يوم الأحد القادم تختتم فعاليات الدورة 34 لمعرض تونس الدولي للكتاب، بالكرم، وبذلك يسدل الستار على الدورة التي نظمت تحت شعار” نقرأ لنعيش مرتين” كما تم الاحتفاء بالمرأة التونسية تحت شعار” نساء بلادي نساء ونصف” وبالقضية الفلسطينية، من خلال تكريم أحد الرموز الأدبية.
وقد شهدت هذه الدورة حضوراً أجنبياً كبيراً، حيث شارك 32 بلداً حسب جنسيات الناشرين المشاركين، في حين بلغ عدد الناشرين التونسيين 120 ناشراً، إضافة لـ135 دار نشر عربية، فيما حصل الأجانب على نصيب الأسد حيث شارك 441 ناشراً أجنبياً من بينهم 429 ناشراً فرنسياً، وقد خصصت للمعرض مساحة 7800 متر مربع، منها 171 متراً مربعاً خصصت للجزائر، ضيف شرف المعرض.
العالم في تونس
وقال وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين لـ”المجتمع”: إن الدورة 34 لمعرض تونس الدولي للكتاب تشهد مشاركة أكثر من 30 دولة و725 دار نشر تونسية وعربية وأجنبية من آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا بما يعني أننا استقطبنا العالم في تونس، من خلال استضافة ما أنتجته الإنسانية من عصارة الفكر، وتابع: هناك العديد من الكتب والمقاربات والآداب ومن المهم جداً أن تكون تونس حاضنة لهذا.
وأكد زين العابدين أهمية العناية بالكتاب ودور النشر، مشيراً إلى اعتماد وزارة الثقافة ميزانية لهذا الشأن من أجل نشر الأعمال التونسية وإشعاعها في الخارج، على حد قوله، وأوضح في رده على سؤال لـ”المجتمع” حول دور الكتاب في هذه المرحلة الحساسة على مختلف الأصعدة، وفي ظل تنامي النشر الإلكتروني، أن الكتاب هو إحياء للقاء الفكري المباشر وهي قيمة أساسية تساهم في التقارب الفكري والأدبي والحوار بصفة عامة.
أساس المعرفة
من جهته، أعرب وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي لـ”المجتمع” عن سعادته لمشاركة بلاده في معرض تونس الدولي للكتاب كضيف شرف، مشيداً بالعلاقات التاريخية بين الشعبين، قائلاً: العلاقات بيننا ليست وليدة اليوم، بل هي تلقي بجذورها في أعماق مشاعر الشعبين، لم تكن دماء الشهداء في ساقية سيدي يوسف، هي أول اللقاءات، وإنما كانت حجة جديدة على اللحمة بين الشعبين الشقيقين، وأردف: تشارك 80 دار نشر من الجزائر في الدورة 34 من معرض تونس الدولي للكتاب وقد تم اختيار دور النشر والكتب بعناية لاعتقادنا بأن القارئ التونسي ذكي، كما أن لدينا برنامج للندوات الأدبية والفكرية على هامش الدورة الدولية المتميزة، وإحياء الذاكرة من خلال تكريم من تركوا بصماتهم على العلاقات الثقافية المتينة بين الشعبين والبلدين بل المغاربية عموماً، ونوه بدور الكتاب الذي اعتبره “أساس المعرفة”.
احتفاء بالكتاب
في السياق نفسه، أشار مدير الدورة 34 لمعرض تونس الدولي للكتاب شكري المبخوت في تصريح لـ”المجتمع” إلى أن المعرض فرصة سنوية للاحتفاء بالكتاب، الذي كان ولا يزال وسيظل أساساً للإبداع وصناعة الأفكار، وأضاف: هو وعاء للتفكير الرصين وشواهد الإنسانية الحديثة، وقد أعددنا في هذه الدورة مأدبة دسمة وأخذنا من نساء تونس موضوعاً محورياً في هذا المنعطف الديمقراطي المنشود، وحول مشاركة الجزائر في معرض الكتاب أفاد بأن العلاقة مع الجزائر هي صلة وجود لا صلة حدود، وأشار إلى تكريم عدد من الكتاب في مجالات مختلفة.
