حث باحثان بارزان في مؤسسة أكاديمية وثيقة الصلة بدوائر صناعة القرار في ألمانيا الاتحاد الأوروبي على النأي بالنفس عن نظام الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، وتوجيه رسائل تعبر عن دعم الأوروبيين لإنشاء نظام حكم يحقق مشاركة سياسية واسعة.
واعتبر الخبير بالشأن المصري شتيفان رَوول والمتخصص في أنظمة الحكم الدكتاتورية لارس بروزس -وهما باحثان بالمؤسسة الألمانية للدراسات السياسية والأمنية- أن السيسي أصبح خيارا “محترقا” بعد تفاقم أزمات مصر بشكل غير مسبوق، مما يجعل أي بداية جديدة معه أمرا غير واقعي.
واعتبر الباحثان في دراسة مشتركة أن تحميل الاتحاد الأوروبي السيسي المسؤولية المباشرة عن ضعف الاستقرار السياسي، سيؤدي إلى تقبل النظام المصري لضرورة استبدال رأس السلطة.
وقال روول وبروزس: إن أوروبا مدعوة إلى إعادة صياغة سياستها للمساعدات المقدمة لمصر، وذلك بتجنب إظهارها كدعم لرئيس لم يعد مناسبا.
وأشارا إلى ضرورة تقليص التعاون مع السيسي إلى أضيق الحدود، كالتوقف عن استقباله في العواصم الأوروبية، وعدم امتداح سياساته.
ورأى الباحثان أنه ينبغي إدراك أن استمرار ما يقوم به السيسي سيدفع أزمات مصر إلى مزيد من التفاقم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مما يستدعي خروج النقد الأوروبي له من الغرف المغلقة إلى العلن والمنتديات الدولية.
وذكرت الدراسة المشتركة أن الاجتماع القادم لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في يونيو المقبل، يتيح الفرصة لممارسة مزيد من الضغوط على القيادة المصرية، وتكرار انتقادات قاسية وجهتها ألمانيا وأوروبا قبل عامين لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
وأشار روول وبروزس إلى أن ادعاء السيسي رغبته في التغيير إلى الأفضل أصبح فاقدا للمصداقية، وقالا إنه يتحمل بعد عامين من تولي منصبه الحالي مسؤولية مباشرة عن تراجع استقرار بلاده أمنياً وسياسياً، وتردي اقتصادها وأوضاع حقوق الإنسان فيها.
وأوضح الباحثان أن السيسي اختار من البداية الإقصاء والاستقطاب، حيث أصدر صيف العام 2013 أمرا مباشرا باستخدام العنف المروع لفض اعتصام رابعة العدوية وقتل المئات وتكريس الانقسام بين المصريين. كما كرّس عنف الشرطة وقمع المجتمع المدني، وأصدر في غياب البرلمان جملة من القوانين الاستثنائية للقمع والمنع.
ولفتت الدراسة الألمانية إلى أن الرئيس المصري وضع قواعد سياسية واقتصادية لمشروعات كبيرة لا جدوى منها وتتميز بكلفتها الباهظة، كتوسعة قناة السويس وإقامة محطة نووية.
ورأت أن تصاعد العنف الوحشي للشرطة، وقمع النشطاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدني بموازاة تزايد الهجمات الإرهابية وتردي الاقتصاد، واتساع دائرة السخط المجتمعي، وانضمام فئات جديدة كالأطباء والصحفيين إلى المحتجين، هي مؤشرات على تفاقم حدة الاضطراب الاجتماعي.
وخلص معدّا الدراسة إلى أن استمرار الغطاء الدولي للسيسي سيصعب المطالب المتزايدة داخل النظام المصري باستبدال الرئيس بآخر لا يكون محل خلاف كبير كالسيسي.
من جانبها، أيدت ممثلة حزب الخضر المعارض في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني فرانشيسكا برانتنير توصيات هذه الدراسة.
وقالت برانتنير في حديث لـ”الجزيرة نت”: إنها تطالب الحكومة الألمانية بتوجيه انتقادات واضحة لانتهاكات نظام السيسي لأساسيات دولة القانون ومبادئ حقوق الإنسان، معتبرة أن “مصر في عهد السيسي تحولت إلى دولة بوليسية ولم تحقق إلا خطوات للخلف“.
ورأت برانتنير أن الأجهزة الأمنية المصرية تعمل بشكل منتظم وعلى نطاق واسع لإسكات المعارضين، مضيفة أن آخر ضحايا “فرق الاختطاف والاختفاء القسري” التابعة للشرطة المصرية هو رئيس المفوضية المصرية للحقوق والحريات أحمد عبد الله.