وصل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس السبت، إلى محافظة البصرة أقصى جنوبي البلاد، برفقة وفد أمني وعسكري رفيع المستوى، سعياً لاحتواء الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في المحافظة وعموم جنوب العراق، احتجاجاً على اغتيال نشطاء منظمات المجتمع المدني.
وكان الكاظمي غرد عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر” قائلاً: التواطؤ مع القتلة أو الخضوع لتهديداتهم مرفوض، وسنقوم بكل ما يلزم لتقوم أجهزة وزارة الداخلية، والأمن بمهمة حماية أمن المجتمع، من تهديدات الخارجين على القانون.
وأضاف: أقلنا قائد شرطة البصرة وعدداً من مديري الأمن بسبب عمليات الاغتيال الأخيرة، وسنقوم بكل ما يلزم لتضطلع القوى الأمنية بواجباتها.
ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء العراقي بقادة الأمن بالمحافظة ووجهاء وأعيان البصرة، إلى جانب ناشطين بارزين في المحافظة النفطية.
نداء عاجل للحكومة
وتزامنت زيارة الكاظمي مع نداء عاجل وجهه 134 ناشطاً عراقياً من مختلف المحافظات في العراق، إلى الحكومة والمجتمع الدولي للتدخل، على خلفية تلقيهم تهديدات يومية بالتصفية.
ونشر الناشطون بياناً عبروا فيه عن مخاوفهم من عمليات التحريض ضدهم التي تجري على مواقع التواصل الاجتماعي، وأشاروا إلى ما وصفوه بـ”تقارير موثوقة” عن وقوع عشر محاولات اغتيال في بابل وبغداد والبصرة وذي قار خلال أغسطس الجاري، مطالبين الحكومة بالتصدي لجميع التهديدات وعمليات التصفية التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني، إضافة إلى دعوتهم المجتمع الدولي إلى دعم جهود المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق.
وكانت قوات الأمن العراقية أغلقت الشوارع الرئيسة في مدينة البصرة بعد أن أضرم المحتجون النار في مبنى البرلمان المحلي وفي عدد من مقرات الأحزاب، رداً على مقتل قادة الاحتجاجات، بحسب وسائل إعلام محلية.
وفي محافظة ذي قار، هاجم متظاهرون بجرافات في مدينة الناصرية مركز المحافظة، مكاتب أحزاب بعد انفجار تسبب بإصابة 11 متظاهراً، خلال الليل في ساحة الحبوبي.
التصعيد في محافظات الجنوب العراق جاء إثر إقدام مسلحين على اغتيال الشابة ريهام يعقوب (29 عاماً)، في سيارتها بالبصرة الأربعاء الماضي، وهي إحدى قادة الاحتجاجات وناشطة في مجال المجتمع المدني، وتعد من أبرز منتقدي الفصائل المسلحة التي تنتشر في العراق وتعتبر خارجة عن القانون.
وفي ذات الأسبوع، قتل الناشط تحسين أسامة (30 عاماً) بالرصاص، في حين أُصيب 4 آخرون بهجومين منفصلين، في موجة استهداف للنشطاء الذين ينظمون التظاهرات الاحتجاجية منذ أكتوبر الماضي، ضد الأحزاب التي تقود العملية السياسية منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003 ويتهمونها بالفساد وتضييع ثروات البلاد.
إدانات دولية
محاولة اغتيال النشطاء العراقيين أثرت على سمعة العراق، التي تحاول حكومة الكاظمي ترميمها أمام المجتمع الدولي، حيث أدانت 16 دولة وبعثة الاتحاد الأوروبي لدى بغداد الاغتيالات، في بيان مشترك صادر عن سفارات دول: فرنسا، وألمانيا، والمجر، وإيطاليا، وأستراليا، وبلجيكا، وبلغاريا، وكندا، وفنلندا، وهولندا، وبولندا، وإسبانيا، وكرواتيا، والتشيك، والسويد، والمملكة المتحدة، إضافة إلى بعثة الاتحاد الأوروبي المعتمدة لدى العراق.
وأعرب الموقعون على البيان عن قلقهم العميق إزاء التصعيد الأخير في حالات العنف ضد ناشطي المجتمع المدني، وقالت: إنها تدين على وجه الخصوص الاغتيالات التي استهدفت الناشطين في مدينة البصرة وبغداد في ظل حملة ممنهجة من التهديدات العلنية والترهيب.
ودعت وزارة الخارجية الأمريكية الكاظمي علناً إلى محاسبة الفصائل المسلحة بعد يومين فقط من إقالته لقادة الشرطة والأمن الوطني في البصرة وتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الهجمات.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في تغريدة، العراق إلى تفكيك كافة “المجموعات المسلحة” الموجودة على أراضيه، والتحقيق للوصول إلى من يقف وراء عمليات الاغتيال ومحاسبتهم.
يشار إلى أن حوادث اغتيال النشطاء تتكرر بين فترة وأخرى، منذ اندلاع المظاهرات الشعبية، وسط صمت أمني، رغم تبليغ الجهات الأمنية عنها لاتخاذ الإجراءات المناسبة، وفي أغلب الحالات تقيد الحوادث ضد مجهول بسبب ممارسة أحزاب نافذة ضغوطا لعدم إظهار الحقيقة، بحسب ما يقول النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي.
وبدأ الحراك الشعبي في العراق في أكتوبر 2019، ونجح في الإطاحة بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، ولا يزال مستمرا على نحو محدود، ووفق أرقام الحكومة فإن 565 شخصاً من المتظاهرين وأفراد الأمن قتلوا خلال الاحتجاجات، بينهم عشرات الناشطين الذين تعرضوا للاغتيال على يد مجهولين.