هز انفجاران عنيفان نفذهما انتحاريان سوقاً شعبية وسط العاصمة العراقية بغداد الخميس، وأعلنت السلطات العراقية عن مقتل 32 شخصاً وجرح 110 آخرين، فيما كشف مصدر طبي لـ”المجتمع” صباح أمس الجمعة أن عدد القتلى ارتفع إلى 33 قتيلاً بعد أن توفي أحد الجرحى في ساعات الصباح الأولى متأثراً بجراحه.
وأشار المصدر، مفضلاً عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح، إلى أن أكثر من نصف الجرحى البالغ عددهم 110، لا يزالون يتلقون العلاج في المستشفيات الحكومية في بغداد والنواحي التابعة لها.
وكان وزير الصحة العراقي حسن محمد التميمي، ذكر في بيان أن 36 جريحا فقط يتلقون العلاج، بينما غادر البقية المستشفيات بعد علاجهم.
اجتماع أمني عاصف
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ترأس اجتماعاً أمنياً طارئاً للقيادات الأمنية والاستخبارية في مقر قيادة عمليات بغداد إثر الهجوم، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وأوضح البيان أن الكاظمي أمر: “بفتح تحقيق على الفور، للوقوف على أسباب حدوث هذا الخرق الأمني، وملاحقة الخلايا الإرهابية التي سهلت مرور الإرهابيين وارتكابهم جريمتهم النكراء”، موجهاً “باستنفار القوات الأمنية لحفظ أمن المواطن واتخاذ الإجراءات الكفيلة بذلك ميدانيا”.
ضابط في قيادة عمليات بغداد، كشف لـ”المجتمع” عن أن الاجتماع الذي ترأسه الكاظمي كان عاصفاً، كُشف خلاله عن مجموعة اختلالات في بنية المؤسسات الأمنية، تقف وراء الخرق الأمني الذي تسبب بالانفجار.
وقال الرائد علي حسين بلو: إن أبرز ما كشف عنه الاجتماع، وجود تضارب بين المؤسسات الأمنية العراقية المختلفة، حيث تتعدد الأجهزة الأمنية المكلفة بمهام حفظ الأمن في العاصمة فيما يغيب التنسيق بينها.
وأضاف: أن العمليات الانتحارية في العراق توقفت على مدار أكثر من 9 أشهر مضت، فيما عادت لتطل برأسها من جديد مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء للحديث عن تغيرات أمنية جذرية وواسعة في الأجهزة، مؤكداً أن لإنجاح للملف الأمني دون تجاوز التأثيرات السياسية عليه.
وتابع بلو: بعض الأجهزة الأمنية كان بحوزتها معلومات عن احتمال وجود هجوم انتحاري، إلا أنها لم تشارك المعلومات مع باقي الأجهزة، وكان يمكن تفادي الهجوم أو التقليل من آثاره على الأقل لو تم تبادل المعلومات فيما بين الأجهزة.
واستدرك بالقول: إن هذه القضية باتت على رأس أولويات رئيس الوزراء، وعلى الأكثر فإن تغيرات جذرية ستحدث خلال الأيام القادمة، بهدف تجاوز المشكلة وتحقيق تكامل وتنسيق بين الأجهزة لمنع تكرار الهجمات الإرهابية.
يشار إلى أن الكاظمي أصدر أمراً بإقالة 5 قادة أمن بارزين من مناصبهم على خلفية الهجوم بحسب المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول.
وقال رسول في بيان: إن “القائد العام للقوات المسلحة أقال وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق الركن عامر صدام، من منصبه، وكلّف الفريق أحمد أبو رغيف بديلاً عنه”.
وأضاف: كما تم “إقالة عبد الكريم عبد فاضل مدير عام استخبارات ومكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية من منصبه، وتكليف نائب رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري بديلاً عنه وربط الخلية بالقائد العام للقوات المسلحة”.
وتابع رسول في بيانه أن الكاظمي قرر أيضاً: “نقل قائد عمليات بغداد الفريق قيس المحمداوي إلى وزارة الدفاع، وتكليف اللواء الركن أحمد سليم قائداً لعمليات بغداد”.
كما أفاد “بإقالة قائد الشرطة الاتحادية الفريق الركن جعفر البطاط من منصبه وتكليف الفريق الركن رائد شاكر جودت بقيادة الشرطة الاتحادية، إلى جانب إقالة مدير قسم الاستخبارات وأمن عمليات بغداد اللواء باسم مجيد من منصبه”.
تضارب في المعلومات
تضارب المعلومات والتصريحات الصادرة من مسؤولي الأجهزة الأمنية العراقية بخصوص التفجير، كشف عن ضعف التنسيق فيما بين تلك الأجهزة، ودفع العديد من العراقيين للتساؤل عن حقيقة الأمر، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت وسائل إعلام محلية عراقية نقلت عن اللواء يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة قوله خلال تفقد جرحى تفجيري بغداد: إن “الأجهزة الأمنية كانت تمتلك معلومات عن الإرهابيين قبل التفجيرين”.
وأشار إلى “أنهما استشعرا بأنهما ملاحقان وأسرعا بعملية التنفيذ”.
من جهته نفى مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، اللواء سعد معن هذه المعلومات، معتبراً أنها “أنباء غير دقيقة”.
ودعا معن في تصريح صحافي إلى توخي الحيطة والحذر في تداول الأنباء التي تحدثت عن وجود علم مسبق بالتفجيرين، مشيراً، إلى وجود “أنباء غير دقيقة عن الحادث تداولتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بوجود معلومات مسبقة لدى الأجهزة الأمنية بشأن التفجيرين الانتحاريين”.
ودعا معن العراقيين إلى توخي الدقة في تداول الأنباء، ومتابعة الأخبار من مصادرها، مؤكداً أن “القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مهتم بالكشف عن المقصرين”.
جدير بالذكر أن التفجير الانتحاري المزدوج الذي وقع في بغداد، شهد حملة استنكار واسعة على الصعيدين العربي والدولي،
حيث أدان الهجوم رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فولكان بوزكير، وقال عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: “أدين بشدة الإرهابيين الوقحين اللذين نفذا هجومين انتحاريين قاسيين وسط بغداد اليوم”.
كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الهجوم وقال في بيان: إن “الشعب العراقي رفض أي محاولات لنشر الخوف والعنف بهدف زعزعة السلام والاستقرار والوحدة”.
ودعا غوتيريش: “الحكومة العراقية إلى ضمان سرعة تحديد هوية مرتكبي هذه الجرائم المروعة وتقديمهم إلى العدالة”.
من جانبها، قالت السفارة الأمريكية لدى العراق في بيان، إن “هذا الاعتداء عمل جبان ومشين يؤكد مخاطر الإرهاب والتي لا يزال يواجهها ملايين العراقيين”.