مع انتشار أمراض السمنة في العالم وازدياد تأثيراتها السلبية على البشرية وتحولها إلى أشبه بالوباء سعى الأطباء إلى استخدام وسائل حديثة تغني عن العمليات الجراحية وتحد من تداعياتها وأضرارها الجانبية على جسم الإنسان.
وتسابقت الدول المتقدمة للتوصل إلى عدد من الوسائل الحديثة التي تساهم في الحد من ظاهرة السمنة بعد أن جرب الأطباء العمليات التقليدية وعمليات التكميم فتم التوصل إلى وسائل عدة أبرزها البالونات الذكية التي أخذت أنواعها تنتشر عالمياً.
وتتصدر الكويت المرتبة الأولى عربيا والثانية عالميا قياسا بعدد السكان في نسبة الإصابة بأمراض السمنة مما جعلها في أعلى قائمة الأمراض المزمنة بمعدل انتشار بلغ 80 في المئة للبالغين و30% للأطفال وفقاً لدراسات رابطة السمنة الكويتية.
وتعتبر بالونات المعدة الذكية وسائل مساعدة لإنقاص الوزن ومثبتة علميا لعلاج أمراض السمنة وبديلا عن العمليات الجراحية التي قد تصاحبها بعض المضاعفات.
ورغم ظهور البالونات المائية في الكويت عام 1980 فإن أهميتها زادت مع ظهور البالونات الذكية الهوائية عام 2014 وهي مصنوعة من غشاء رقيق متعدد الطبقات ليقوى على مواجهة الأحماض والأنزيمات التي تفرزها المعدة وتملأ بغاز (النيتروجين).
وأعقب ذلك استخدام البالونات المائية المبرمجة عام 2016 وهي مكونة من مادة السيليكون وصبغة الميثالين لمعرفة أي تسرب يحدث بعد ملئها بمحلول ملحي وهذا التطور جعل مرضى السمنة يتزايدون على طلب البالونات.
واستطلعت “وكالة الأنباء الكويتية” (كونا) آراء عدد من المتخصصين بجراحات السمنة للتعرف على أنواع البالونات المتداولة بالكويت وأفضلها مقارنة بعمليات التكميم والتحزيم وتغيير مسار المعدة لاسيما بعد تداول تقرير لمنظمة الغذاء والدواء الأمريكية حول وفاة خمسة أشخاص في الولايات المتحدة إثر مضاعفات تسببت بها بعض أنواع البالونات.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور احمد الشطي لـ”كونا”، اليوم الثلاثاء، حرص الوزارة على الأخذ بتقارير منظمة الغذاء والدواء الأمريكية بعين الاهتمام وإصدارها تعميماً واضحاً لممارسي الرعاية الصحية بضرورة متابعة مرضاهم بعد إجراء عمليات البالون أو التكميم خصوصاً بعد تسبب بعض أنواع البالونات المائية بوفاة خمسة أشخاص في أمريكا وإصابة آخرين بالتهاب البنكرياس الحاد.
وقال الشطي: إن الوزارة تعاملت مع تقرير المنظمة بمهنية عالية خصوصا أنها تولي مرض السمنة اهتماماً كبيراً لارتباطه بعوامل الخطورة المسببة لأمراض القلب والسكر والضغط والسرطان.
ولفت إلى سعي الوزارة لاعتماد الكويت مركزا إقليميا للوقاية والتصدي للأمراض المزمنة ومن ذلك إجراء المسوح الصحية للكشف المبكر عن الأمراض ورصد الكثير من البرامج لمكافحة المرض، مضيفاً أن ارتفاع معدلات السمنة يعتبر مصدر قلق للصحة العامة.
وأضاف أن الوزارة تتابع التقنيات الطبية الحديثة التي تدخل الكويت مشيرا إلى وجود أنواع كثيرة من البالونات لكن المرخص منها خمسة أنواع منها المائي (أوربيرا وريشيب وسباتز واليبس) ومنها الهوائي (أوبالون) ولكل منها مزايا وعيوب.
من جانبه، قال وزير الصحة السابق واستشاري جراحات السمنة د. محمد الجارالله في تصريح مماثل: إن التغذية الصحية وممارسة الرياضة وصولاً إلى الطرق التداخلية (البالون والتكميم) تعتبر من أفضل حلول المعالجة، مشيراً إلى وجود معايير عالمية لاستخدام البالونات والعمليات متمثلة بقياس كتلة الجسم.
