المال العام في مجتمع المسلمين
يتميز المسلم عن غيره بسلوكيات اقتصادية تزينها الرحمة تجاه وطنه، استقاها من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي جعل الرحمة قاسماً مشتركاً في مناحي الحياة، ومن بين هذه السلوكيات:
– المحافظة على خيرات المجتمع التي سخرها الله لمخلوقاته دون تبديد أو إسراف أو تبذير، فهي مال عام سخّره الله لمخلوقاته لعمارة الأرض وعبادته سبحانه وتعالى، ويعتبر ولي الأمر مسؤولاً عن ذلك.
– المحافظة على طهارة ونظافة المجتمع من التلوث الذي يسبب الأضرار، فلا ضرر ولا ضرار. – المساهمة في تقديم خدمات البر للناس جميعاً، فخير الناس أنفعهم للناس، ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال: «إن لله عباداً اختصهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله» (رواه الطبراني).
– تجنب المعاملات غير المشروعة التي تسبب الفساد في المجتمع، ومنها على سبيل المثال: الرشوة والاحتكار والغش والاحتيال والسرقة وكافة صور الاعتداء على المال العام والخاص. – أداء زكاة المال وكذلك الضرائب العادلة للمساهمة في التكافل الاجتماعي.
– القيام بالمشروعات الاجتماعية الخيرية المختلفة، مثل الوقف الخيري والصدقة الجارية، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (مسلم).
– المساهمة في مشروعات الإغاثة الإنسانية، ولاسيما في حالات المصائب والكوارث والزلازل وما في حكم ذلك، ومما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المقام: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جعلوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم» (البخاري ومسلم).
ومن الجدير بالإشارة إليه لتفعيل خلق الرحمة في السلوك الاقتصادي للمسلم:
أولاً: من الإعجاز الاقتصادي في القرآن والسنة اقتران القيم الإيمانية والأخلاقية بالمعاملات المالية والاقتصادية، أي التفاعل بين الروحانيات والماديات في إطار متوازن يحقق للإنسان الإشباع الروحي والمادي وهذا في حد ذاته رحمة من الله توجب الثناء والشكر.
ثانياً: من آثار رحمة الله بعباده أن سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى؛ ليعينهم على عمارة الأرض وعلى عبادته، فهذه النعم العديدة من رحمات الله الواجبة الثناء والشكر.
ثالثاً: من صور الرحمة التي شرعها الله في المعاملات الاقتصادية: الحلال الطيب، والبيع الحلال للكسب الحلال، والسماحة والتيسير في المعاملات، والوفاء بالعهود والعقود، وأداء الزكاة والصدقات، والقرض الحسن، والميراث والهبات والهدايا والوصايا والوقف..ويجب على المسلمين تفعيل هذه الصور في معاملاتهم حتى تشمل الرحمة الجميع.
رابعاً: لقد حرمت الشريعة الإسلامية كافة صور المعاملات التي تؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل؛ لأنها تؤدي إلى الشقاء والحرمان والحقد والكراهية والضغينة وقطع الأرحام، وتقود في النهاية إلى الحياة الضنك، وهذا يوجب على المسلمين تجنبها حتى تشمل الرحمة الناس جميعاً ويعم الخير وتحل البركات.
خامساً: إن تفعيل خلق الرحمة في المعاملات الاقتصادية على مستوى الفرد وعلى مستوى الأسرة وعلى مستوى الوحدات الاقتصادية والاجتماعية والحكومية يقود إلى وجود المجتمع المتراحم، وإلى وجود الحكومة الرحيمة بالرعية، ويكون من ثمار ذلك الخير والرفاهية والبركات. المأثور من الدعاء لطلب الرحمة من الله الدعاء من القرآن
– (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ {109}) (المؤمنون).
– (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ {118}) (المؤمنون).
– (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ {23}) (الأعراف).
– (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ {19})(النمل).
– (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {151})(الأعراف).
– (فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ {155})(الأعراف).
– (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ {47})(هود).
– (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً {10}) (الكهف).
الدعاء من السنة
– «اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، أنت رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء، وتمنعهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك».
– «اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك، اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت».
– «اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت».
– «اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى من عملي». والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.