كثير من الناس يعتقد أو يظن أن الفرح والسرور أمر جداً ثانوي في دين الإسلام والدعوة إلى الله تعالى، بل البعض يرى أنه لا علاقة له بالدين والدعوة -الفرح- أو بالأحرى يمارس الأحزان وعدم الاستمتاع ظاناً أنها من التقوى، ومن ثم لا شك هذا له تداعيات وظلال، منها عدم التمتع بالحياة الدنيا، وعدم التمتع في يومنا الحاضر، وذلك بسبب ذنوب الماضي وخوفاً من المستقبل (الحساب)، ويغفل عن قول الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (البقرة: 186).
لا شك أن هذه النوعية من الناس مهما كانت درجتهم العلمية والدعوية لديهم سوء فهم غريب وبعيد عن الحقيقة والحق، وما يدعونه لا دخل له بالإسلام والدعوة إلى الله تعالى، التي دائماً وأبداً يبشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصر هذا الدين، وهذه الدعوة إلى الله تعالى، وأنها كأمة، كلما مرت بمحنة أو ضيق إلا أن الله ناصرها، وآخر الأمر النصر، وهذا محور ودافع النصر والقوة لها، وهذا النصر وهذه القوة لا يأتي بها بعد الله تعالى إلا أهل السعادة والتفاؤل والفهم المتكامل للدعوة ونصرة الدين فهماً بكل الجوانب، والسعادة محور كبير منها.
فهؤلاء المتفائلون الفرحون السعداء أدركوا قول الله تعالى إدراكاً دقيقاً وعميقاً القائل: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف: 32).
نعم قوم يعلمون، يعلمون كيف يصمدون وكيف يعملون في المحن والضيق والكروب، ومن ثم الانتفاع من زينة الدنيا نصرة لدين الله تعالى والدعوة له جل وعلا.
علموا أن الله تعالى جعل زينة الدنيا بما يرضيه سبحانه وتعالى قنطرة النجاة والعبور للآخرة بسلام: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 77).
ولا شك أن الفرح أنواع، فمنه المطلوب الذي يجب أن نسعى إليه، ومنه ما هو مكروه ومذموم، وكما ذكرنا سالفاً، المحمود الذي يكون للمسلم أو الداعية قنطرة يعبر بها من دار الفناء إلى دار الخلود والسلام بسلام، فهي الأكثر خيراً، وخيرها دائم وسرورها خالد بإذن الله تعالى، ودائماً نسعى إلى ما هو أسهل وأيسر، فهو دائماً الموصل -الأسهل- إلى الفرح والسعادة والسرور، نأخذه من غير تكلّف أو تشدد، فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: “ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً”.
وكان صلوات الله وسلامه عليه دائماً يحدثنا عن الأعمال بالخير والنوافل، التي لا تكلف فيها ولا تنطع، وذلك ظاهر بقوله صلى الله عليه وسلم: “خير الأعمال أدومه وإن قل”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، نعم والفرح والسرور له نتائج إيجابية على الإنسان المسلم.
أولها وأهمها: إنه يعيش إنساناً متفائلاً ومتغلباً على المحن والمضايقات.
ثانيها: الرضا بالأقدار، نعم ومن أروعها أن يفرح المؤمن في الابتلاء، وهو دليل الرضا بقضاء الله تعالى وأقداره.
والقبول والرضا هو أيضاً من رضا الله تعالى على العبد بإذنه تعالى، والفرح لا شك سبب أصيل من أسباب نشر الحب والمودة بين المسلمين والمؤمنين، والفرح من أروع وأجمل تداعياته وظلاله الحمد والشكر لله باطراد وازدياد، ويكفي المسلم سعادة بهذا التوفيق العظيم من الله العظيم.
أخيراً، أدخلوا السعادة والفرح على أنفسكم بتذكر نعم الله تعالى علينا التي لا تعد ولا تحصى، وأدخلوها بحسن التعامل مع الآخرين بإدخال السرور والفرح على المسلمين والإنسان عموماً، وعظيم التفاؤل والسعادة، الجزم اعتقاداً أن النصر والعزة والقوة لهذا الدين العظيم شاء من شاء وأبى من أبى، ولا تسرفوا في الماديات ولا في المعنويات، لأنك أيها المسلم مؤمن تنشد السعادة الدنيوية التي هي العبور الأكبر للحياة الآخرة حياة السلام والخلود سعادة وراحة.
جمعنا الله تعالى وإياكم على منابر من نور سعداء فرحين صدورنا خالية من كل غل وجفوة، ومن كل سوء بفضل العفو الغفور الرحمن الرحيم، الوهاب ذي الجلال والإكرام جل جلاله.
_________________
إعلامي كويتي.