رغم حرمانهم من التجمع مع ذويهم على مائدة واحدة، حيث يعانون من الغطرسة الصهيونية بحقهم، التي تنتهجها مصلحة السجون، فإنهم يصرّون على منح شهر رمضان الكريم نكهته الخاصة، وممارسة برامجهم وأنشطتهم الدينية والثقافية، وإشاعة الأجواء الإيمانية بين أقسام السجون.
ويقبع في سجون الاحتلال الصهيوني 5700 معتقل، بينهم 205 أطفال، من بينهم 36 طفلاً مقدسياً قيد الاعتقال المنزلي، و5 قاصرين محتجزين بما تسمى “مراكز الإيواء”، و47 معتقلة، بينهن 21 أماً، و8 قاصرات، و6 نواب بالمجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان)، و500 معتقل إداري (معتقلون بلا تهمة)، و700 مريض، بينهم 30 حالة مصابة بالسرطان.
ويتعمد الاحتلال التنغيص والتنكيد على الأسرى في شهر رمضان المبارك، وكسر فرحتهم باستقبال هذا الشهر الفضيل، بعدة إجراءات وممارسات قمعية تزيد من أوضاعهم صعوبة وقساوة.
برامج ومواعظ رمضانية
يقول الأسير علي المغربي، المحرر من سجن نفحة الصهيوني: “شهر رمضان المبارك له مذاق ونكهة خاصة لدى الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال من حيث العبادات والمسابقات والبرامج الدينية رغم كل إجراءات الاحتلال التعسفية”.
الأسير المحرر علي المغربي: شهر رمضان في السجون هو شهر عبادة وطاعة وتقرب إلى الله تعالى، وهو ما يغيظ الاحتلال وإدارة السجون التي تنغص على الأسرى أيام الصيام باقتحام السجون وتفتيشها.
وقال في حديث خاص مع موقع “بـصائر”: “نتنافس خلال الشهر الفضيل على إتمام حفظ القرآن الكريم، وذلك من خلال خلق حالة من التحدي التي تعكس الروح الإيمانية العالية، ومن البرامج التي نحرص على أدائها: حلقات الذكر، والمواعظ والدروس الإيمانية عقب الصلوات، خاصة التراويح والعصر”.
وأشار إلى أن شهر رمضان في السجون هو شهر عبادة وطاعة وتقرب إلى الله تعالى، وهو ما يغيظ الاحتلال وإدارة السجون التي تنغص على الأسرى أيام الصيام باقتحام السجون وتفتيشها، وحرماننا من استكمال البرامج.
وينتشر الأسرى كل يوم صباحاً في ساحات السجون، حيث يحمل كل منهم المصحف الكريم؛ لتلاوته وإتمام حفظه، فيما يلجأ البعض الآخر لقراءة بعض الكتب المتوفرة، أو متابعة برامج التلفاز حتى وقت العصر، حيث تبدأ حلقات الذكر والدروس والمواعظ كما يشير المغربي.
وقال المغربي: “هناك أيضاً برامج ثقافية أخرى وهادفة يقوم بها بعض الأسرى، مثل الأناشيد والشعر والآداب والفكاهة إلى جانب الأمسيات الفنية وليالي السمر.
إجراءات قمعية
أما الأسير المحرر أيمن الشراونة، المبعد إلى غزة، أشار إلى أن الأسرى يواجهون صعوبات كبيرة في تأمين ما يلزم لشهر الصيام بسبب إجراءات إدارة السجون القمعية، والتي تمنع دخول مستلزمات شهر رمضان من الطعام والشراب.
الأسير المحرر أيمن الشراونة: الأسرى يواجهون صعوبات كبيرة في تأمين ما يلزم لشهر الصيام بسبب إجراءات إدارة السجون القمعية، والتي تمنع دخول مستلزمات شهر رمضان من الطعام والشراب
وقال الشروانة في حديث لبصائر: “لكننا ورغم كل إجراءات الاحتلال، والعزلة عن العالم، كنا نستغل الشهر الفضيل في حفظ وختم القرآن الكريم، والتنافس فيما بيننا، وإقامة المسابقات الدينية والثقافية والمواعظ التي تهدف لإشاعة أجواء الفرح والسرور، والأجواء الإيمانية بين الأسرى”.
وأشار الشروانة إلى أن برامج الترفيه والألعاب الرياضية لها نصيب كبير لدى الأسرى بعد أداء صلاة التراويح، كلعبة الطائرة، وكرة القدم، وفقاً للإمكانيات المتوفرة بهدف إدخال البهجة لقلوب الأسرى.
