ما إن سيطرت حركة “طالبان” على أفغانستان، أو بالأحرى على العاصمة كابل، حتى رأينا رؤوس أدعياء الإنسانية، وأدعياء العقل والاستنارة! يتقافزون كالجنادب تشكيكاً في “طالبان” وتصوراتها، وتطورها الفكري والدعوي الذي تطرحه وتعلن عنه بكل وضوح، لتلجم أهل الزيغ وأدعياء الإنسانية وما شابه، الذين ما كان همهم إلا التركيز على ألا يكون للناس والشارع المسلم والعالمي إنسانية وعقلانية في “طالبان”، وما كان هدفهم “طالبان” بعينها، إنما كان الهدف الإسلام العظيم وتحييده عن الحياة بكل جوانبها!
أنا لا أدعي التأييد أو عدم التأييد لـ”طالبان”، ولكن أكتب وأقول لهؤلاء الأدعياء: أين كنتم يوم أن تمت مذبحة رابعة، وقُتل فيها من قُتل، وهتك من هتك عرضاً وستراً؟! نعم، نفس “الجوقة” المتنوعة ظاهراً الواحدة باطناً وأصلاً؛ من العلمانيين، والليبراليين، والسلفية الكذوب المتمثلة في الجامية، والمداخلة، والرسالنة، والماسون، هذه “الجوقة” اليوم لا هَمَّ لها إلا التشكيك في “طالبان” خوفاً أن يظهر منها ما هو خير، ومن ثم يتناثر فكرهم وما يسعون إليه من عداء للإسلام والمسلمين والدعاة الصادقين!
أكرر، لا أدعي التأييد ولا النكران، ولكن حسب متابعتي للأمور، أرى أن “طالبان” ستنجح هذه المرة وبجدارة ما دامت تسير في وعلى منهج العفو وفتح صفحة جديدة متجددة في فهم الإدارة والسياسة، وواقعية الدعوة وفقه الواقع، الذي يتعامل برقي مع الكل حسب فقه الواقع وفهم المجتمع، وفهم النهي عن المنكر بعدم إتيان أكبر منه فهماً جيداً ودقيقاً، حسب ما أرى، لا يمنع من وجود بعض المناوشات هنا وهناك، فهذا أمر لا بد منه، ولكن في النهاية السلم والعقل والشرع يسود، وسيكون النصر نصيبهم حينها لا شك، وهذا بالنسبة لتلك “الجوقة” أمر مخيف ومرعب لأنه يؤكد إنسانية الإسلام العظيم.
إن ما صرحت به “طالبان” من تسامح وتساهل ما هو إلا دليل الفأل الحسن، ويدلل على أن الإيجابيات آتية مستقبلاً، وذلك مثل العفو عن الجميع من كان ضد أو مع، ومبايعة شقيق الرئيس السابق أيضاً لها إيجابياتها، وقلب الدين حكمتيار يؤكد أنه مع النظام الإسلامي المتمثل في “طالبان”، وأحمد بن شاه مسعود يبايع الحركة، فكل هذه مؤشرات تزعج “الجوقة”، ولكن مع مرور الأيام القليلة الآتية، في تصوري، ستهدأ الأمور، ويذهب الهلع إذا لم تنجح “الجوقة” بالتأجيج من جديد.
ولا شك أن هذه “الجوقة” لم ولن تهدأ، فها هي تسعى اليوم كعادتها تشكيكاً بعقيدة “طالبان” كما شككت في الإخوان بمصر، فحكَمَ مصر اليوم السلفي ناصر التوحيد!
وهي اليوم تشكك في “طالبان”، علماً أننا ما سمعنا لهم قولاً في الأمريكيين يوم أن كانت قابعة في أفغانستان، لعلهم يرون في أمريكا الإمام المتغلِّب!
لقد اعتدنا على هذه “الجوقة” صنيعة صهيون، اعتدنا منهم التشكيك في المخلصين، وهذه “الجوقة” حقيقة هم الخوارج بكل معنى الكلمة لو دققنا فيهم، وصفاتهم ظاهرة بهم، وضمناً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سفهاء الأحلام صغار الأسنان”، وهم أسباب الدجال، نعم ما أراهم إلا الممهدين لدعوة الدجال باسم الدين والسلفية المزيَّفة.
ويتبجح بعض من عناصر “الجوقة” بتشدد “طالبان” في لباس المرأة الشرعي وما شابه، ولكنَّ هذا السلفي المزيَّف وأخاه العلماني المحارب للدين لا يمكن أن يفهم القانون الفرنسي الذي يمنع المرأة المسلمة السير بحجابها في شوارع فرنسا سواء لذهابها إلى العمل أو إلى المدارس والجامعات، وإن حصل هذا فسيتم اعتقالها.
ما سمعنا لهذه الجوقة وعناصرها كلمة نقد لفرنسا أو لوماً على استحياء!
فأين أنتم أيها “الجوقة” التي تحوي مجموعة الطيوف الفاسدة؛ علمانية، ليبرالية، جامية، مداخلة، رسالنة؟!
لعلهم يخشون الخروج على الرئيس الفرنسي المتغلِّب!