يتفاخر الأردنيون بعادات وتقاليد ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، ويتباين التزامهم بها، ومنها اقتناء وحمل السلاح، الذي يرون أنه يضفي عليهم هيبة.
ويحتل الأردن المرتبة الرابعة عربيًا (بعد اليمن ولبنان والعراق) والثانية والثلاثين عالميًا، من حيث انتشار الأسلحة بين المواطنين، وفق دراسة صدرت قبل أيام عن “Small Arms Survey”، وهي منظمة بحثية غير حكومية مختصة بشؤون التسليح، ومقرها جنيف.
وثمة قيود غير مسبوقة على مشروعية اقتناء وحمل الأسلحة، تقترحها مسودة مشروع قانون معدل، قيد الدراسة في اللجنة القانونية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، منذ تحويله إليها في يونيو/حزيران الماضي.
وتحظر المسودة على الوزراء وأعضاء مجلس الأمة (البرلمان بشقيه) حمل السلاح، على عكس القانون الحالي.
كما تحظر على أي شخص التعامل ببنادق الصيد الأوتوماتيكية العاملة بوساطة مخزن ذخيرة ثابت أو متحرك يتسع لأكثر من طلقة .
وتستثنى من الحظر القوات المسلحة والأمن العام وقوات الدرك والمخابرات العامة والدفاع المدني، وأي موظف أو مستخدم في الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة والبلديات سُلمت إليه بندقية الصيد الأوتوماتيكية، بمقتضى وظيفته.
وتتوسع المسودة في العقوبات المقترحة لكل من يخالف أحكام القانون، وتمنح وزير الداخلية صلاحية إلغاء رخص وتصاريح حمل الأسلحة أو اقتنائها للأشخاص الطبيعيين، دون بيان السبب.
وتجيز اقتناء السلاح الأثري دون ترخيص، عندما يثبت بعد فحصه مخبريًا عدم إمكانية استخدامه.
وتحظر أيضًا تصدير الأسلحة والذخائر أو إعادة تصديرها إلى خارج الأردن، إلا بموافقة مجلس الوزراء، شريطة أن تكون تلك الأسلحة والذخائر مسجلة في السجل العام.
ولا تُمنح الموافقة، إذا لم يكن المستخدم النهائي للأسلحة حكومة الدولة المستوردة أو جيشها أو إحدى مؤسساتها الحكومية أو شخصًا مرخصًا له للتعامل بها، وفقًا لتشريعات تلك الدولة.
تغيير الثقافة المجتمعية
ليث نصراوين، أستاذ القانون في الجامعة الأردنية (حكومية)، قال للأناضول إن “القانون الحالي، المنظم لاستخدام الأسلحة والذخائر، هو قانون قديم صدر عام 1952، ويتضمن نصوصًا وأحكامًا لا يُقبل أن يتم تطبيقها حاليًا”.
وأوضح: “لا يُعقل أن يُسمح لأي وزير عامل أو سابق أو أعضاء مجلس الأمة بحمل السلاح، ليس هناك أي مبرر للإبقاء على النص الذي يعطيهم هذا الحق”.
وتابع أن “القانون الحالي يجيز ترخيص الأسلحة الأتوماتيكية، وأيضًا هذا يثير تساؤل عن حاجة الأردنيين لذلك”.
وشدد على أنه “إذا ما أردنا التمسك بسيادة القانون، وبأنه لا يجوز للشخص أن يستوفي حقه بذاته، نصل لنتيجة أنه لا مبرر للإبقاء على الأسلحة في أيدي الأردنيين”.
وزاد بقوله : “دائمًا كان السلاح أداة عز وافتخار بين الأردنيين، وحمله يدل على القوة والنفوذ والوجاهة”.
واستدرك: “إلا أن تعديل القانون يجب أن يترافق مع تغيير في هذه الثقافة المجتمعية، فحمل السلاح يتناقض مع سيادة وهيبة الدولة، وقدرتها على المحافظة على الأمن والآمان”.
ومضى قائلًا: “هناك أسلحة عديدة بين الأردنيين تم توارثها، ووجودها بينهم غير قانوني، على اعتبار أن القانون ينص على أن رخصة حمل السلاح شخصية، تنتهي بوفاة الشخص الطبيعي، وبالتالي تنتهي الرخصة بوفاة حاملها، سندًا للمادة 6 من القانون الحالي”.
إرجاء مشروع القانون
مقرر اللجنة القانونية في مجلس النواب، أحمد فريحات، قال للأناضول إنه “بعد الدراسة الأولية لمشروع القانون، وجدنا أنه لا يلبي المتطلبات، ولا يعالج المشاكل المتعلقة بحمل الأسلحة غير المرخصة واقتنائها، وبالتالي لن تتم مناقشته، وتم إرجاؤه لمرحلة ثانية”.
ويقول منتقدون إن اللجنة ترغب بترحيل المشروع المثير للجدل إلى البرلمان المقبل، حيث تنتهي الدورة البرلمانية الراهنة في 30 أبريل/ نيسان المقبل.
وقال زميله في المجلس، القانوني المخضرم ونقيب المحامين الأسبق، صالح العرموطي، إن “أي مشروع قانون يحال لأية لجنة، عليها البت به بأسرع وقت، ومن حق المجلس التنفيذي أن يطالب بإنجاز المشروع وتحويله إلى المجلس ومناقشته، ولا يجوز أن يتأخر”.
وأضاف العرموطي للأناضول أنه “وفق القانون الداخلي (للمجلس) الأصل من اللجان هو إنجاز جميع المهام الموكولة إليها قبل حل المجلس، وأن لا يتأخر أو يُرحل أي مشروع قانون، ويتم الإنجاز أولاً بأول؛ فالأصل أيضًا هو أن يعمل المجلس لأخر يوم في عمره”.
تقنين دون حظر مطلق
نقيب المحامين الأردنيين، مازن ارشيدات قال ناضول، إن “حمل السلاح له أصول، ويجب أن يكون هناك ضوابط في حمله واستخدامه”.
وزاد بقوله: “قديمًا كان من يحمل السلاح يعرف لماذا يحمله، أما الآن نرى السلاح في الشارع والملاهي الليلية، واختلفت العادات والتقاليد، ولم يعد هناك موروث شعبي في حمل السلاح”.
وختم بأنه “يجب أن تكون هناك ضوابط في حمل السلاح، ولكن إلغاء حمله بالمطلق أمر غير صحيح”.