مطالبات صحفية وحقوقية بضرورة فتح الملف ومحاسبة الجاني
طالب صحفيون وحقوقيون بضرورة الضغط من أجل القصاص للصحفيين الذين تم استهدافهم خلال فض اعتصام رابعة منذ ست سنوات وضرورة تحقيق محلي و دولي بهذا الشأن ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم التي استهدفت الحقيقة ومنع نقلها قبل أن تستهدف حياة الصحفيين أنفسهم.
كما انتقدوا نقابة الصحفيين والمؤسسات الصحفية بسبب موقفها من هذه القضية واللامبالاة بهذا الشأن وعدم التحقيق في هذه الجرائم بل إن الأمر وصل إلى حد تكاتف النقابة مع النظام في معاداته لحرية الصحافة والقمع المستمر ضد المهنة وأبنائها بل وتبرير جرائم السلطات بحق الصحافة والحريات بشكل عام.
ففي الذكرى السادسة لفض رابعة يستعيد الوسط الصحفي الذكريات المؤلمة بشأن صحفيين دفعوا ثمن الحقيقة أثناء تغطية فض اعتصام رابعة وتم استهدافهم بغرض عدم وصول الحقيقة ولقي أكثر من صحفي حتفه أثناء فض اعتصامي رابعة العدوية، والنهضة, ومع ذلك لم تتحرك نقابة الصحفيين أو المؤسسات الصحفية للقصاص لهؤلاء ومحاسبة من قتلهم أو حتي مجرد فتح تحقيق في هذا الأمر بعد أكثر من ست سنوات.
و من بين هؤلاء الصحفيين، الصحفية الشابة حبيبة عبد العزيز بـ (صحيفة جلف نيوز)، ومصعب الشامي مصور شبكة رصد الإخبارية الالكترونية، و أحمد عبد الجواد الصحفي بجريدة الأخبار المملوكة للدولة، ومايك دين مراسل شبكة “اسكاي نيوز”، كما قتل تامر عبد الرؤوف الصحفي بصحيفة الأهرام المملوكة للدولة، في أحد نقاط التفتيش الأمنية بمحافظة البحيرة، أثناء حظر التجوال الذى فرض عقب فض الاعتصامين، ولم يتم التحقيق حتي الآن في مقتل هؤلاء خاصة أن من بينهم أعضاء نقابة الصحفيين فضلاً عن صحفيين آخرين قبل الفض وبعده لم يتم معرفة قاتلهم الحقيقي حتي الآن سواء الحسيني أبو ضيف أو أحمد عاصم أو ميادة أشرف.
وتعليقا علي هذا الأمر يقول الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقاً قطب العربي: إن نقابة الصحفيين لم تتخذ أي إجراء لأن نقيبها ومجلسها كانا ضالعين في الانقلاب ودعمه، وكانا يبرران العدوان علي الصحفيين بزعم أنها مجرد إجراءات مؤقتة وضرورية! كما لم تتصدى النقابة رغم تغير نقبائها للدفاع عن حرية الصحافة التي تدهس ليلاً ونهاراً ولم تدافع عن أبنائها الصحفيين المعتقلين بل روجت معلومات كاذبة عن أعدادهم بهدف تخفيف الضغوط علي النظام.
وأضاف العربي في تصريحات خاصة لـ “المجتمع ” بالنسبة لتحريك ملف الصحفيين ضحايا رابعة دوليا فهم جزء من عموم ضحايا رابعة وقد تم بالفعل عقب أقل من عام بعد المجزرة رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين المصريين، ولكنها لم تقبلها كما رفعت دعوى أخرى أمام القضاء البريطاني ولكنه أصدر حكماً مسيساً أيضاً يوفر حصانة قضائية للسيسي ويعتبره رئيس دولة وفِي نفس الوقت يحجب الحصانة القضائية عن بقية وزراء السيسي المتهمون بجريمة فُض رابعة ولكن رفع دعاية ضدهم يتطلب وجودهم علي الأرض البريطانية وهم لم يذهبوا إلى بريطانيا منذ صدور ذلك الحكم.
وختم كلامه بالقول: لن يتوقف قتل أو حبس الصحفيين طالما استمر هذا النظام العسكري المستبد، خاصة في ظل عدم محاسبة له أو مراقبة وسيكون هذا التوقف ووجود ممارسة صحفية حقيقية في إطار من الحرية فقط في حال وجود حكم مدني ديمقراطي ومع ذلك علينا ألا نفقد الأمل وأن نتحرك في كل اتجاه للقصاص لهؤلاء الصحفيين ومحاسبة من قتلهم.
