الأسبوع الثاني من ثاني موسم دراسي تحت حكم العسكر، العام الأول خارج نطاق الحساب
الأسبوع الثاني من ثاني موسم دراسي تحت حكم العسكر، العام الأول خارج نطاق الحساب، كان العسكر يدربون أصابعهم للضغط على الزناد، زناد المدرعات والمدافع والبنادق، وزناد الأفكار لعودة مصر تحت مظلتهم، بعد أن خرجت لسنوات بسيطة من عمر أحدهم، ولا تحسب من عمر الزمان.
يظن العسكر أن البقرة الحلوب، التي يحيا على ما تدر عشرات الملايين في الداخل والخارج، يظنون مصر مجرد بقرة؛ ولذلك فهم إن لم يقطعوا من لحمها وهي حية، فلسوف يذبحونها؛ ليريحوا أنفسهم من رؤيتها بلداً تعامل كما ينبغي أن يعامل البلد، وهكذا فالمشهد بالغ المرارة، وإن كانت تفاصيل الأمل لتبدو واضحة من ثناياه للنفوس الموصولة بالله تعالى.
أما عبثية المشهد فمن أطرافها قرار لمديرية التربية والتعليم في ظل العسكر في إحدى محافظات الوجه البحري، قال العالمون ببواطن مثل هذه القرارات، من أصحاب السبق والريادات في قراءة الطلع وأحكام العسكر: إن القرار ما هو إلا جس للنبض ستتبعه قرارات مماثلة، مكملة لقرارات سابقة من مثل: إلغاء كتب مادة التربية الدينية للمسلمين، وهي الكتب التي ما منا إلا وأحبها، وشكلت لبنة مزدهرة لونها وردي في الذاكرة في طبيعة علاقته بالله تعالى، من ينسى آي الذكر الحكيم في بدايات كتب الدين في الابتدائي والإعدادي والثانوي؟
والرسومات المصاحبة للأحاديث الدينية والأخلاق أو المعاملات في التربية الدينية.. كل هذا يُكون الوجدان، ويعلم الإنسان منذ التفتح أن له ديناً، وأن الدين عصب ودم ولحم الحياة قبل الوجدان وبعد تكوينه، ما كان هذا ليرضي السادة من العسكر.. فقرروا تدريس مادة الأخلاق كبديل عن الدين، وإعدام مئات الآلاف من كتب التربية الدينية الإسلامية والقصص المصاحبة لسنوات الإعدادي والثانوي، تلك الصغيرة الحجم المتحدثة عن كبار الصحابة، وجميل الأخلاق، هل يا ترى استطاع العسكر إعدام كتب “التربية الدينية المسيحية” أم لا يستطيعون؟
أما بقية المأساة، فالقرار بعقوبة التلميذ الذي يتحرك في طابور الصباح بالمدرسة بغرامة ثلاثين ألف جنيه أو حبس عام! العسكر تعودوا على مصر التي ينهبونها، مصر البلهاء التي يتركونها في مكان فيعودون بعد ستين عاماً ليجدونها في نفس المكان تبحث عنهم، لكن أن تنتفض مصر فذلك ما كان ضد فهم العسكر.. ولذلك فهم “يقلبونها” من جديد..
إن قال عاقل لهم:
إن فلذات أكبادنا الصغار لا يعرفون الصمت لا عن الحركة ولا الكلام لا في صحو ولا في منام، وزاد من عنفوانهم في هذا العصر أفلام الكارتون وما شابه، لكن للعسكر في “حكمهم” أحكام.. يريدونهم منذ الصغر أن يقفوا “ديدبان” أقصد “صنمان” من أجل أن يكبروا ليجدوا صنماً مكان العقل يعبد العسكر وترهاتهم!
طيب هؤلاء الصغار يريدون الدين ليفهمهم من هم وما موقفهم من الحياة؟ إن قلنا ذلك للعسكر “انفلتوا” فينا، وقالوا: لكنا لا نريد ديناً، نريد حكماً وعبيداً لا أقل ولا أكثر.
هذه هي مصر اليوم تتلوى، والعسكر يقتلون وينهبون فيها، ويقتلون فقراءهم، فقراء العسكر أنفسهم، وعلى مراحل، ويقال لك في نهاية كل مرحلة: إن أعداءً غير معروفين الشكل ولا الهوية، ولا السياق الذي قتلوا فيه، ولا العقل ليصدق ما يرونه، وفي كل مرة يغلقون معبراً عن إخوة فلسطينيين، ويجازى البسطاء بجرائم الأقوياء.
فرغ العسكر من رابعة والنهضة ومن قبل محمد محمود وتفرغوا للبسطاء منهم، واستخف العسكر المصريين وانقلبوا على أول رئيس منتخب صادق شريف في تاريخها، وقتلوا الشرفاء، وشردوهم، وطاردوهم، وأصابوهم، وفي العقول بثوا أن القاتل هو القتيل، والشريف هو الخائن، والعدو هم الإخوان، والأصدقاء هم الصهاينة, وصدق من قال:
هنا مقص وهنا مقص
هنا عساكر بـ”تترص”!