همسة مخلصة في آذان المسؤولين عن هذا البلد، في ليلة نورانية مباركة تتوجب منا النصيحة المخلصة، واجباً على كل مسلم يخشى الله، وحقاً على من أوتي البصيرة أن يتبصرها ويعيها، عملا بالقاعدة الإسلامية التي قالها رسول الله | حين قال: «الدين النصيحة»، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».
لقد عاشت الكويت حريصة على التمسك بقيمها ومثلها وأخلاقها النابعة من مبادئ شريعة الله، المبثوثة في إسلامه الخالد، ذلك الدين القيم، فلم تعرف الانحلال ولا التفسخ ولا صنوف العري التي يعانيها مجتمعها اليوم، كما لم تعرف الخروج عن أحكام الله، ولا هدي شريعته، كانت أسرة سديدة متماسكة، تصون عرضها، وتحمي شرفها، وتتعاون فيما بينها على البر والتقوى، فعاشت هانئة وادعة أمينة، يشعر الكل فيها بالمودة والمحبة والأمان.
ولقد أفاء الله تعالى على الكويت بالخير العميم، فكان المنتظر أن تؤدي الشكر لله على نعمائه بالمزيد من التمسك بصراطه المستقيم، غير أن هذا الخير اجتذب معه من التيارات الغريبة والاتجاهات المنحرفة ما قوض به الكثير من فضائل وقيم وأخلاق هذا البلد، حتى رأينا التقاضي بعيداً عن شرع الله، وحتى رأينا مدارسنا بدل أن تربي الأجيال تربية إسلامية حقة تكاد تخلو برامجها من التوجيه الإسلامي، وحتى رأينا الفنادق والمزارع تتحول إلى مواخير تعج بكل مفسدة ورذيلة وشر، ناهيك بما يشاهد في الشوارع وما تسرب إلى المدارس من عري فاحش في أوساط التلميذات والمدرسات، ومن المؤسف أن وسائل الإعلام بدل أن تنهج نهج المرشد الموجّه، نراها تروّج لهذه التيارات بما تذيعه وتنشره!
والذي لا يمكن السكوت عليه أيضاً هو أن تصير الدعوة إلى الرذيلة في العلن، تتولاها كبريات الفنادق وتدعو إليها بكل وسيلة، داعية إلى الرقص الفاجر والفحش السافر، فنرى الحمامات المختلطة، وما يسمى مسابقات الجمال، مع ما يدور خلال ذلك من أعمال يأباها الدين والخلق، وكأن الكويت قد تحولت إلى حارة من حارات الحي البوهيمي في باريس أو لندن أو برلين.
فيا رعاة هذا البلد، وكل راع مسؤول عن رعيته، إنكم لمسؤولون ومحاسبون بين يدي الله جل جلاله عن صيانة أخلاق هذه الأمة وسلامة دينها وعن أي تفريط أو تهاون في ذلك.
وإن دوام الحكم واستمراره وسلامته لم يتم إلا برضاء الله تعالى والعمل بما جاء به رسوله الأمين |.
إن أملنا أن ينتهز المسؤولون مناسبة حلول شهر الخير والفضيلة والرضوان رمضان المبارك، فيأخذوا المبادرة إلى وضع حد لكل هذه الأعمال لكي يكسبوا رضاء الله، ويجنبوا أنفسهم وأمتهم الوعيد الإلهي المتمثل في قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) “النحل:112″، وكذلك قوله تعالى: ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ. أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ. أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ. أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) “الأعراف:96-99″، صدق الله العظيم.
[1] العدد (34)، عام 1970م، ص7.