عبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن وقوفه بجميع علمائه ومؤسساته في العالم مع الأزهر الشريف في مواجهة الهجوم الشديد والاتهامات الباطلة التي يتعرض لها.
وقال الاتحاد في بيان: إن ما يتعرض له الأزهر اليوم أمر لا يقبله مسلم واعٍ بدور الأزهر التاريخي في نشر العلم والفكر الإسلامي الوسطي.
وحول الأوضاع في مصر، دعا الاتحاد قادة الأزهر إلى أن يتبنوا مراجعة ما آل إليه الأمر في مصر، وآثار وقوف بعضهم مع الظلم.
نص البيان:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
في الوقت الذي يتعرض فيه الأزهر الشريف للهجوم الشديد والاتهامات الباطلة، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يقف هذه الوقفة ليضع النقاط على الحروف بشأن هذه المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر في العالم، وثالث أقدم جامعة في العالم بعد جامعتي الزيتونة والقرويين.
يعد الأزهر الشريف منذ أن حوله السلطان صلاح الدين الأيوبي، قلعة الإسلام والمسلمين، وحصناً حصيناً من حصون الدفاع ضد أعداء الإسلام، وضد الإفراط والتفريط، ومثابة للعلماء ومرجعية للمسلمين، تخرج فيها مئات الآلاف الذين نشروا العلوم الإسلامية والدعوة إلى الله تعالى على مر التاريخ، فهو مركز إشعاع إسلامي عالمي استفاد منه العالم أجمع.
ولا يخفى على المتتبع لتاريخ الأزهر أنه قام بدور كبير في إذكاء الحركات الوطنية التحررية في مصر في العصور القديمة والحديثة، وكان الأزهر ورجاله يغذون الثورات الوطنية بخطبهم وكتاباتهم وقياداتهم، ويتركون أثراً فعالاً في تكوين شخصيات ثورية.
وكان للأزهر دوره في حماية الهوية الثقافية العربية الإسلامية، والدفاع عن قيم الوسطية والاعتدال في الفكر الإسلامي، ونشر العلوم الشرعية واللغة العربية، والتصدّي لتيارات التطرف والغلوّ التي تشذ عن صحيح الدين وتنحرف عن جادة الحق ومحجة الصواب.
ويستمدّ الأزهر الشريف قيمته العليا ومكانته المتميزة، من العقيدة الصحيحة التي يدين بها وينشرها، ويعلمها للأجيال في داخل مصر وخارجها، وهي عقيدة أهل السُّنة والجماعة، التي تحض على الوحدة والتآلف والتآزر والتعاون، وتنهى عن الشقاق والخلاف والصراع ونقض ميثاق الأخوة الإسلامية.
إن ما يتعرض له الأزهر اليوم من هجوم غير شريف بزعم أنه يفرخ الإرهاب بهدف تقويض دوره ومسخه؛ أمر لا يقبله مسلم واعٍ بدور الأزهر في نشر العلم والفكر الإسلامي الوسطي، وعبر التاريخ لم يكن أبداً للأزهر أي دور في نشر الفكر المرتبط بالإرهاب، ولا يقترب منه، بل كان حامياً على مر العصور للأمة الإسلامية من اجتهادات بعضهم التي تحمل شدة في الطرح أو عنفاً في التناول بما يتمتع به من سعة في الآراء ومرونة في استيعاب الأفكار ومناقشتها وتصويب وجهتها.
ونحن قد نتفق أو نختلف مع مشيخة الأزهر، لكن الأزهر نفسه كمؤسسة علمية وعالمية وإسلامية نحترمها، ونتوجه إليها بالنصح والرأي، دون أن يمس ذلك مكانة الأزهر الشريف.
وبناء على ما سبق، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد آلمه كثيراً هذه الهجمات الظالمة على الأزهر الشريف، وهي في حقيقتها هجوم على المبادئ الإسلامية التي تبناها الأزهر الشريف قديماً وحديثاً، ودافع عنها رجاله الربانيون، ووقفوا سداً مانعاً أمام الطغاة والغلاة والمفرطين والغزاة.
وفي الوقت الذي يقف الاتحاد بجميع علمائه ومؤسساته في العالم مع الأزهر الشريف ومبادئه، فإنه يدعو قادة الأزهر إلى أن يتبنوا مراجعة ما آل إليه الأمر في مصر، وآثار وقوف بعضهم مع الظلم.
وفق الله الجميع للسداد والرشاد
“رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا”.
المصدر: موقع الشيخ يوسف القرضاوي.