وحول طبيعة الوجبات المقدمة للأسرى، أوضح أن لجان الطعام التي يتم تشكيلها تقدم ما هو متوفر داخل السجون من الحاجيات الرئيسة التي يتم إدخالها من قبل الأهل خلال الزيارات، وتم تخزينها لشهر رمضان المبارك، مضيفاً: “كنا نصنع الحلويات من بقايا الخبز المتبقي، وفي بعض الأحيان يتمكن بعض الأهالي من إدخال الحلويات رغم إجراءات الاحتلال العقابية والقمعية”.
ولفت إلى أن الأسرى يتجمعون قبل ساعة الإفطار في مشهد جماعي، حيث ينشط البعض في تلاوة القران الكريم والدروس الدينية، فيما يقوم البعض الآخر بتجهيز الطعام والتمور والشوربات وتوزيعها على الأسرى، وبعض الأسرى يقوم بالتجهيز لصلاة المغرب جماعة، وبعدها تبدأ وجبة الإفطار التي يعقبها صلاة التراويح التي تشمل الدروس والمواعظ.
أساليب تنكيد وتشويش
من جهته، قال الناطق الإعلامي للمركز الفلسطيني المختص بشؤون الأسرى الباحث “رياض الأشقر” بأن الأسرى كل عام يأملون مع قدوم شهر رمضان بأن تكون الأوضاع أفضل من ذي قبل، وأن ينعم الأسرى بأجواء إيمانية خاصة، يتفرغون فيها إلى العبادة وقراءة القرآن وحفظه، والصلاة الجماعية، والابتهال إلى الله بالدعاء، ولكن الاحتلال يبدد آمالهم في كل مرة بمزيد من الممارسات القمعية والتعسفية بحقهم خلال هذا الشهر الكريم.
وأشار “الأشقر” في بيان صحفي وصل لبصائر، إلى أن إدارة السجون تتعمد إرباك الوضع الاعتقالي بشكل مستمر، حتى لا يشعر الأسرى بخصوصية شهر رمضان، وذلك عبر عمليات الاقتحام والتفتيش والاستنفار الدائمة تحت حجج وذرائع واهية، والتي تستمر أحياناً منذ الصباح وحتى موعد الإفطار، أو تبدأ بعد الإفطار وتنتهي بعد أذان الفجر بعدة ساعات.
وأوضح “الأشقر” أن الاحتلال يتعمد في رمضان تقديم طعام سيء للأسرى كمّاً ونوعاً، ويرفع الأسعار في كنتين (مقصف) السجن بشكل مبالغ فيه عن الأيام الأخرى في غير رمضان، وذلك لإرهاق الأسرى مالياً، واستنفاذ مخصصاتهم المالية التي تصل إليهم من ذويهم، وتفرض عليهم كذلك شراء أصناف محددة قد لا يرغب بها الأسرى، إضافة إلى رفض إدخال مبلغ كنتين إضافي للأسرى في شهر رمضان من أجل تمكينهم من شراء احتياجاتهم الأساسية، وذلك إمعاناً في التضييق عليهم.
وبيّن “الأشقر” بأن من أساليب التنكيد على الأسرى خلال رمضان هي قيام الإدارة بمصادرة المراوح من غرف الأسرى، وخاصة في السجون التي تقع في الأجواء الصحراوية، حيث الحرارة والرطوبة مرتفعة، وتزداد صعوبة مع الصوم، مما يحوّل الغرف إلى أفران حارة، وكذلك تنفيذ تنقلات بين الأقسام والسجون لعدد من الأسرى، وهذا يخلق حالة من الإرباك والتوتر لدى الأسير، الذي يحتاج لوقت حتى يتكيف مع الوضع الجديد، إضافة إلى مضاعفة عمليات عرض الأسرى على المحاكم في رمضان، لما فيها من معاناة وتعب وسفر عبر البوسطة لساعات طويلة، وقد يرافقها اعتداء على الأسرى.
وإمعاناً في التضييق على الأسرى تعطّل إدارة مصلحة السجون إدخال الأغراض الخاصة بشهر رمضان، كالتمور وزيت الزيتون، والحاجيات التي يستخدمها الأسرى لصناعة الحلويات، والتي تحضرها المؤسسات المختصة أو الأهل خلال الزيارة.
وطالب “الأشقر” المؤسسات الحقوقية الدولية بضرورة التدخل لوقف اعتداءات الاحتلال على الأسرى خلال هذا الشهر الفضيل، وتوفير أجواء مناسبه لهم، لإقامة الشعائر الدينية التي تخصّ المسلمين في هذا الشهر، وتوفير كل مستلزمات الحياة لهم.
__________________
المصدر: موقع “بصائر”.