– عملية الاغتيال سلطت الضوء على الوضع الأمني الهش في العراق وعلى عمليات التصفية التي لم تتوقف منذ احتلال العراق عام 2003
– الكاظمي: لن تدخر الأجهزة الأمنية جهداً في ملاحقة المجرمين
– برهم صالح: جريمة خسيسة وتمت على يد خارجين على القانون
– ردود فعل دولية غاضبة وتدعو لتقديم المسؤولين عن الاغتيال إلى العدالة
اغتال مسلحون، مساء أمس الإثنين، الخبير العراقي في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي (47 عاماً)، أمام منزله في منطقة زيونة وسط العاصمة بغداد، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة تجاوزت العراق لتصل إلى استنكار دولي وأممي.
وسلطت عملية الاغتيال التي طالت خبيراً معروفاً على المستوى الدولي بكتاباته الأكاديمية وتحليلاته الصحفية، الضوء على الوضع الأمني الهش في العراق، وعلى عمليات التصفية والاغتيال التي لم تتوقف منذ احتلال العراق عام 2003، حيث طالت عشرات آلاف المعارضين والناشطين والكتاب وأصحاب الرأي والاختصاصات العلمية الدقيقة.
وقد شهدت عمليات الاغتيال تراجعاً كبيراً بعد خروج رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي من الحكم عام 2014، ووصول خلفه حيدر العبادي بعد أن رفضت القوى السياسية العراقية المختلفة التجديد للمالكي لولاية ثالثة بسبب تغول الفصائل المسلحة على الدولة وانتشار الفساد وتراجع الوضع الأمني.
الاغتيالات عادت إلى المشهد العراقي من جديد عام 2018، على خلفية التظاهرات الشعبية التي اجتاحت العراق مطالبة بالتغيير وإسقاط النخبة الحاكمة، وقد أطاحت المظاهرات بعادل عبدالمهدي من رئاسة الوزراء بعد عام واحد في الحكم، وأتت بمدير المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي في 7 مايو الماضي، كرئيس وزراء توافقي.
الكاظمي يتوعد ويقيل مسؤولاً أمنياً
توعد الكاظمي بلهجة غاضبة بملاحقة القتلة لينالوا جزاءهم العادل، مؤكداً، في تصريح صحفي، أنه لن يسمح بأن تعود عمليات الاغتيالات ثانية إلى المشهد العراقي، لتعكير صفو الأمن والاستقرار.
وأعرب رئيس الوزراء العراقي عن حزنه لمقتل الخبير الإستراتيجي، واصفاً من نفذوا العملية بـ”الخارجين عن القانون”.
وأضاف: لن تدخر الأجهزة الأمنية جهداً في ملاحقة المجرمين، كما سنعمل بكل جهودنا في حصر السلاح بيد الدولة، وأن لا قوة تعلو فوق سلطة القانون.
كما أثنى الكاظمي على الدور الذي كان الهاشمي يقوم به، وقال بهذا الخوص: كان الفقيد من صناع الرأي على الساحة الوطنية، وكان صوتاً مسانداً لقواتنا البطلة في حربها على عصابات داعش، وساهم كثيراً في إثراء الحوارات السياسية والأمنية المهمة.
الكاظمي أقال على الفور قائد الفرقة الأولى بالشرطة الاتحادية، العميد الركن محمد قاسم من منصبه، بحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية العراقية، وعلى الرغم من عدم ذكر سبب الإقالة في بيان الداخلية، فإن المؤشرات كلها تدل على أن الإقالة جاءت على خلفية الاغتيال، حيث تتمركز الفرقة الأولى في الشطر الشرقي من بغداد المعروفة بـ”الرصافة” حيث منزل المغدور.
كما أدان رئيس الجمهورية برهم صالح عملية الاغتيال في تغريدة نشرها عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر” ووصف العملية بأنها “جريمة خسيسة، وتمت على يد خارجين على القانون”، مؤكداً أن أقل الواجب هو “الكشف عن المجرمين وإحالتهم إلى العدالة لضمان الأمن والسلام لبلدنا”.
