الاعتقال الإداري بشكل خاص والاعتقال على وجه العموم الذي يتعرض له الفلسطينيون بشكل شبه يومي يؤثر على حياتهم ويؤجل كل مناسباتهم الاجتماعية، فالاعتقال غياب قسري لفترة غير محدودة، خصوصاً إذا كان الاعتقال إدارياً يعتمد على الملف السري.
مجاهد نوفل (38 عاماً) من قلقيلية، تأجلت مناقشة رسالة الماجستير الخاصة به في الشريعة الإسلامية لمدة عامين، وهي فترة الاعتقال الإداري التي بدأت بنوفمبر 2015 وانتهت بنهاية أكتوبر 2017م.
الاحتلال عدو النجاح
يقول المحرر مجاهد نوفل الذي يعمل إماما لمسجد فريال في لقاء مع “المجتمع”: بعد الإفراج عني من الاعتقال الإداري كان همي الوحيد مناقشة رسالة الماجستير بشكل عاجل، فقد تأخرت كثيراً وجميع من كان معي من زملائي الطلبة أنجزوا مهمتهم الدراسية وحصلوا على شهادة الماجستير، فالاعتقال شّكل لي ولكثير من الطلبة الأسرى مانعاً من التخرج، بدون تهمة تذكر، فالاعتقال الإداري يعتمد على الملف السري الوهمي، ولا يطلع عليه المحامي ولا الأسير الذي من حقه حسب كل قوانين العالم الاطلاع على ملفه والذي يتم تغييبه من خلاله خلف القضبان.
ويضيف: قبل يومين توجهت مع عائلتي وأطفالي وأمي وأشقائي إلى جامعة النجاح في مدينة نابلس لمناقشة الرسالة وكانت الفرحة عارمة من الجميع، فبعد اعتقال إداري طويل تم إنجاز المهمة بنجاح والحصول على نتيجة مشرفة، التي بدورها خففت آلام السجن والاعتقال على نفسي وعائلتي، فالاحتلال عدو النجاح، ودائماً يسعى إلى تعطيل محطات الفرح لدى الفلسطينيين، إلا أن الأسرى لديهم قدرة فائقة لتحمل كل الصعاب والمعوقات، والأسير لا ينهار أمام كل ما يتم تطبيقه عليه من إجراءات أمنية تهدف في نهاية المطاف إلى ضرب الروح المعنوية للأسير وعائلته، وعندما شاهدت الفرح يتطاير من حولي عند إعلان النتيجة من طاقم المناقشين، شعرت بسعادة لا توصف، ووثقت تلك اللحظة على صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، فهذه النتيجة مشرفة لي ولعائلتي التي صبرت وللحركة الأسيرة التي كنت جزءاً منها قرابة العامين.
قانون شاليط
ولفت المحرر نوفل قائلاً: هذا الإنجاز ليس خاصاً بي، فالكثير من الأسرى قد حصلوا على درجاتهم العلمية وهم داخل الأسر وأصبحوا أساتذة في عدة تخصصات، وهذا الأمر يصدم مصلحة السجون باستمرار، لذا يتم وضع العراقيل أمام كل أسير يريد إكمال دراسته الجامعية منذ فترة من الزمن بذريعة ما يسمى بقانون شاليط، فالهدف من الأسْر منع الأسير من التطور والنجاح، وإيقاف المشوار العلمي والثقافي في حياته.
ووجه المحرر نوفل التحية للجامعات الفلسطينية التي تساعد الطلبة الأسرى على إنجاز متطلبات التخرج بالرغم من فترة الانقطاع الطويل بسبب الاعتقال، وهذا التعاون من قبل الجامعات يشكل رافعة للحركة الأسيرة، والأسرى يعتزون بجامعاتهم الوطنية التي تبخل عليهم ضمن الإمكانيات ومهمة الحفاظ على رسالة التعليم حسب المعايير العلمية والمهنية.
وختم المحرر مجاهد نوفل: نجاح كل أسير في حياته العلمية أو الاجتماعية يشكل صفعة قوية على وجه ضباط وقادة مصلحة السجون، وأمثال عضو الكنيست المتطرف أوري حزان الذي تهجم على عائلات لأسرى عندما اقتحم حافلاتهم وهم متوجهون لزيارة أبنائهم في محاولة استعراضية فاشلة، وكان الرد عليه من والدة أسير أن الأسرى رجال، وكلمة رجال لها رسالة واضحة أن الأسرى أصحاب بصمات ومواقف رائعة، فهم لا يتوقفون عن العطاء في كل المجالات سواء داخل الأسر وخارجه.