أنهت مؤسسات إعلامية فلسطينية عمل 28 صحفياً، إثر أزمة مالية عصفت بها جراء جائحة “كورونا” التي أصابت معظم اقتصادات الدول، فقد أفلست كثير من الشركات الصغيرة وحاصرت المتوسطة منها.
وبحسب مصادر، فإن الأزمة المالية عصفت بعدد من وسائل الإعلام الفلسطينية الخاصة، وقد تطفو قريباً على السطح، في شكل أزمة تجتاح الكثير من مفاصل الحياة في بلد يرزح تحت الاحتلال منذ نحو 73 عاماً.
ويقول صحفيون يعملون في عدد من وسائل الإعلام المحلية: إنهم يتلقون أنصاف رواتبهم منذ بداية الجائحة، غير أنه لا أمل يلوح بالأفق لنهاية قد تعتبر سعيدة لهذه الأزمة.
أزمة مالية
أزمة مالية تعصف بعدد كبير من وسائل الإعلام منها إذاعة “أجيال” وفضائية “النجاح”
والإثنين أعلن 17 صحفياً في الفضائية التابعة لجامعة النجاح الوطنية (غير حكومية)، في مدينة نابلس (شمال)، انتهاء عقودهم، بعد مسيرة مهنية حافلة.
وكانت إدارة الجامعة قد بررت القرار بأنه يأتي جراء الأزمة المالية الناجمة عن جائحة كورونا.
وأشارت إلى أنه تقرر تحويل الفضائية إلى تلفزيون محلي وإذاعة، وإعادة هيكلة العاملين فيها، وتم إغلاق مكاتب الفضائية في باقي المحافظات الفلسطينية.
وسبق أن أعلن 11 صحفياً في إذاعة “أجيال”، برام الله (وسط) انتهاء عملهم بالإذاعة بعد شهور من المعاناة المستمرة من ضيق الحال وقلة الأعمال لما تمره المناطق الفلسطينية من إغلاقات وحظر تجوال.
وقال فراس الطويل، أحد العاملين السابقين في “أجيال”: إن إدارة الإذاعة دفعت بجميع العاملين للاستقالة والحصول على نهاية الخدمة، بخصم 10% من مستحقاتهم باتفاق مع العاملين، لإعادة هيكلة الإذاعة.
التضحية برموز وكوادر إعلامية عريقة على الساحة المحلية
وتابع في حديث مع “الأناضول”: ما جرى فيما بعد أنه تم الاستغناء عن الجيل القديم، وإبرام عقود جديدة مع زملاء شباب.
وأضاف: دُفعنا للاستقالة وتم التضحية بنا، عملت وبقية الزملاء منذ بداية جائحة كورونا حتى نهاية العام 2020 بنصف راتب، على أمل الخروج بالإذاعة التي تعد بيتنا الثاني لبر الأمان.
ومنذ عام 2008 عمل الطويل مقدم برامج في إذاعة “أجيال”، ويعد واحد من أبرز الأصوات فيها.
وقال الطويل: الصحافة الفلسطينية هي الخاسر، ولست أنا كشخص.
أسباب ومحاولات للحل
قال نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر: إنه تنبأ بأزمة مالية تعصف بعدد كبير من وسائل الإعلام الخاصة.
وأرجع ذلك إلى الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الفلسطيني، إثر جائحة كورونا، والتحول الذي طرأ على الترويج للمنتجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدلا عن كثير من الوسائل السابقة من إذاعات وجرائد ومجلات وتلفزيونات.
ووقع أبو بكر العام الماضي اتفاقاً مع وزارتي العمل والإعلام في الحكومة الفلسطينية، لعدم تسريح الصحفيين من عملهم وضمان رواتبهم أو دفع 50% منها على أن تبقى حقوقهم مصونة بعد تحسن الحال.
ويعقد أبو بكر سلسلة اجتماعات دورية مع ممثلي القطاع الاقتصادي، والحكومة، ومالكي وسائل الإعلام.
كما بيّن أنه طلب من الحكومة الفلسطينية إعفاء المحطات الإذاعية والتلفزيونية من رسوم الترددات السنوية، لاستثمار المبلغ كرواتب للعاملين.
وأشار أبو بكر إلى أن قطاع الإعلام الخاص يوفر فرص عمل لنحو 600 صحفي، وأن استمرار الأزمة يعني أن الإعلام الفلسطيني في وجه العاصفة، وأنه يواجه أزمة كبيرة، نأمل حلها.
بدوره، أكد شريف حج علي، مدير التواصل في المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، أن الأزمة المالية الناتجة عن جائحة كورونا عصفت بالإعلام الفلسطيني.
وأشار في حديث لـ”الأناضول” إلى أن “وسائل الإعلام الفلسطيني تعتمد بشكل رئيس على الإعلانات التجارية كمصدر دخل رئيس، غير أن غالبية الشركات أوقفت إعلاناتها إثر سياسة الإغلاقات التي فرضتها كورونا”.
إنهاء عمل 28 صحفياً فلسطينياً في الإعلام المحلي بعد شهور من المعاناة المستمرة
وأشار إلى أن الأزمة المالية عصفت بعدد من وسائل الإعلام المحلية، كان أبرزها إذاعة “أجيال”، وفضائية “جامعة النجاح”.
إجراءات وظروف لا مناص منها
ومنذ مارس الماضي، أعلنت الحكومة الفلسطينية سلسلة إغلاقات وإجراءات لمواجهة فيروس كورونا، بينها الإغلاق الشامل.
في أكتوبر الماضي، توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 8% خلال عام 2020، تحت تأثير أزمتي جائحة كورونا، وتعطل تحويل عائدات المقاصة من “إسرائيل”، وتباطؤ اقتصادي بدأ في عام 2019.
وقال البنك في تقرير له: بعد 3 سنوات متتالية من نمو اقتصادي يقل عن 2%، أثبت عام 2020 أنه صعب للغاية حيث يواجه الاقتصاد الفلسطيني أزمات ثلاث تشد كل منها الأخرى.
والأزمات الثلاث، حسب البنك الدولي، تتمثل في “تفشي جائحة كورونا، وتباطؤ اقتصادي حاد، ومواجهة سياسية أخرى بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، عطّل تحويل إيرادات المقاصة”.
وبشأن الوظائف، التقرير ذكر أن 121 ألف شخص فقدوا وظائفهم في الربع الثاني من عام 2020، مع تفشي الجائحة.