيسة للمتهمين ترويج أخبار كاذبة ونشر شائعات حول الاختفاء القسري في مصر.
لكن منظمة “كوميتي فور جستس” الحقوقية قالت في سبتمبر 2018م: إن التقرير السنوي الصادر عن الفريق الأممي المعني بحالات الاختفاء القسري وثّق استمرار جريمة الاختفاء القسري في مصر، وأنها تتم بشكل ممنهج بحق الناشطين والحقوقيين والعديد من المواطنين، فضلاً عن عدم تعاون السلطات المصرية معها في “الإجراءات” بالتزامن مع تقليص مساحة المجتمع المدني، واستهداف النشطاء الحقوقيين الذين يعملون على توثيق تلك الجريمة.