كما وعدناك أيها القارئ الكريم، سنبدأ هذا المقال بالعنصر أو النقطة رقم (4) التي تقول: “غزوة الخندق والاستخبارات في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمخبر الذي قام بالمهمة هو الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه”.
لعلك تتساءل: ما دخل هذه الأمور في مسألة التمثيل وفنون الدراما؟! نعم من حقك، ولكن هذه الأمور إذا لم يكن فيها التمثيل متقناً فرد الفعل والنتائج تكون جداً وخيمة عكسياً ومؤلمة وفاضحة، فلذلك هي تعتمد على فن التمثيل، ودقة وإتقان السيناريو المراد تطبيقه سواء آنياً أم بعد التطوير ومجاراة ما يستجد في الساحة من تقنية وآلية.
وأيضاً، أحاول في هذا الأمر أن أتطرق إلى فن التمثيل في كل المواقع والمواقف حتى لا يأتيني متعالم ويقول: هنا ممكن وجائز وهناك غير جائز، وحاولت أو أحاول أن أربط بين القصص أو القصة والرواية وإمكانية تمثيلها وتجسيدها بدلاً من روايتها كقصة، كما جاءت في قصص سورة الكهف، وسورة يوسف، بشكل أوضح وأدق.
غزوة الخندق:
المشركون كان عددهم في غزوة الخندق كما هو معلوم 10 آلاف مقاتل، حاصروا المسلمين ما يقارب من 40 يوماً أقل بقليل أو أكثر بقليل، ثم أرسل الله تعالى على الأحزاب الكافرة الريح فهدمت واقتلعت خيامهم، وطيرت وقلبت قدورهم.
يصف سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه تلك الليلة قائلاً: ما أتت علينا ليلة أشد منها برداً وسواداً وخوفاً من تلك الليلة، وما كان عليَّ رداء إلا رداء زوجتي من شدة فاقتي، وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن آتي بخبر القوم.
يقول رضي الله عنه: حينما نزلت عند الكفار وجدت الريح التي كانت عندهم هي أشد من ريحنا، وكان أبو سفيان عند النار، فهممت أقتله بسهمي فتذكرت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بألا أحدث أمراً إلا بأمره، فذهبت وجالست القوم، ومن شدة العتمة أخذ كل شخص يسأل من بجواره حتى لا يكون في مجلسهم غيرهم، فألهمني الله الفطنة فسألت من على يميني ومن على شمالي: من الرجل؟ وما سألني أحد.
وأخذ القوم يفكرون ويخططون للنجاة بأنفسهم، فعزموا على الرحيل، فأسرعت للرسول صلى الله عليه وسلم أخبره فكان يصلي، فوقفت بجانبه وأنا أرجف من البرد، فلفني بردائه وأنهى صلاته فسألني فأجبته.
في هذه الحادثة نجد حسن الاختيار لأداء الدور والمتمثل في اختيار سيدنا حذيفة رضي الله عنه، وتؤكد الخطة أيضاً أن هناك سيناريو يوم أن تم تمثيله نصرة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم والالتزام به تم الظفر، والدليل أنه كان بمقدوره أن يقتل أبا سفيان، إلا أنه أدرك أنه سيخرج عن النص بقتله أبا سفيان، فوجب عليه الالتزام بالنص الذي رسمه له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وموقعة الخندق أصلاً هي دليل على استمرار العمل المخابراتي حتى وصل المسلمون إلى معلومات مؤكدة، تؤكد توافق الأحزاب للحرب، وتؤكد نقض اليهود للعهد، فقام المسلمون بالعمل استباقاً بحفر الخندق حول المدينة، وكان ذلك وقام على أساس المعلومات الدقيقة التي حصلوا عليها عن العدو واستعداداته.
“الحرب خدعة” يحتمل هذا الموقف؛ موقف سيدنا حذيفة رضي الله عنه.
جائز الكذب في ثلاث أيضاً يحتمل ذلك.
المحصلة.. آلية العمل.. كتابة السيناريو والتطبيق تمثيلاً، وتطورات الآليات والعمل من قبل العدو تطوراً ومتابعته باطراد؛ لعدم السقوط بحبائله، ومن ثم العمل المقابل لنشاطات العدو لإيقافه وإفشال تخطيطه، وأيضاً العمل على تطوير الذات كآليات ومؤسسات في هذا المجال الخطير لعدم الوقوع في حبائل وفخاخ العدو كما أسلفنا، وعدم الجهل به فنياً واعتقادياً وتقنياً وتكنولوجياً.
في المقال القادم، سنتطرق إلى العنصر أو النقطة الخامسة التي تخص لعب الأحباش في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما الاستفادة منها للموضوع الذي نحن بصدده.
(حاول أن تجمعها ليتكامل الموضوع عندك)
___________________________
(*) إعلامي كويتي.