أصبح الجميع يدرك في الآونة الأخيرة أننا بحاجة إلى إعداد أنفسنا والاستعداد لما هو قادم من أحداث وملمات؛ لكي نستحق النصر الذي وعدنا الله به عز وجل ونكون أهلًا له بحق وعن استحقاق، ويشمل ذلك كل فئات المجتمع من صغار وكبار، رجال ونساء، شباب وشيوخ، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع لتحقيق النصر، وليست مسؤولية فئة أو جهة دون غيرها.
عند النظر إلى الأسباب التي تؤدي إلى النصر وتقودنا إليه سنجد الآيات القرآنية تخبرنا بالكثير، كما أن الأحداث النبوية ترشدنا إلى العديد من السبل للوصول إلى التمكين، ولكن يبقى التساؤل الأهم في هذه المعادلة وهو شروط تحقيق النصر، فكما هو معلوم لا بد للنصر من جيل يقظ تتحقق فيه الشروط التي تؤهله للفوز بهذا الوعد الرباني والنصر الإلهي، وهذه أهم شروط تحقيق النصر المنشود، كما يلي:
1- اليقين بأن العقيدة هي صلب المعركة:
إن صناعة النصر المنشود توجب على رواده إدراك حقيقة العدو ومنطلقاته وخططه وأطماعه، وذلك لن يحدث إلا بفهم الدافع الديني عنده، وإعداد ما يدافعه؛ (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيراً) (النساء: 45).
2- إدراك أن الصراع مع العدو حضاري:
وهو الأمر الذي يستدعي منا تطوير مشروعنا الإسلامي، بجوانبه السياسية والاقتصادية والفكرية، وامتلاك الأسس العلمية والتقنية المكافئة لما يمتلكه العدو من سبق علمي وتقني لا بد من الاعتراف به، وإيجاد وسائل مجاوزته، وتوظيفه لما ينفع الناس، وينقذ العالم من مستقبل مظلم، ويأتي على رأس ذلك الاستفادة من الحضارة الإسلامية على مدار عصورها السابقة ومواكبة الجديد بما يناسب هذا العصر؛ للوقوف في موقف الندية مع العدو بشكل نستطيع معه استحقاق النصر.
3- إدراك أن الأمة عليها دور الرسالة بحكم الخيرية:
إن الدور الرسالي لخير أمة أخرجت للناس أمر عظيم لا يخص طائفة ولا فريقاً، ولا تنهض به وحدها نخبة قائدة دون الجماهير والقواعد الشعبية الحاضنة، ولا تطيقه جماعات من الشباب دون شيوخ وأساتذة عركتهم الحياة، وصقلتهم الخبرات، وحركتهم طموحات توريث ذلك للأجيال الشابة الواعدة، في روح جليلة تستبطن الوحي الإلهي المبارك والمنهج النبوي القويم، والسنن الإلهية والكونية الماضية.
4- الحاجة إلى اليد العاملة مع البصيرة النافذة:
إن طريق إنهاض الأمة يحتاج الأيدي القوية والبصائر النافذة للذين يؤرقهم ذكر الآخرة فيخلصوا لله الجهود؛ (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ {45} إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (ص)، وهو طريق دونه مكر الليل والنهار، وقوى الاستكبار والظلم، لكنه الطريق الذي لا طريق غيره للنجاة في الدنيا من مصارع السوء على أيدي خصوم قد رأينا أحقادهم رأي العين، وللنجاة في الآخرة من حساب الله الذي استودعنا دينه وميراث نبيه؛ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ {13} ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (يونس).