وأوضح الجارالله أن من يتعدى مؤشر كتلة جسمه 25 (كجم/متر مربع) (ناتج قسمة الوزن على مربع الطول بالمتر) يعاني زيادة الوزن مبينا أن من يزيد على ذلك يتدرج بالدخول من السمنة الى السمنة المفرطة وصولا إلى السمنة المرضية الخطيرة.
وذكر أن أليبس وأوبالون يعتبران من أفضل البالونات لسهولة استخدام الأول لأنه لا يحتاج لأي تخدير ويخرج مع البراز مباشرة ووزنه (700 جرام) والثاني لخفته على المعدة (3 جرامات)، مبيناً أن المريض يحتاج إلى ثلاثة بالونات لتحقيق الفائدة المرجوة.
وأضاف أنه لا توجد أي آثار جانبية للبالونات على المدى البعيد لكنها قد تحدث عند استخدام حلقة المعدة بنسبة ضئيلة جدا بسبب الحموضة والارتجاع الذي قد تسببها في حال إهمال الإرشادات الطبية.
وأفاد بأن على مرضى السكري المصابين بالسمنة استخدام البالون لعلاقته بخفض معدل السكر بالدم أما المصابون منهم بالسمنة المفرطة فعليهم إجراء عمليات التكميم لأنها علاج موثق للسكر والضغط بسبب ما يطرأ من تغييرات على هرمونات الأمعاء.
من ناحيته كشف اختصاصي جراحة السمنة في المستشفى الأميري الدكتور خالد الزامل عن وجود أبحاث علمية لطرح تقنية (طي المعدة) بواسطة المنظار عبر الفم دون اللجوء إلى عملية جراحية.
وقال الزامل في تصريح مماثل: إن تقنية البالونات تعتبر الأفضل لأنها أسرع الطرق لفقدان الوزن مبينا أنه كلما ارتفعت نسبة كتلة الدهون في الجسم انتقلت طرق اللجوء من الريجيم إلى الرياضة وصولا إلى البالون وانتهاء بالتكميم.
وذكر أن البالونات الموجودة منها المائي الذي يوضع بمعدة المريض بعد تخديره وملئه بمحلول طبي ومنها الهوائي الذي يتم ابتلاعه عبر الفم بواسطة كبسولة دون تخدير ثم يتم ملؤه بغاز النيتروجين مضيفا أن إزالته تحتاج إلى منظار مع تخدير موضعي للتأكد من عدم وجود أي تقرحات بالمعدة.
وأوضح أن مدة مكوث البالونات المائية بالمعدة تتراوح بين 4 أشهر إلى عام كامل في حين تمكث الهوائية 6 أشهر مبينا أن ترك البالون فترة أطول أو ملأه بكمية أكثر يسبب مضاعفات صحية لذا من الأفضل وضعه لفترة متوسطة.
وشدد على ضرورة أن يكون المحلول الطبي داخل البالون اقل من المتوسط لتجنب الضغط على البنكرياس موضحا أن النفخ الزائد يسبب التهاب البنكرياس الذي يقع خلف المعدة مباشرة.
وحذر الزامل مرضى السمنة الذين أجروا عمليات التكميم وحلقة المعدة من مغبة اللجوء إلى البالونات بالنظر إلى خطورة ذلك.
أما رئيس جمعية السمنة الكويتية الدكتور يوسف بوعباس فأشار إلى وجود أنواع مختلفة من البالونات أكثرها شهرة أوبالون وريشيب وأوربيرا، مبيناً أن أوبالون هو الأفضل صحياً من حيث الوزن ومدة الاستفادة وضمان عدم تسرب مادته.
وقال بوعباس: إن بعض التقارير كشفت سلبيات بعض البالونات المائية المبرمجة التي تخرج مع البراز والتصاقها بالأمعاء الدقيقة مما يستوجب التدخل الجراحي لإزالتها من الأمعاء. وأوضح أن من مضاعفات البالونات المائية التهابات البنكرياس الحادة نتيجة الضغط الذي يسببه المحلول على البنكرياس فضلا عن أن البالون المكون من السيليكون يتمركز في قاع المعدة لثقل وزنه فتتجمع حوله البكتيريا في حين البالون الهوائي لا يتفاعل مع الأنزيمات ولا يستقر في قاع المعدة لخفة وزنه.