يحتل بناء الأسرة وتقاليد ومراسم الزواج مكانة خاصة في الإسلام، فهي تقوم على مبادئ إسلامية قرآنية وتقليد يهدف للحفاظ على الأسرة باعتبارها اللبنة الاجتماعية الأساسية في المجتمع.
من الجلي أن الإسلام يُظهر أهمية خاصة لهذه التقاليد، وهو سبب وجود العديد من العادات في مجتمعات البوشناق التي هي نتاج انتمائهم إلى الإسلام وتأثير الأعراف الإسلامية على مر القرون.
ولكن للأسف، فإنه في الوقت الحديث العديد من الظواهر تخرج عن مسار التقاليد الإسلامية وتقاليدنا كبوشناق، وهذا أمر يجب التنبه إليه.
يعتبر الزواج بين البوشناق أمراً له أهمية كبيرة، وتبدأ الرغبة باختيار الزوج أو الزوجة مع نمو الشباب، التطور الذي حدث في المجتمعات مؤخراً الذي يزعم التطور الفكري والتحرر بدأ في التأثير وتغيير طريقة سلوك الناس وعاداتهم، ومن بينها العادات المتعلقة بالزواج.
وما كان عادة قبل بضعة عقود مرفوضاً ومستنكراً أصبح الآن حقيقة واقعة في ظل هجوم وتوسع الاتجاهات الحديثة التي يتم فرضها عبر جميع أشكال الدعاية، وعلى رأسها وسائل الإعلام والتعليم وما إلى ذلك، وما يثير القلق هو أن نسبة كبيرة من هذه الاتجاهات الجديدة لا تتوافق مع الإسلام ومبادئه، ولا تتماشى مع تقاليد البوشناق التي تعود إلى قرون عديدة.
تحت شعار تحرر النساء والشباب، يتم نشر الانفلات ومحو الحواجز؛ ما يعني أنه يمكن للفتاة أن تقرر بشكل مستقل سلوكها، وتشكيل تقاليدها الخاصة، واختيار مسار مستقبلها بشكل مستقل دون تأثير والديها أو حتى مشاورتهما، إلى غير ذلك، وهذا التحرر المزعوم يمارس من الأولاد؛ ذكوراً وإناثاً.
نتيجة هذا الانفلات بالتأكيد انتشار للرذائل وأشكال السلوك المنحرف، وما إلى ذلك فساد في المجتمع، وقد أدى هذا التحرر المزعوم للشباب إلى ازدياد عدد حالات الإجهاض إلى مستويات مقلقة، وانتشار الفجور وظهور عادات دخيلة على تقاليد الزواج لدى المسلمين البوشناق في منطقة البلقان.
ومن هذه المظاهر الدخيلة على زواج البوشناق ما يلي:
1- عدم الزواج بين العيدين:
هناك اعتقاد بأنه لا ينبغي أن يكون هناك حفل زفاف بين العيدين، وهو اعتقاد لا يزال الكثير من الناس يتمسكون به إلى يومنا هذا، وهذا لا أساس له في التعاليم الدينية، وهو من المفاهيم الخاطئة بين العديد من المسلمين في هذه المناطق، وهو ما يحول دون عقد زواج بين العيدين، هذا المفهوم الخاطئ له جذوره في الديانات الأخرى ويعود إلى فترة ما قبل الإسلام.
2- زواج المسلمات من غير المسلمين:
تقع في بعض المناطق التي يسكنها البوشناق ظاهرة زواج المسلمات من غير المسلمين، وهي تتعارض بالتأكيد مع الشريعة الإسلامية، والمرأة التي تتزوج من غير المسلم ترتكب خطيئة كبيرة.
أما في إقليم السنجق ذي الأغلبية المسلمة في صربيا، فمن النادر أن تتزوج فتاة مسلمة من غير المسلمين، وإذا حدث ذلك في غالب الأحيان تنقطع كل علاقة بينها وبين أسرتها القريبة والبعيدة.
