خطة استعباد الشعوب تلك أشبه ما يكون بمصارعة الثيران على الطريقة الإسبانية.
تعتمد خطة إنهاك الثور وإخضاعه على مهارة المصارع في إلهاء الثور بهدف وهمي هو المنديل الأحمر، يرتبك الثور من تتبع حركة المنديل الأحمر، ويستغل المصارع ارتباك الثور ويغرس في رقبته سهامه سهماً بعد سهم، والثور يشتد هياجه مع حركة الهدف الوهمي بينما جسده ينزف، حتى تخور قواه ويخر صريعاً تحت قدمي المصارع وسط صيحات الجماهير!
إنها قصة أمم وشعوب تدور مغمضة العينيين في طاحونة معاركها الوهمية، لاهية عن عدوها الحقيقي، وعن دورها الحقيقي، تتطاحن بقرونها في معارك وهمية دينية أو مذهبية أو قومية، وحتى المجتمعات المتجانسة يُفصِّلون لها مناديل حمراء على مقاس جماعة أو فصيل سياسي..!
المهم هو استمرار هذه الشعوب في طاحونة الإلهاء والإرباك والإنهاك.
معارك يديرها زعماء عصابة الدول الصناعية الكبرى، لضمان إلهاء وإرباك وإنهاك شعوبنا، كي يدور في بلادهم دولاب الصناعة والتجارة، فمصانع السلاح تورد سلاحها لكل أطراف الصراع، ويوردون المرتزقة من كل لون وجنس، ويستغلون مواقع الصراع في سرقة ثروات الشعوب، وتوفير المواد الخام بأبخس الأثمان.
وصبيان زعماء العصابة يديرون معارك الإلهاء اليومية بثوب أحمر فضفاض اسمه “الإرهاب”، منديل حاضر في كل مناسبة أو خطبة رسمية أو لقاء دبلوماسي، منديل بلا تعريف، يُفصِّلُه الأقوى على مقاس الضعيف.
وبينما الشعوب لاهية خلف منديل الإرهاب، توجه السهام نحو شبكة العلاقات الاجتماعية لتمزيقها، وتوجه نحو عجلة الاقتصاد فتشل عجلة الإنتاج، وتتوقف حركة السياحة، وتهرب رؤوس الأموال، وتخلق بذلك المناخ المطلوب لتتناطح الشعوب بقرونها في طاحونة توفير لقمة العيش بالحد الذي يبقيهم أمواتاً على قيد الحياة!
أما السهم الأساس الذي يستهدف ضرب الأمة في مقتل فهو السهم المستتر خلف منديل الإرهاب موجهاً ضد عقيدة الأمة وهويتها، حرب طالت ثوابت الإسلام، ونالت من الأزهر، وحذفت مناهج التربية الدينية، وزيفت مناهج مادة التاريخ، وتلاحق معاهد العلوم ومراكز تحفيظ القرآن التابعة للأزهر.
هو سهم في مقتل، لأنه يطال ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها، فالإسلام هو من صنع لهذه الأمة تاريخها وحضارتها وثقافتها ولغتها، وهو الذي حدد لها رسالتها ودورها، وهو سر حياتها في الحاضر والمستقبل.
وبدلاً من أن يشارك المثقفون في معركة توعية الشعوب، يلهث معظمهم خلف المناديل الحمراء شأنهم شأن العوام!
نحن في أتون معركة الوعي، إن لم يتم نزع الغشاوة عن عيون الشعوب، فستظل مجرد أداة تدور مغمضة العينيين لإدارة ساقية تُغذي زعماء العصابة الكبار وصبيانهم.