نستذكر في هذا التاريخ من كل عام الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت، والسلبيات التي ملأت البلاد من شمالها إلى جنوبها، وآثاره السيئة التي امتدت إلى العلاقات العربية والإسلامية حتى هذه اللحظة، ومن ثم الاحتلال السياسي الأمريكي الإيراني للعراق، واشتعال الحرب الطائفية والعرقية، وتحول المنطقة إلى بركان دائم الثوران.
وجرت العديد من الأحداث السياسية والاقتصادية في المنطقة على مدى 28 عاماً، من ثورات «الربيع العربي» المنتهية والمعلقة والمخترقة، والانهيار الاقتصادي العالمي عام 2008م، وتحول النظام السياسي في تركيا بسلاسة بعد انقلاب فاشل، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مضرب المثل في الوحدة الغربية والرأسمالية، والمزيد من التدمير الروسي الأمريكي لبلاد الشام، وانتقال السفارة الأمريكية في فلسطين إلى القدس، وعشرات المرات من القصف «الإسرائيلي» بالقنابل المحرمة على غزة المحاصرة، واستهداف الأطفال والنساء والعزل، وابتلاء اليمن بالنظام الحوثي بالتضامن مع نظام علي صالح، واكتشاف حالات عديدة من التجسس والاختراق الأمني للعديد من الدول.. وغير ذلك كثير، فالعالم ما زال يشتعل حرباً بالوكالة.
أما على الوضع المحلي، فقد تغيرت النفوس كثيراً في النظر إلى بعضنا بعضاً، وارتفاع معدل الحسد والغيرة، وانتشار الشماتة والفضيحة والغيبة والنميمة، والبحث عن السلبيات ودفن الإيجابيات، وتصاعد وتيرة الفساد والتزوير، أسوة بالعالم العربي الذي أسرته الأنظمة الإدارية المترهلة.
ومع ذلك يبقى في الكويت بصيص الأمل لأمة الإسلام رغم كل ما جرى لها من بعض الجيران، من احتلال واعتداءات حدودية وخلايا تجسس وترسانة أسلحة.. وغير ذلك، فقد بقيت الكويت الصوت الأعلى المُطالب بحقوق الشعب الفلسطيني، بعد أن صمت الجميع، ومحاولة البعض التقرب من الكيان الصهيوني، لكن الكويت استمرت في موقفها التاريخي تجاه فلسطين، وتصدرت رئاسة مجلس الأمن رغم أنها ليست من الأعضاء الدائمين فيه، ودعت لأكثر من مرة لجلسات خاصة بالاعتداءات «الإسرائيلية» على غزة.
وانتشر العمل الخيري الكويتي في كل أرجاء المعمورة، بما فيها الدول التي اعتدت على الكويت، وتم تكريم سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من قبل الأمم المتحدة، ومنحه لقب «قائد للعمل الإنساني»، والكويت «مركز إنساني عالمي»، وتصدرت الكويت دول العالم في العطاء الإنساني عبر عدة مؤتمرات مانحين لعدة دول ولاجئين ومنكوبين، وحصلت الجمعيات الخيرية الكويتية على العديد من الأوسمة والجوائز التقديرية لتميزها في التنمية المستدامة.
وافتُتحت في الكويت خلال هذه السنوات عشرات الطرق والجسور والمدن الجديدة، وبُنيت عشرات الأسواق والأبراج العالية، وتأسست عدة جامعات خاصة، وافُتتحت مراكز ثقافية عالمية، وأُنشئت مستشفيات ومراكز ومدن طبية حديثة، وفي الطريق مثلها تنتظر دورها في الانتهاء.
لقد مللنا من النظر من زاوية واحدة، زاوية السلبيات والإخفاقات، فلا يوجد بلد في العالم يخلو منها، فذلك يولد الإحباط وقسوة القلب والكراهية وتفكك المجتمع، ويزيد من معدلات الحسد والحقد، وعلينا النظر مراراً إلى النصف المملوء من الكوب لا إلى النصف الفارغ، وعلينا أن نرفع معنوياتنا ونشجع الأفضل والأصلح، وأن نمد يدنا في هذا المجتمع للمساهمة فيه، كل قدر استطاعته وأقلها الدعاء، وكما قال الفضيل بن عياض: «لو كان لي دعوة مستجابة؛ ما صيرتها إلا في الإمام».
لنجعل أيامنا المقبلة أفضل لأبنائنا وأجيالنا القادمة، بعدم اليأس أو الملل أو الانسحاب أو الإحباط، فكل له دور يستوعبه في المجتمع، ولا أقل من الكلمة الطيبة، حتى نرتقي بأوطاننا بعد 2 أغسطس بفكر جديد.