الجوائز المسنودة
في حفل الافتتاح الذي سبق قطع الشريط، أعلنت لجنة جوائز الدورة 34 لمعرض تونس الدولي للكتاب عن أسماء الفائزين، وهم الناقد والروائي حسين الواد، الذي تم منحه جائزة “توفيق بكار التقديرية”، التي تسند لأول مرة لكاتب تونسي، وحازت دار نقوش عربية للنشر على جائزة نور الدين بن خضر، لأفضل دار نشر، وحازت مجموعتان قصصيتان على جائزة “علي الدوعاجي للقصة القصيرة”، وهما “حكايات لا تهمك” لطارق الشيباني، و”مذهلة” للزهر الصحراوي، وأسندت جائزة “فاطمة الحداد للدراسات الفلسفية” لفتحي أنقزو، على كتابه “معرفة المعروف: تحولات التأويلية من شلايرماخر إلى ديلتاي”، وفازت الروائية وفاء غربال بجائزة “بشير خريف للرواية”، على روايتهاLe tango de la déesse des dunes، في حين أسندت جائزة الصادق مازيغ للترجمة إلى محمود بن جماعة، عن كتاب جوليا كريستيفا “قصص في الحب”، وهي دراسة نفسية وأنثروبولوجية وفلسفية من خلال اليهودية والنصرانية والأدب، رواية ومسرحاً وشعراً، وحصل د. عبدالوهاب بو حديبة على جائزة “الطاهر الحداد” عن كتابه بالفرنسيةLa culture du parfum en Islam، وهو دراسة أنثروبولوجية، فيما جاء عن العطور في الخطاب الديني والتراث الأدبي، وكتب الطب والفلسفة، وقد تم حجب جائزة عبدالقادر بالشيخ لكتاب الطفل واليافعين، إضافة لحجب جائزة عبدالحميد بلكاهية لكتاب الفن لغياب المترشحين.
المكرّمون في المعرض
كرم القائمون على الدورة 34 عدداً من الكتاب والشعراء، ففي إطار الاحتفاء بالمرأة التونسية تحت شعار “نساء بلادي نساء ونصف” كرّمت الروائية سعاد قلوز، والقاصة نافلة ذهب، وكرّم الكاتب محمود بلعيد، والروائي، الحبيب السالمي، والشاعر منصف المزغني، وتم تكريم الروائي الفلسطيني يحي يخلف تعبيراً عن الاحتفاء بالقضية الفلسطينية، كما كرّمت الجزائر ضيف شرف المعرض في شخصي الكاتبين، واسيني الأعرج، وأمين الزاوي، علاوة على تكريم الكاتب المغربي أحمد المديني، والكاتب العراقي، محسن جاسم الموسوي.
ربيع الكتاب
داخل المعرض ربيع معرفي تتوزع حقوله حسب الاختصاص، أجنحة لكتب الطفل، وأخرى للعلوم المختلفة وللأدب للترجمات والكتب المترجمة، حيث يعثر المرء على آخر ما صدر باللغة الإنجليزية مترجماً للعربية، وأشهرها “نار وغضب” لمؤلفه مايكل ولف، والذي يتناول سيرة الرئيس الأمريكي ترمب، وترجمة لرواية كتابها ماكرون في صباه إلى جانب كتب جادة ومشهورة مثل كتب صامويل هنتجتون، وأشهرها “صراع الحضارات” و”نهاية التاريخ” لفوكوياما.
وكانت المكتبة الوطنية حاضرة في المعرض من خلال جناح خاص بها، حيث استقبلت د. رجاء بن سلامة “المجتمع” بعرض ما لديها: عندنا نسخ من مجلات قديمة، من بينها مجلة “الفرززو” الفكاهية، ومجلة “الشباب”، ومجلة “السرور”، وصاحبها علي الدعاجي، إلى جانب عدد من الفهارس، وبيوغرافيا عن ابن خلدون وغير ذلك، وفي ركن منزوٍ بعض الشيء، تتربع روايات نجيب الكيلاني “عمالقة الشمال”، و”ليالي تركستان”، و”دم لفطير صهيون”، و”نور الله” في جزأين، إلى جانب العديد من كتب الرافعي وروايات أحمد علي بكثير.