لا شك تتساءل، أيها القارئ الكريم: ما الذي أعنيه في هذا العنوان أعلاه؟!
ما أعنيه بتعريف “مؤامرة” في “أل” من أجل نفي أو تقليص حجم المؤامرة عالمياً وكونياً من الوجود! وأنها غير مطلقة رغم وجود مخلوق تحذيراً، عرفه لنا الله تعالى وبيَّن لنا خصومته وعداوته؛ وهو الشيطان الرجيم، إضافة إلى منظمات يهودية صهيونية صنعها بشكل أو بآخر، وسذج وعباد المصالح والشخصانية إلا أنهم يصرون على نفي وجود مؤامرة!
نعم ما عرّفها أهل دعوة نفي المؤامرة إلا في هذا الموقع أو في هذا العنوان “أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة” من أجل تضييق حدود المؤامرة، وذلك لجهل فيهم أو لشيء في نفوسهم وميلاً للهوى، ومن ثم تسطيح كل من يحذر من وجود “مؤامرة”.
وحينما نتابع المسيرة التاريخية للبشرية نجدها دائماً تعاني أو بالأحرى أهل الخير والصلاح من يعاني من التآمر من الخبيث وأجناده أعاذنا الله تعالى منه ومن أفعاله واتباعه.
المؤامرة لم ولن تنقطع عن الحياة، وأعني هنا الحياة الدنيا، فمن ينفي المؤامرة والتآمر في الحياة على أهل الصلاح والفلاح، فلا ريب ولا بد أن ينفي أيضاً الصلاح والفلاح والأجر في الثبات عليه، فالعمل الصالح والمنتج خيراً لولا المقابل النقيض له لما علمناه بخيريته وصلاحه وفلاحه بفضل الله تعالى، حيث بيَّن لنا ذلك منذ بداية الخليقة.
إن بداية الحياة لآدم وذريته قائمة على الخير، والمقابل لها لا يتوقف عن التآمر لإسقاط آدم وذريته في النار والخلود فيها، والمؤامرة الشيطانية لم ولن تتوقف على مر العصور، ولا ينكرها إلا من قلَّ عقله وإدراكه، وقد بين الله تعالى للبشر في كتابه العظيم أن الشيطان الرجيم منذ البداية عقد النية جازماً لصناعة المؤامرات على الإنسان لينكسه ويدخله النار معه حقداً وحسداً، قال تعالى مبيناً ذلك: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {36} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ {37} إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (الحجر).
لا أدري، هل طلبه هذا كان يقصد به أنه سيخدم الصالحين والمساجد مثلاً؟!
بينها لنا الله تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {39} إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (الحجر)؛ أي لا يستثني أحداً منهم في كل زمان وكل مكان ما دام من المنظرين، وسيتآمر على كل أتباع المرسلين لتغيير مسارهم تخريفاً وكذباً وتحريفاً، قال تعالى مبيناً ذلك: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ {20} وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (الأعراف).
النتيجة؛ بدأت الحياة على الأرض وهي الميدان والقنطرة للعبور إلى الآخرة “اليوم المعلوم” الذي كان يعلمه جيداً الشيطان الرجيم كيوم لا تحديد وقوعه وزمانه، نعم بدأت الحياة على الأرض، ومقاومة الشيطان ومؤامراته هي المنجاة، وأما من تبعه لا شك ينتكس في النار، والكل برحمة الله تعالى.
يكفي الإنسانية أن تستشعر عظم التخطيط والتآمر المطرد، والنفس الطويل عند المتآمر، وكيف رسم وخطط لتزوير الدين المسيحي وتحريف التوراة والإنجيل! يكفينا هذا الحدث الرهيب لإثبات التآمر واستمرار المؤامرة على من يأتي بعدهم مستقبلاً من أنبياء ورسل ودعاة للدين إلى أن تقوم الساعة (اليوم المعلوم)، كما طلب الشيطان الرجيم، وبين لنا ذلك الرحمن الرحيم.
نحن ننظر في كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكيف حذرانا من الشيطان وأجناده، وتخطيطهم في صناعة الطريق والدروب المعوجة ليحيد الإنسان عن الصراط المستقيم ومن ثم الخلود في نار جهنم، وهذه أسمي أمنيات الشيطان الرجيم نعوذ بالله تعالى منه.
هناك مؤامرة كبرى يقودها إبليس وجنوده من أجل أن تكون هذه الأمة بعيدة عن دينها، ذليلة له ولأتباعه كما بيَّن لنا الله تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة: 120)، نعم ملتهم التي صنعها الشيطان الرجيم وجنوده تآمراً، ومن ثم تحريفاً لكتب الله تعالى وأديانه، وهذا كتاب الله وكلامه، وكلامه صفة من صفاته الخالدة، والتآمر مستمر كما استمرار كلام الله تعالى، ومن أنكر ذلك أنكر شيئاً من كتاب الله تعالى، واليوم، إبليس الرجيم وخدمه، يبذل كل الجهد تلميعاً وتجميلاً، ويحلي لأتباعه والسذج والمنافقين وأدعياء الثقافة من ناكري المؤامرة وتسطيحها، يلمع لهم “الإبراهيمية” وتسييح الأديان ودمجها حقها وباطلها والمحرف منها في بوتقة واحدة إذا جاز التعبير، ناشداً من خلالها تحريف القرآن والإسلام وتسطيحه، كما عمل تآمراً في تحريف التوراة والإنجيل، وأنى له ولهم ذلك بإذن الله تعالى.
بل البعض وصلت به الحال في تسطيح ونكران المؤامرة حتى إنه ينكر وثائق “بروتوكولات حكماء صهيون” من أجل أن يقال فيه أو عنه: إنه مثقف ولا يؤمن بنظرية المؤامرة! ونحن نقول له: أحضر لنا بروتوكولاً واحداً لم تطبقه الصهيونية العالمية عليك أو على البشرية، واحداً فقط إن استطعت!
أقول لهؤلاء كما قال د. خالد القحص، حفظه الله تعالى: “من لا يؤمن بنظرية المؤامرة هو جزء من المؤامرة علم ذلك أو لم يعلم”.