من جهته، أدان رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، عملية الاغتيال في بيان طالب فيه الحكومة العراقية بالكشف عن التحقيقات التي أجريت في عمليات الاغتيال السابقة، أمام الرأي العام.
وقال الحلبوسي: على الأجهزة الأمنية كشف الجهات المتورطة بهذا العمل الجبان بشكل عاجل، ولا سيما بعد تكرار حالات الخطف والاغتيال لعدد من الشخصيات والأصوات الوطنية.
ردود فعل دولية
لم تقتصر ردود الفعل على الداخل العراقي، بل تعدته إلى الأمم المتحدة، وكل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
وأعربت ممثلة بعثة الأمم المتحدة في العراق المعروفة اختصاراً بـ”يونامي”، هينس بلاسخارت، عن صدمتها لاغتيال الهاشمي.
وقالت في تغريدة عبر “تويتر”: ندين بشدة هذا الفعل الخسيس والجبان، ونقدم تعازينا القلبية لعائلة الهاشمي وأحبائه، وأدعو الحكومة إلى تحديد الجناة بسرعة وتقديمهم للعدالة.
وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن “عميق حزنها” لاغتيال الهاشمي، وقالت السفارة الأمريكية في بغداد: إن بعثة الولايات المتحدة في العراق تعبر عن عميق حزنها جراء الاغتيال الجبان الذي طال الأكاديمي هشام الهاشمي.
ودعت، في بيان، الحكومة العراقية إلى الإسراع في تقديم المسؤولين عن اغتياله إلى العدالة.
من جهته، اعتبر سفير المملكة المتحدة في بغداد، ستيفن هيكي، في تغريدة، أن العراق “فقد أحد أفضل رجاله المفكرين الشجعان”.
وتابع: “لا يمكن لهذه الهجمات أن تستمر، إذ يجب على الحكومة العراقية وبدعم من المجتمع الدولي، محاسبة الجناة”.
يشار إلى أن الهاشمي حظي بسمعته الدولية، من خلال ظهوره المتكرر عبر وسائل الإعلام العربية والدولية، حيث يقدم تحليلات معمقة للشأن العراقي، خصوصاً ما يتعلق بالجماعات المسلحة مختلفة المشارب، فهو مختص بشؤون هذه الجماعات، وله مؤلفات عن “تنظيم الدولة” (داعش)، وعن “تنظيم القاعدة”، بينها كتاب “عالم داعش”، و”نبذة عن تاريخ القاعدة في العراق”، و”تنظيم داعش من الداخل”.
وقُبيل اغتيال الهاشمي بساعة واحدة انتقد خلال مقابلة مع قناة “يو تي في عراق” الفضائية، الفصائل المسلحة التي تطلق الصواريخ وتهاجم البعثات الديبلوماسية في العراق، المعروفة بـ”خلايا الكاتيوشا”.
وقال في حديثه: إن هذه الجماعات المتمردة تتحدى سلطة القانون والقوات المسلحة العراقية، وهي معروفة بأسمائها ومستمرة في التهديد والتحدي والمواجهة مع الدولة العراقية.
ورأى الهاشمي أن المواجهة تحولت الآن بين مضادات الصواريخ والقذائف الخاصة بحماية السفارة الأميركية من جهة، وخلايا الكاتيوشا من جهة أخرى، وكأن القوات الأمنية العراقية أصبحت في موقع المتفرج.
وأشار إلى أن قيام السفارات بحماية نفسها يعني أنها وصلت إلى حالة من فقدان الأمل بوعود الدولة العراقية التي يجب عليها حماية المنشآت الدبلوماسية في بغداد.
وتداول نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي فور انتشار خبر عملية الاغتيال رسائل تهديد قالوا: إنها وجهت للهاشمي مصدرها حزب الله العراقي، الذي دأب الهاشمي على انتقاده مؤخراً عبر تحليلاته وعبر منشوراته في وسائل التواصل الاجتماعي التي يحظى فيها بعدد كبير من المتابعين.