من جانبه قال الكاتب الصحفي أحمد فراج عضو لجنة الحريات بنقابة الصحفيين إن ما جرى للصحفيين المصريين منذ 2013م وحتي الآن لم تشهده الصحافة المصرية علي مدار تاريخها سواء من حيث عدد القتلى أو عدد المعتقلين أو من حيث حجم التضييق والقمع للصحفيين ومنع التغطية الصحفية بشكل عام، الأمر الذي جعل مصر تحتل المركز الثالث عالمياً في الانتهاكات الصحفية وهذا أمر لم يحدث من قبل ولعل ما حدث في فض اعتصام رابعة تحديداً يؤكد ذلك بوضوح حيث استخدم الرصاص الحي لحجب الحقيقة بقتل ناقلها وليس فقط منعه من النقل أو القبض عليه وهذا يؤكد أن هذا عمل ممنهج.
ويبدي فراج في تصريحات خاصة لـ “المجتمع” استغرابه من موقف نقابة الصحفيين تجاه هذه الممارسات وما جرى لأبنائها ولم تحاول أن تقتص لهؤلاء أو حتي مجرد فتح تحقيق بشأن من مات قبل الفض أو بعده وهذا يؤكد السيطرة التامة للنظام علي النقابة مجلساً ونقيباً في هذا الشأن للحد الذي برر أحد النقباء حبس الصحفيين ونفي وجود حبس صحفيين من الأصل بل ووصل الأمر الي تجميد لجنة الحريات في عهد النقيب عبد المحسن سلامة وهي المنوط بها مثل هذه الأمور مما يعكس تجاهلاً تاماً لفتح مثل هذه الملفات.
وطالب فراج بضرورة الإلحاح في فتح هذا الملف والضغط علي النقابة والمؤسسات الصحفية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني من أجل فتح تحقيق شفاف ونزيه في هذا الأمر لمعرفة القاتل الحقيقي لهؤلاء الصحفيين ومحاسبته وكذلك العمل علي الإفراج عن الصحفيين المحبوسين بالسجون المصرية.
اما الحقوقي علاء عبد المنصف مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان فيري في تصريحات خاصة لـ “المجتمع” أن ما يتعلق بالقتل بشكل عام سواء صحفيين او غير صحفيين هو ديدن النظام في إطار الاستهتار بالحق في الحياة وفي ظل غياب المحاسبة فكان من الطبيعي أن يكون هناك قتل وحبس وتعذيب وخلافه، وفي غياب المحاسبة والمراقبة طبيعي أن تجد حالات قتل لكافة شرائح المجتمع المصري وليس الصحفيين فقط وإن كان استهدافهم مقصود لحجب الحقيقة.
ويضيف عبد المنصف: إذا تحدثنا عن الصحفيين تحديداً فان النظام المصري يخشي من هذه الفئة وهي تمثل خطر علي كافة الأنظمة القمعية من وجهة نظرهم لأنها الراصدة للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولأنها تظهر الحقيقة للمجتمع، وهذا ما حدث من جانب النظام المصري لأنه لا يريد إيصال الحقيقية للمجتمع المصري بل يريد أن يخفي هذه الانتهاكات تحت شعار “مصر تحارب الإرهاب” وعليه لا يجوز الحديث عن استحقاقات سياسية أو اقتصادية بشكل عام لأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة مع الإرهاب حسب رؤية وادعاء النظام المصري، و هذا جزء من التستر علي انتهاكات حقوق الإنسان المستمر بشكل عام.
أما فيما يتعلق بالملف من الناحية الدولية فمعروف أن هناك تصعيد مستمر منذ فترة طويلة ولا يحتاج إلى تصعيد آخر لأنه تم توثيق الجرائم بهذا الملف وغيره خاصة أن منظمات حقوقية وثقت هذه الانتهاكات وحتي الدول التي ساندت النظام أقرت بوجود خلل كبير في ملف حقوق الإنسان وبالتالي التصعيد مستمر لكن يبقي مسألة التوقيت في اتخاذ إجراءات ضد المنتهكين لهذه الحقوق، لأنه لا يوجد حتى الآن إجراءات حقيقية من جانب المجتمع الدولي في هذا الشأن.