أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في 30 يوليو الماضي، أن الانتخابات المبكرة في العراق ستجري في السادس من يونيو 2021، وما أن أعلن عن الموعد حتى باشرت الأطراف التشريعية والتنفيذية والقضائية العراقية بالإعداد لهذه الانتخابات، وسارت بخطى متسارعة باتجاه حسم قانون الانتخابات من جهة، ودعم عمل مفوضية الانتخابات من جهة أخرى.
في هذه الأثناء، بدأت القوى الثورية الشبابية التي قادت مظاهرات ما يعرف عراقياً بـ”ثورة تشرين”، وهي المظاهرات التي أسقطت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، وأتت بالكاظمي كرئيس وزراء مؤقت بهدف تحقيق مطالب الإصلاح التي نادت بها التظاهرات، وفي مقدمتها إجراء انتخابات مبكرة، باشرت مجاميع شبابية مدارسة الموقف من الانتخابات وهل ستحقق مطالب الشارع.
كيان سياسي شبابي
وعلمت “المجتمع” من مصادر مطلعة في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، المركز الذي تدار منه التظاهرات في كل أنحاء العراق منذ أكتوبر الماضي، أن الشباب في الساحة يجرون مشاورات مكثفة فيما بينهم لإنشاء كيانات سياسية جديدة، نابعة من فكر الانتفاضة بهدف خوض الانتخابات ومنافسة الأحزاب التقليدية التي تحكم العراق منذ عام 2003.
وقال الناشط والصحفي ناصر الشيخيلي: إن مجموعة نشطاء في تنسيقيات التظاهرات توصلوا إلى تأسيس كيان يحمل اسم “العراق خيمتنا”، يضم مهتمين بالشأن السياسي وإعلاميين وناشطين.
وأضاف: الكيان الجديد سيشارك في الانتخابات البرلمانية المبكرة، من دون المشاركة في الحكومة، لأن الحلول التي ينتظرها الشعب تكمن في سن وتشريع القوانين التي تخدم الوطن والمواطن، فيما ستتشكل الحكومة الجديدة على القواعد والقوانين التي سنت قبل ذلك وهي سبب خراب البلد.
وأشار الشيخلي إلى أن هؤلاء الشباب يمتلكون أفكاراً وطنية وهدفهم الأساس تغيير الواقع المرير وواقع العملية السياسية المزري، وتمثيل المواطن العراقي تحت قبة البرلمان لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، والعمل على تعديل الدستور بصورة تلائم تطلعات الشارع العراقي وإيجاد الحلول للمشكلات المتراكمة على مدى 17 عاماً مضت.
وتابع الناشط في الحراك الشعبي بالقول: إن تطبيق القانون على الجميع بلا تمييز هو الطريق الذي يخرج العراق من عنق الزجاجة، لهذا سيعمل الكيان الجديد على هذه الجزئية لمحاسبة من أهدر مقدرات البلد منذ عام 2003، مشيراً إلى أن استغلال الإمكانات البشرية المعطلة لإعادة إعادة إعمار العراق، وتسخير الثروات الزراعية والمعدنية وتوجيهها بشكل صحيح سيأخذ العراق إلى مصاف الدول المتقدمة، بحسب قناعة القائمين على تأسيس الكيان الجديد.
مساعي للتأجيل
وفيما يسعى المتظاهرون لاستخدام بوابة الانتخابات لتحقيق مطالبهم، التي تدعو إلى تغيير الطبقة السياسية التي حكمت العراق بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، تعمل القوى السياسية النافذة على تأجيل الانتخابات بحجة أن فترة الدعاية لها تتزامن مع شهر رمضان، وأن صوم المرشحين يعرقل تحركاتهم.
وتسعى هذه الأطراف إلى التصويت على قانون الانتخابات في مجلس النواب وإعلان المواعيد البديلة التي قد تكون في شهر سبتمبر من العام المقبل.
عضو تحالف سائرون حسين الزيادي، أكد لـ”المجتمع” أن كتلاً شيعية تعقد اجتماعات مكثفة مع رئاسات الوزراء والبرلمان والجمهورية لبحث مسألة تأجيل الانتخابات.
وقال الزيادي: إن سبب طلب التأجيل أن موعد الانتخابات المبكرة سيصادف في شهر رمضان الذي يصادف في شهر مايو تقريباً، وهذا سيكون عائقاً أمام المرشحين لإجراء حملاتهم، فدرجات الحرارة العالية في العراق ستكون عائقاً أمامهم وأمام الناخبين الذين سيعزف أغلبهم عن التصويت بسبب ارتفاع درجات الحرارة والصيام.
وأضاف: إلى جانب ذلك هناك مشكلات مالية تواجه العراق، وتقدر مفوضية الانتخابات تكلفة الانتخابات بحوالي 300 مليون دولار، إلى جانب وجود مشكلات في الملف الأمني الذي يحتاج إلى تهيئة.
ونوه عضو تحالف سائرون إلى وجود معوقات تشريعية، فهناك حاجة إلى تغيير أو استكمال قانون الانتخابات البرلمانية، قبل تحديد موعد إجراء الانتخابات، معرباً عن اعتقاده أن الاجتماعات واللقاءات المكوكية ستنتهي قريباً وستصل إلى أفكار توافقية، ومواعيد جديدة أو بديلة عن التوقيتات التي اقترحها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.
وختم الزيادي حديثه بالقول: بعد أن يتم إقرار قانون الانتخابات وتعديلاته ستكون الأمور واضحة بشكل أفضل، وهناك احتمال تغيير نظام الانتخابات إلى الدوائر المتعددة بدل الدائرة الواحدة، وهو ما يعني أن مفوضية الانتخابات ستحتاج إلى وقت أكثر لإتمام الاستعدادات للعملية الانتخابية، قد يمتد إلى شهر سبتمبر 2021، فالمفوضية مطالبة بتحديث سجل الناخبين للدوائر الانتخابية تفادياً لمحاولات تزوير الانتخابات.
تجدر الإشارة إلى أن آخر انتخابات برلمانية أجريت بالعراق كانت في مايو 2018، بعد تأخير عدة أشهر بسبب الحرب على “تنظيم الدولة” (داعش).
وكان من المقرر أن تتم الانتخابات المقبلة عام 2022، لكنه جرى تقديمها تحت وطأة الاحتجاجات التي اشتعلت في العراق منذ أكتوبر الماضي، وأطاحت هذه الاحتجاجات بعد شهرين من اندلاعها برئيس الحكومة السابقة عادل عبدالمهدي.
ويتمتع البرلمان العراقي بصلاحيات واسعه، فأعضاؤه يصوتون على اختيار رئيس الوزراء ورئيس البلاد، وينص الدستور العراقي على أن العراقيين ينتخبون ممثليهم في البرلمان مرة واحدة كل أربع سنوات، ويبلغ عدد أعضاء البرلمان 329.