استشهاد الشاب أحمد نصر جرار من جنين في مواجهة مع جنود الاحتلال، صباح أول أمس الخميس، على خلفية قتله الحاخام المستوطن زرئيل قبل عشرة أيام قرب مستوطنة يتسهار جنوب نابلس، وإصابة جنود الاحتلال بجروح أحدهم خطيرة جداً، فتح الباب على مصراعيه لتاريخ والده الأسير المحرر القيادي نصر جرار، صاحب البصمات البيضاء وغرف التحقيق لمدة مائة يوم وهو بداخلها، ثم الاعتقال الإداري من عام 1994م حتى عام 1998م في أطول رحلة اعتقال بدون لائحة اتهام.
محررون عاشوا مع الشهيد نصر جرار في سجن النقب في قسم “كيلي شيفع” عام 1994م والقريب من الحدود المصرية، تحدثوا لـ”المجتمع” عن صفاته وكيف أن ابنه أحمد قلّد والده في التضحية ورفضه الاستسلام لقوات الاحتلال.
يقول المحرر محمد: عشت مع الشهيد نصر جرار في الاعتقال الإداري عام 1994م، وكان وقتها قد أنهى فترة التحقيق التي كانت قاسية، ولم ينتزع منه أي اعتراف، بالرغم من خضوعه للتحقيق العسكري الخطير، وكان الشهيد يحب مشاهدة القمر ينظر إليه ويحدثه عن همومه، وكيف أن عائلته تشاهد القمر معه في ظل الحرمان الذي تفرضه عليه مخابرات الاحتلال.
ويضيف: كان يحب النقاش وإثراء العقل بالأفكار، وفي الجلسات الجماعية كان له حضور ويحب ألا تحظر مناقشة بعض الأفكار، فهو صاحب آفاق واسعة وطروحاته في النقاش لها أبعاد إستراتيجية، ومن هنا عندما قلّد نجله الشهيد أحمد والده، بعملية نوعية ووازنة بحق حاخام مستوطن يعيث في الأرض فساداً، فهذا من إرث والده صاحب البصمات البيضاء، وقدم أطرافه التي سبقته للجنة قبل أن يستشهد هو عام 2002م.
أما المحرر نضال الذي عايش الشهيد القيادي نصر جرار: عشت معه عدة أشهر في الاعتقال الإداري، كان دائماً متفائلاً، ولا يقبل الشكوى والأنين عند كل تمديد، بل كان لا يسأل عن طبيعة التمديد ومدى فترته الزمنية، فهو مشغول في كيفية النهوض بنفسه والأسرى داخل الأسر، فهو قيادي بامتياز ونجله الشهيد أحمد ورث عن أبيه الشجاعة والإقدام والمبادرة والتخطيط، فعمليته ضد المستوطن أربكت دولة بأكملها وسوائب المستوطنين.
وأضاف: طريقة استشهاد القيادي نصر جرار ونجله الشهيد أحمد متشابهة، فالاثنين رفضا الاستسلام، كما أنهما خططا ونفذا عمليات نوعية، وطريقة تعامل الاحتلال معهما بالجرافات والصواريخ والهدم.
ويرى المحرر إياد كيف التقى الشهيد نصر جرار في سجن النقب عام 1994م، وتأثره به منذ اللحظات الأولى من اللقاء وقال: له هيبة وصمته وقار، وكان يتحدث قليلاً فهو من مدرسة الإكثار من العمل لا الكلام، وعندما سمعت من وسائل الإعلام عن استشهاد نجله أحمد نصر جرار منفذ عملية قتل الحاخام المستوطن، عدت بالذاكرة إلى الخلف لاسترجاع ذكريات مع والده قبل 24 عاماً، فما جرى استنساخ لتجربة والده في النضال والكفاح وإيلام الاحتلال، والشهداء ينجبون أشباههم حتى لا ينقطع درب النضال والمقاومة، يقول المحرر إياد.
وفي حديث مع أحد الأسرى في سجن النقب عقب استشهاد الشهيد أحمد جرار قال الأسير عزات: عائلة الشهيد المحرر نصر جرار من العائلات المجاهدة، ولا غرابة أن ينفذ الشهيد أحمد عملية نوعية وثقيلة على المستوطنين وجيش الاحتلال، فهو من ظهر أسد مغوار له صولات وجولات في السجون وخارجها.