مازالت الأسيرة الكاتبة لمى خاطر من الخليل وهي أم لخمسة أولاد تقبع في سجن الدامون في فلسطين المحتلة عام 1948 منذ اعتقالها في الرابع والعشرين من شهر يوليو الماضي.
ولم تتوقف خاطر عن كتاباتها داخل السجن بالرغم من ظروف الاعتقال المأساوية، ومحاولة مصلحة السجون نقلها باستمرار، حيث كانت في سجن هشارون ونقلت إلى سجن الدامون.
شخصية مؤثرة
يتحدث زوجها المحرر حازم الفاخوري لـ”المجتمع” عن زوجته الأسيرة لمى قائلاً: بالرغم من أن الفترة التي مرت على زوجتي الأسيرة أم أسامة داخل السجون الصهيونية ليست كبيرة مقارنة مع أقرانها، وبالرغم من قلة معرفتها بالسجون وأحوالها قبل الأسر، فإنها استطاعت وفي فترة قصيرة جداً من قراءة وفهم واقع السجون وتفكيك أحجية حل الإشكاليات داخلها، مضيفاً: فزوجتي لمى شخصية مؤثرة وفاعلة وتسعى دائماً للتغيير نحو الأفضل، فهي لديها قدرة كبيرة على حل الإشكاليات وتأليف القلوب وردم الهوة وتقريب المسافات بين جميع الأسيرات دون تمييز.
ويضيف: زوجتي لا تقبل أن تقف مكانها دون أن يكون لها دور في تغيير محيطها نحو الأفضل، من أجل ذلك كله تم انتخابها في الهيئة القيادية العليا لأسرى “حماس” في السجون، بالرغم من قصر مدة اعتقالها، فهي ثورة أينما حلت تصنع التغيير.
يقول الفاخوري: خلال زيارتي لها داخل السجن أيقنت أن زوجتي صاحبة همة في محيط الأسيرات كافة، فهي تسعى دوماً إلى مساعدتهن وزيادة جسور المحبة بينهن، وهذا ما يقلق السجان الذي يراقب تحركات زوجتي الأسيرة الكاتبة، ولم تتوقف عن الكتابة والتأليف، إلا أنها لم تخرج أياً من أعمالها حتى الآن.
ويتابع قائلاً: وأولادي الخمسة يفتخرون بوالدتهم الأسيرة التي دخلت السجن لمواقفها القوية الداعمة لقضية فلسطين، فقلمها لا يستطيع الاحتلال قصفه مهما كانت الإجراءات وهي قامة من قامات الوطن الشامخة.
زيارة بيسان
البنت الكبرى للأسيرة لمى خاطر بيسان زارت والدتها في المحكمة وتحدثت عن لحظات الزيارة السريعة قائلة في حديث مع “المجتمع”: في محاكم الاحتلال، يُمنع ذوو الأسير من الاقتراب من أسيرهم ويُفصل بينهم بحاجز حديدي، ويوم أمس من محاكمة والدتي وفي الدقائق الأخيرة من المحكمة كان بيني وبين أمي مسافة كافية لأستطيع بها السلام عليها باليد، فمدّت أمي يدها لتسلّم علي ومددت يدي والدموع الممتزجة بضحكة وداعي لها لا تفارقني، حتّى جاء الشرطي مسرعاً ليفصل يدي عن يدها بقوّة، الأمر الذي استفز أمي وجعلها تصرخ في وجهه بنبرةٍ غاضبة قائلة: “تمدّش إيدك عليها”.
وتضيف الطالبة الجامعية بيسان التي أجّلت دراستها الجامعية لرعاية أشقائها: منذ مدّة طويلة، هذه المرّة الأولى التي رأيتُ بها ملامح أمي غاضبة بهذا الشكل، والمرّة الأولى التي أرى بها غضبها حناناً يدفئ قلبي الذي عصفَت به رياح الغياب، المرّة الأولى التي أرى بها نبرة غضبها صوتاً مفعماً يهمسُ لقلبي بشكلٍ ما “أحبكِ”.
وأضافت: لعلّنا حتى الآن لم نستطع أنا وأمي التعبير عن مدى شوقنا بشكلٍ كافٍ كلّما التقينا، لكنّها اليوم عبّرت لي عن شوقها بغضبها الحاني، بقلبها الثائر لأجل قلبي، بعنادِ عينيها التي تطلّع للحريّة مع كل إشراقة شمس، لتتبعها ضحكتي موّدعةً وصوتي قائلاً: “يلا سلام يمّا ديري بالك على حالك”.