ظللت الأجواء الرمضانية أرجاء محافظات مصر خاصة العاصمة القاهرة، وبدأت المساجد في أداء صلاة التراويح، مساء الأربعاء، وسط حضور مكثف من جمهور المصلين بمشاركة نسائية، وسهر المصريون حتى أداء صلاة فجر اليوم الخميس، وامتلأت قاعات السحور في المطاعم بالأسر التي حرصت على السحور خارج المنزل في ليالي رمضان، فيما اتجه البعض للسحور في منازلهم، بينما ما زال الحزن يضرب بأستاره بيوت المعتقلين السياسيين الذين يقدر عددهم بـ40 ألفاً، بحسب أحدث التقديرات.
دعوة الأزهر والإخوان
ووسط غياب النشاط الدعوي المعروف عن جماعة الإخوان المسلمين في شهر رمضان بسبب الأزمة السياسية والملاحقات الأمنية، بحسب مراقبين، دعا الأزهر الشريف وإمامه د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية؛ لاستثمار هذا الشهر الكريم في مواصلة أعمال البر والتعاون وترك الفرقة والاختلاف؛ مشددًا على أن الصيام من أعظم الأسباب التي تعين العبد على القيام بأوامر الدين، كما أنه موجب للرحمة والعطف على المساكين، والاهتمام بهم وتلبية احتياجاتهم، وإدخال السرور عليهم، مؤكداً في بيان رسمي، أمس الأربعاء، على صحفته الرسمية أهمية استغلال الشهر في العمل الجاد والبذل والعطاء، واستلهام روح الانتصارات الكبرى التي من الله بها على المسلمين في رمضان.
من جانبه، دعا د. محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، في رسالة بعنوان “عودة الأمة في رمضان”، إلى أن تصبح مسيرة العودة الكبرى في فلسطين جزءًا من عودة الأمة إلى ربها في شهر الخير الذي يذكرنا أننا أمة الرسالة والخير والهداية والرحمة، وأن مهمتنا في هذه الحياة أن نحمل الخير إلى عباد الله قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها، فنعرفهم بربهم سبحانه، وندلهم على طريقه، ونعلمهم منهجه، وندعوهم إلى نظامه، ونرشدهم إلى أحكامه، ونأمرهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر، ونحبب إليهم الطاعة والفضيلة، ونبغض إليهم المعصية والرذيلة، ونأسو جراحهم ببر الإسلام، وننير عقولهم بنور القرآن، ونحيي قلوبهم بفيض الإيمان، ونهذب أخلاقهم بهدي خير الأنام، ونوقظ فيهم إنسانية الإنسان، ونقودهم إلى التحرر من عبودية البشر ونحشدهم في مقاومة الطغيان.
الليث بن سعد
وفي وسط جرعة المسلسلات المصرية المكثفة، أعلنت “إذاعة القرآن الكريم” في مصر بدء تسجيل حلقات المسلسل الإذاعي “الليث بن سعد” بعد نجاح مسلسل “سفيان الثوري” العام الماضي، ووفق د. حسن سليمان، رئيس “إذاعة القرآن الكريم”، فإن تجديد الخطاب الديني يحتاج دائماً أن نبحث عن الشخصيات التي لها تأثير إيجابي كبير في توصيل معاني الدين الصحيح إلى جمهور المسلمين، والإمام الليث بن سعد له دور عظيم في خدمة الفقه الإسلامي لا يقل تأثيراً عن الفقهاء أئمة المذاهب الأربعة المشهورين، وبالتالي كان لزاماً علينا أن نبرز هذه الشخصية.
ويجسد دوره في المسلسل الفنان طارق الدسوقي، وتجسد الفنانة مديحة حمدي شخصية والدته، وأحمد ماهر في دور “الإمام مالك”، ويشارك في بطولة العمل صبحي خليل، ومحمد عبدالجواد، وهمام عبدالمطلب، وخالد عبدالسلام، ومريم سعيد صالح، ويرويه د. حسن سليمان، رئيس “إذاعة القرآن الكريم”، ومن المقرر إذاعته يومياً خلال شهر رمضان الكريم بعد الإفطار.
حزن مسيطر
وما زالت أجواء الحزن مسيطرة على بيوت المعتقلين، رغم إصدار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قراراً بالعفو الرئاسي عن 332 شاباً، خرجوا بحسب الإعلام الرسمي المحلي بتنسيق بين الجهات الأمنية من بوابة سجون طرة الرئيسة في شرق القاهرة، من بينهم شابان من اليسار والاتجاه الليبرالي، هما: إسلام فؤاد محمد إبراهيم قاسم (حزب الدستور/ ليبرالي)، وأندور ناصف نصحي صليب (حزب العيش والحرية/ يسار)، حيث سيطرت أجواء الحزن على غياب الآلاف من المعتقلين خلف الأسوار على بيوت ذويهم.
وكتبت نورهان حفظي، زوجة الناشط السياسي المعارض أحمد دومة، على حسابها الرسمي معربة عن حزنها من غياب زوجها للمرة الخامسة عن شهر رمضان، وقالت: “ده خامس رمضان لأحمد دومة في السجن، 22 ساعة في زنزانة انفرادياً وفطار وسحور وحده بعيداً عن أهله وحبايبه، وممنوع من مشاركة أي بني آدم، من أسبوع زار السجن وفد من النيابة العامة للتفتيش، منعرفش سبب الزيارة المباشر، أحمد بعنف غير مسبوق شبه اتخانق معاهم وقالهم أنا في زنزانة انفرادي من خمس سنين، لو قاصدين تجننوني مش هتعملوا كده، كفاية عليه كده فعلاً”.
وأعرب عمر، نجل الكاتب الصحفي والبرلماني المعتقل محسن راضي، عن أسفه لافتقاد والده في رمضان، وقال على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “نفسي أحس برمضان”، وأضاف موجهاً حديثه لوالده: “كل عام وأنت بخير، كل عام وأنت صامد، كل عام وأنت ثابت، كل عام وأنت صابر، كل عام وأنت فخر لي، كل عام وهذه الابتسامة على وجهك.. وبشر الصابرين”.
وأطلقت منى إمام، والدة المعتقل جهاد الحداد، المتحدث الإعلامي السابق لجماعة الإخوان المسلمين، نداء استغاثة لتردي حالة ابنها الصحية ومنع الزيارة عنه وعن معتقلي سجن العقرب قبيل شهر رمضان، وقالت: “جهاد الحداد وصل مستوى السكر في الدم 38 كما علمنا، مما يشكل خطراً حقيقياً على حياته، خاصة أن أنزيمات الكبد مرتفعة، وهو مضرب منذ 7 أيام بعد أن سرقوا كل أدويته وملابسه ومتاعه وأعادوه إلى مقبرة العقرب عقب تقرير منظمة العفو الدولية عنه، جهاد عاجز تماماً عن الوقوف أو الحركة بسبب ركبته، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وهم مسؤولون مسؤولية كاملة عن حياته، وعن التدهور الحالي في صحته بعد منع علاجه”.