3- تأخير زواج الأبناء:
يقوم بعض الآباء لأسباب مختلفة بتأجيل زواج أبنائهم وإهماله حتى بعد أن يوضح الأبناء برغبتهم بالزواج وبعد نضجهم وقدرتهم وحاجتهم لذلك.
4- تأخير زواج الفتيات:
وهذا خطأ أخطر وأسوأ من السابق، وبالرغم من ذلك ما زال يحدث أن بعض الآباء يؤخرون زواج بناتهم، خاصة عندما تكون الابنة تدرس أو تعمل كأستاذة، أو طبيبة، أو كاتبة وغير ذلك من الأعمال، ويستفيد والدها من دخلها المادي.
5- طلب اليد:
واحدة من الظواهر السلبية في المناطق التي يعيش فيها البوشناق هي التعارف للزواج، ويقصدون به الخلوة بين الفتيات والشباب غير المتزوجين، يبرر الكثيرون مثل هذه الممارسة، ويسمحون بها، ويذكرون أنها أصبحت ضرورة هذه الأيام، ولكن علينا أن ننبه إلى أن هذه ظاهرة خطيرة تقود إلى الفشل الأخلاقي لشعبنا.
لذلك، فإن ظاهرة التنمر على التقاليد والأعراف خطيرة ومضرة بشكل كامل لشبابنا، ونرى كيف أن هؤلاء الشباب بدؤوا يعانون من انتشار الفسق والرذيلة.
6- المصالحة:
من بعض التقاليد السلبية أن يحدث أحياناً أن تتزوج الفتاة دون استشارة والديها، أو الأسوأ من ذلك أن تتزوج من شخص يرفضه والداها، فتتزوج سراً دون علمهما، في هذه الحالة، ترسل عائلة العريس وجاهة إلى عائلة الفتاة يطلبون منهم المصالحة؛ أي التصالح مع قرار ابنتهم وقبول صهرهم، ويتم اختيار الوجاهة من الشخصيات المعروفة والمميزة للقيام بهذه المهمة.
7- زواج الأقارب:
يعتبر الكثير من البوشناق أن الزواج من الأقارب كابنة العم وغير ذلك خطيئة كبيرة، باعتبار أن ابنة العم والأقارب بمنزلة الأخت، وهي منتشرة لدى العديد من البوشناق في مناطق البلقان.
8- مصحف للعروس:
من العادات البوشناقية أيضاً، فإنه وبغض النظر عن شكل العرس أو مدته، وفيما إذا كان الاحتفال يقام على الإطلاق أو لا، فمن العادة عند دخول المنزل، أن يعطى للعروس مصحف بيدها اليمنى، وكعكة بيدها اليسرى؛ من أجل الحظ والحجر والنفقة.
يمكن اعتبار هذه العادات ذات دلالات إيجابية فقط إذا كان المقصود رفع قدسية القرآن ككتاب الله تعالى ونيل الثواب ورضا الله والبركة.
الأمر المشجع هو أن العديد من الجهات في المجتمع بدأت تظهر فساد هذه العادات المزعومة وعواقبها الوخيمة، وعلى الشباب والمجتمع المسلم البوسني أن يتجنبها، إن الذين كانوا يروجون لهذه الأفكار التحريرية ويزعمون أنها لمصلحة الأطفال والشباب وينشرون هذه الثقافة في مجتمعاتنا لن يستطيعوا اليوم بعد كل هذه المشكلات الطارئة والاضطرابات ادّعاء ذلك.
العودة إلى القيم الإسلامية الأساسية أمر ضروري ولا مفر منه، فقد جرب المجتمع نماذج مختلفة، لكنها لم تحافظ على التوازن والاستقرار في المجتمع، وسيصلون عاجلاً أم آجلاً إلى نتيجة إلى أن لا أحد منهم قادر على ضمان ما يكفله الإسلام، وهو الحفاظ على الأسرة باعتبارها الخلية الاجتماعية الأساسية في المجتمع.