حلت ذكرى مذبحة كفر قاسم الـ60 التي وقعت مساء 29/ 10/ 1965م، بحق أهالي كفر قاسم، وارتقى فيها 49 شهيداً، منهم 13 امرأة والباقي من الرجال والأطفال، وتمت تبرئة القتلة، وتغريم الضابط المسؤول عن المجزرة الضابط شدمي بأغورة، أصغر وحدة نقدية في العملة “الإسرائيلية” استخفافاً بأرواح الشهداء.
عضو اللجنة الشعبية لإحياء مجزرة كفر قاسم البرفيسور إبراهيم أبو جابر يقول لـ”المجتمع”: في هذا العام كانت أحياء الذكرى الـ60 لمذبحة كفر قاسم حافلاً بالبرامج والفعاليات، فوقع المجزرة على أهالي كفر قاسم خاصة وعلى الداخل الفلسطيني بشكل عام، ما زال قائماً، وقررت اللجنة المسؤولة عن إحياء ذكرى المذبحة، أن يكون هذا العام مميزاً من حيث التحضير والإخراج إكراماً للشهداء وحفاظاً على أهلنا في الداخل من دعوات الترحيل والطرد.
يضيف البرفيسور أبو جابر: الفعاليات شملت ندوات مدرسية ومسيرات ومحاضرات، وتنظيف مقبرة الشهداء، وإقامة متحف خاص أطلق عليه “بانوراما المذبحة”، وفي هذا المتحف يستطيع الإنسان أن يعيش أجواء المذبحة عند التجوال في أروقته، وهذا يهدف إلى زرع مشاهد المذبحة الخطيرة، في الأجيال الجديدة من أبناء كفر قاسم والداخل والشعب الفلسطيني في كافة تواجده، فالدولة العبرية تريد محو الذاكرة الفلسطينية من أي مذابح عنصرية نفذها جيش الاحتلال بحق مواطنين يحملون بطاقة الدولة، ومع ذلك لم يصدر أي اعتذار حتى الآن من قبل قادة الدولة العبرية، وهذه إشارة سيئة تشير إلى استمرار مخطط الذبح والترحيل عن الأرض.
وتابع قائلاً: مذبحة كفر قاسم جاءت بعد 19 يوماً من مذبحة المركز المروعة في قلقيلية التي وقعت في 10/ 10/ 1965م، وهنا يظهر مدى الحقد الصهيوني ومخططهم على القضاء على الوجود الفلسطيني، وتنظيف الأرض من أهلها، فهدف المجازر تخويف وإرهاب من تبقى من الفلسطينيين لكي يهاجروا، إلا أن مخططهم خاب وفشل، فسكان كفر قاسم وقت المذبحة كان قرابة الـ1600 مواطن، واليوم عدد سكان البلدة أكثر من 30 ألف مواطن، فالتجذر في الأرض كان الرد على المذبحة وعدم الرحيل عنها، كما يريد الآن ليبرمان وزير الحرب، والبرلمان الصهيوني الذي أقر قانون ترحيل أي فلسطيني إلى قطاع غزة منذ بداية الأول من نوفمبر القادم، وهذا القانون يهدد كل فلسطيني بالترحيل والإبعاد.
أما رئيس اللجنة الشعبية لإحياء ذكرى المذبحة الشيخ إبراهيم صرصور أكد أن مذبحة كفر قاسم توثق هذا العام بخطوة غير مسبوقة من خلال بانوراما المذبحة، الذي يسرد للأجيال كيف تمت المذبحة، وهو عمل تم إخراجه بجهد تعجز عنه دول، وهذا الجهد العظيم للرد على هدف “إسرائيل” من المجزرة وهو ترحيل ما تبقى من الداخل بعد نكبة عام 1948م.
وتابع قائلاً: الهدف من هذا العمل في ذكرى المذبحة الـ60 ليس التذكير فقط بل أخذ العبرة، والبقاء في الأرض مهما كانت المخططات من مجازر وتهميش.
المربي مجد صرصور الذي استشهد جده في المجزرة تحدث عن بانوراما المجزرة قائلاً: عندما شاهدت ما بداخل هذا المتحف من مشاهد المجزرة مجسمة على الأرض، تأثرت كثيراً، وتذكرت جدي وأهل بلدي كيف تمت تصفيتهم، وهذا كنز للمستقبل أن تكون تفاصيل المجزرة قائمة أمامهم بشكل مجسم .
واعتبر البروفيسور مصطفى كبها المشارك في إحياء ذكرى المذبحة في حديث خاص معه أن بانوراما المذبحة صياغة تاريخية عملية لتفاصيل المذبحة المروعة، فالتقنيات وتصوير الحدث بهذا الشكل والتوثيق لم يحدث في الماضي، وهذا العمل سابقة سيبنى عليه الكثير من الأعمال، وهو أفضل شيء نفذ في صياغة الذاكرة الفلسطينية.
أما المهندس خالد عازم مخرج بانوراما المجزرة قال في حديث معه: أهالي كفر قاسم أرادوا في الذكرى الستين أن يوصلوا رسالة المجزرة لكل العالم بطريقة مختلفة، فصمود أهالي كفر قاسم بعد المجزرة منع من نكبة ثانية تستهدف المثلث الفلسطيني.
وعن الأشياء التي تميز بها عمل بانوراما المجزرة قال المخرج: هذا العمل تم استخدام فيه الصوت والصورة والتأثيرات الموسيقية على الحدث، فالكتيب لا يقرأ والمسيرة تنتهي، بينما الصوت والصورة والتأثيرات الأخرى تبقى عالقة، وقمنا بتقسيم المذبحة إلى ست مراحل، تتحدث عن قرية كفر قاسم قبل المجزرة كيف كانت قرية وادعة وجميلة تعيش على البساطة، ثم مرحلة منع التجول وقتل كل من يتأخر بعد نصف ساعة وحالة الترقب التي عاشها أهل القرية وأولادهم خارج القرية، والحوار الذي كان بين المختار والضابط المسؤول، وحال الناس وهم ينظرون من النوافذ بانتظار أولادهم، ثم المرحلة الثالثة وهي المجزرة نفسها وكانت من أبشع المجازر حيث تم الإعدام على 6 مراحل على الحاجز، وكل مجموعة كانت تعدم وعددهم 10 أشخاص يتم نقلهم بالسيارات.